وسبب ذلك ما قام في قلب العبد من كمال الرضا بالله -تعالى- وبدينه وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " وجعلت قرة عيني في الصلاة "، وفي حديث آخر: " أرحنا بالصلاة يا بلال "؛ فهو -عليه الصلاة والسلام- أكمل الناس رضا عن الله -تعالى-، ولأجل ذلك كان يستروح بالصلاة، وجعلت قرة عينه فيها، فكان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه من طول القيام، ولا يحس بذلك؛ لما يجد من لذة في مناجاة الرب -جل جلاله-. ولأهمية هذا الرضا واحتياج المسلم إلى تأكيده وتذكره على الدوام رُبط بالنداء إلى الصلاة المفروضة خمس مرات في اليوم والليلة؛ فشُرِع للمسلم عقب إعلان المؤذن دخول وقت الصلاة أن يقول من جملة ما يقول في الأذكار عقب الأذان: "رضيت بالله، رباً وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً"؛ فمن قال ذلك غُفر له ذنبه كما جاء في صحيح مسلم. وشرع للمسلم -أيضاً- أن يفتتح صباحه ومساءه بهذا الذكر العظيم؛ فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " ما من عبد يقول حين يمسي وحين يصبح: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة "(الترمذي وابن ماجه). حسبي الله..-رضيت بالله ربا..-من قال أستغفر.. أحاديث صحيحة - إسلام ويب - مركز الفتوى. إن الرضا بالله -تعالى- رباً، وبالإسلام ديناً وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً- يثمر ثