كذلك كل ما تميز به شعر زهير بن أبي سلمى والتفاصيل الخاصة بحياته، لذا نرجو أن تكونوا قد استفدتم من هذا الموضوع بشكل كبير وواضح دمتم بخير.
[١] كان زهير بن أبي سلمى من المعمّرين، فقد عاش قرابة مئة عام، تشير الروايات إلى أنَّه ولد عام 530م وهذا التاريخ محل شكٍّ فليس ثمَّة ما يؤمد صحة هذا التاريخ، كما أنَّ وفاته أيضًا متوقّعة وليس مؤكدة، وقد قيل إنَّه توفِّي بين عام 611 و627م، أي إنَّ وفاته كانت قبل بعثة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بوقت قليل، ويُقال إنَّ زهير بن أبي سلمى كان على ملِّة نبي الله إبراهيم -عليه السَّلام- وهذا ما أشارت إليه قصائده، وقد وردتْ عنه مقولة قال فيها في آخر أيام حياته: "إني لا اشكّ أنَّه كائنٌ من خبرِ السَّماء بعدي شيء، فإنْ كان فتمسّكوا به، وسارعوا إليه"، والله تعالى أعلم.
63 مقولة عن حكم زهير بن ابي سلمى:
بلادٌ بها نادَمْتُهُمْ وألِفْتُهُمْ * فإنْ تُقْوِيَا مِنْهُمْ فإنّهُما بَسْلُ الضمير في تقويا لمحجر، وجزع الحسا المذكورين في البيت السابق، وبسل: أي حرام. إذًا الضمير في الفعل تقويا في هذا البيت يعود إلى محجر، وجزع الحسا، المكانين المذكورين في البيت السابق. وكلمة بسل معناه: حرام، أي: لا أقربهما. إذا فزعوا طاروا، إلى مستغيثهم * طوالَ الرماحِ، لا قصارٌ، لا عزلُ فزعوا: أي فزعوا وهبوا عن الاستغاثة بهم، والعزل: الذين لا سلاح لهم. بخيلٍ عليها جنةٌ عبقريةٌ * جَديرونَ يَوْمًا أن يَنالُوا فيَستَعلُوا بخيل: أي طاروا إلى مستغيثهم بخيل، أي: ركبوا خيلًا، وقد وصف الخيل بأنها جنة عبقرية، وعبقرية: نسبة إلى عبقر، بلد تزعم فيها الجن. وإنْ يُقْتَلُوا فيُشْتَفَى بدِمائِهِمْ * وكانُوا قَديمًا مِنْ مَنَاياهُمُ القَتلُ يشتفى بدمائهم، أي: يشفى عدوهم بهم لشرفهم، والمراد: أن أعداءهم إذا قتلوا أحدًا منهم استراحوا، وافتخروا بظفرهم بهؤلاء الأشراف، ومن مناياهم القتل، معناه: أنهم لا يموتون على فرشهم، أو أنهم يتمنون ذلك. عَلَيها أُسُودٌ ضارِياتٌ لَبُوسُهُمْ * سوابغُ بيضٌ، لا يخرقُها النبلُ عليها أسود: أي على هذه الخيل أسود، ضاريات: متعودات على الحرب، وسوابغ: وصف لدروعهم التي يلبسونها، أي: دروعهم واسعة، وبيض: أي لا صدأ بها.
فلما حضره الموت جعل يقسم ماله في أهل بيته وبين إخوته. فأتاه زهير فقال: يا خولاه لو قسمت لي من مالك!! فقال: والله يابن أختي لقد قسمت لك أفضل ذلك وأجزله. قال: وما هو؟ قال: شعري وَرَثتنيه. وقد كان زهير قبل ذلك قال الشعر، وقد كان أول ما قال. فقال له زهير: الشعر شيء ما قلته فكيف تعتد به عليّ؟ فقال بشامة: ومن أين جئت بهذا الشعر! لعلك ترى أنك جئت به من مزينة وقد علمت العرب أن حصاتها وعين مائها في الشعر لهذا الحي من غطفان ثم لي منهم، وقد رَوَيته عني، وأحذاه. نصيبًا من ماله ومات. كان لزهير ابنٌ يقال له: سالم، وكان من أم كعب بن زهير، جميل الوجه حسن الشعر.
تِهامونَ نَجْدِيّونَ كَيْدًا ونُجعَةً * لكُلّ أُناسٍ مِنْ وَقائِعهمْ سَجْلُ تهامون نجديون: منسوبون إلى تهامة ونجد؛ لأنهم لا يمنعهم مانع منهما لقدرتهم. وكيدًا: أي لعدوهم فيهما، ونجعة: طلبًا للمرعى، والسجل: الدلو المملوء ماء استعير للنصيب أو الحظ. هُمُ ضَرَبُوا عَن فَرْجِها بكَتيبَةٍ * كبيضاءِ حرسٍ، في طوائفها الرجلُ عن فرجها: أي عن ثغرها، والضمير لتهامة ونجد، وحرث: جبل، وبيضاؤه: رأس مستدير طويل دقيق في أعلاه، وفي طوائفها الرجل: أي في طوائف الكتيبة المقاتلون المترجلون. مَتى يَشتَجرْ قوْمٌ تقُلْ سرَواتُهُمْ: * هُمُ بَيْنَنا فهُمْ رِضًا وَهُمُ عدْلُ ثرواتهم: أي أشرافهم، وهم بيننا: أي هم حكم بيننا؛ لأنهم عدول. همُ جردوا أحكامَ كلِّ مضلةٍ * منَ العُقْمِ لا يُلْفى لأمثالِها فَصْلُ أي: بينوا وفصلوا أمورها بصحة آرائهم. ومضلة: حرب تضل الناس، أو أمر جلل، يجعلهم يتحيرون. بعزمةِ مأمورٍ، مطيعٍ، وآمرٍ * مطاعٍ فلا يلفَى لحزمهمُ مثلُ بعزمة: متعلق بـ"جردوا" في البيت السابق، ويلفى: أي يوجد. ولستُ بلاقٍ، بالحجازِ، مجاورًا * ولا سفرًا إلَّا لهُ منهمُ حبلُ سفرًا، معناه: مسافرًا، الحبل: المراد به: العهد، والذمة.
وفي رواية أخرى أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال مبتدئاً: «من ظلم سلَّط الله عليه من يظلمه أو على عقبه، قال الراوي: فذكرت في نفسي، فقلت: يظلم هو، فيسلّط الله على عقبه، أو عقب عقبه؟ فقال لي قبل أن أتكلم: إنّ الله يقول:{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذريّة ضعافاً خافوا عليهم، فليتّقوا الله وليقولوا قولاً سديداً}(7)» (8). وهذا يعني أن الإنسان مرّة يجني ثمرة عمله في نفسه، إن كان محسناً يسعد في حياته، وإن كان ظلوماً يذوق وبال ظلمه {فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره}(9). وقوله تعالى:{إن الله تعالى لا يضيّع أجر المحسنين}(10)، {له في الدنيا خزي}(11). إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على أن الخير والشر من العمل له نوع انعكاس وارتداد إلى عامله في الدنيا. وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعاف. ومرّة يكون الأمر أوسع من ذلك، إن عمل الإنسان خيراً أو شراً ربما عاد إليه في ذريته وأعقابه، قال تعالى: {أما الجدار فـــكان لغلامين يتيـــمين في المديــنة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك} (12)، وقال تعالى: {و ليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم.. } (13).
إذن العمل الصالح والطالح، النعمة والمصيبة كثيراً ما يحلاّن على الإنسان بما كسبت يداه وهذا أمر مألوف ومشهود، وأيدي آبائه. ولكنّ السؤال هنا كيف يحمّل الباري عزّ وجل جزاء شخص على شخص آخر؟، وماذا فعل أبناء الظالم حتى يبتلوا بمن يظلمهم، ويتحمّلوا وِزر ما جناه والدهم؟ أليس هذا ما يناقض قوله تعالى في العديد من آياته الشريفة؟ أمثال: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا نزر وازرة وزر أخرى}(14). {من أهتدي فإنما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنما يضلّ عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى}(15). {و لا تزر وازرة وزر أخرى.. } (16) (17) (18). خطبة عن ( صلاح الآباء ينفع الأبناء) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. {كل امرئ بما كسب رهين}(19). {كل نفس بما كسبت رهينة}(20). أولاً: إنّ هذه الآيات على اختلافها تشير إلى ما نحن بصدده وإنما هي إما منحصرة في المسائل الإعتقادية (التوحيد، النبوة، المعاد) وإما إنها تشير إلى جانب العقوبة الأخروية وما يكسبه الإنسان في هذه الأمور يكسبه على نفسه فقط ولا يتعدّاها إلى عقبة أو عقب عقبة. فالمشرك بالله والكافر، أو الرافض لتعاليم الرسل والأنبياء أو المنكر ليوم الآخرة سيكتوي بنار اعتقاداته الخاطئة وأفكاره المنحرفة ولا ينال أولاده وأحفاده من ذلك شيئاً. الله عزّ وجل يقول بحق الأمم السالفة التي عبدت غير الله {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عمّا كانوا يعملون}(21).
أبو الهيثم 2 0 26, 578
قال: فضقت ذرعا بما سمعت. قال: فقلت لابن الديلمي: يا أبا بشر ، بودي أنه لا يولد لي ولد أبدا! قال: فضرب بيده على منكبي وقال: يابن أخي ، لا تفعل ، فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن تخرج من صلب رجل إلا وهي خارجة إن شاء ، وإن أبى. قال: ألا أدلك على أمر إن أنت أدركته نجاك الله منه ، وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم الله فيك ؟ قال: قلت: بلى!
(p-١٦٢)والقَوْلُ الرّابِعُ: أنَّ هَذا أمْرٌ لِأوْلِياءِ اليَتِيمِ، فَكَأنَّهُ تَعالى قالَ: ولْيَخْشَ مَن يَخافُ عَلى ولَدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أنْ يَضِيعَ مالُ اليَتِيمِ الضَّعِيفِ الَّذِي هو ذُرِّيَّةُ غَيْرِهِ إذا كانَ في حِجْرِهِ، والمَقْصُودُ مِنَ الآيَةِ عَلى هَذا الوَجْهِ أنْ يَبْعَثَهُ سُبْحانَهُ وتَعالى عَلى حِفْظِ مالِهِ، وأنْ يُتْرَكَ نَفْسَهُ في حِفْظِهِ، والِاحْتِياطُ في ذَلِكَ بِمَنزِلَةِ ما يُحِبُّهُ مِن غَيْرِهِ في ذُرِّيَّتِهِ لَوْ خَلَفَهم وخَلَفَ لَهم مالًا. قالَ القاضِي: وهَذا ألْيَقُ بِما تَقَدَّمَ وتَأخَّرَ مِنَ الآياتِ الوارِدَةِ في بابِ الأيْتامِ، فَجَعَلَ تَعالى آخِرَ ما دَعاهم إلى حِفْظِ مالِ اليَتِيمِ أنْ يُنَبِّهَهم عَلى حالِ أنْفُسِهِمْ وذُرِّيَّتِهِمْ إذا تَصَوَّرُوها، ولا شَكَّ أنَّهُ مِن أقْوى الدَّواعِي والبَواعِثِ في هَذا المَقْصُودِ. المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قالَ صاحِبُ "الكَشّافِ": قُرِئَ: ضُعَفاءَ، وضُعافى، وضَعافى: نَحْوُ سُكارى وسَكارى.
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا قال سعيد بن جبير وقتادة: كان المشركون يجعلون المال للرجال الكبار، ولا يورثون النساء ولا الأطفال شيئاً فأنزل اللّه: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} الآية. أي الجميع فيه سواء في حكم اللّه تعالى، يستوون في أصل الوراثة، وإن تفاوتوا بحسب ما فرض اللّه لكل منهم، بما يدلى به إلى الميت من قرابة، أو زوجيه، أو ولاء، فإنه لحمة كلحمة النسب. وروى ابن مردويه عن جابر قال: {أتت أم كحة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت: يا رسول اللّه إن لي ابنتين قد مات أبوهما وليس لهما شيء. وليخش الذين لو تركوا تفسير. فأنزل اللّه تعالى {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} الآية. وقوله: {وإذا حضر القسمة} الآية.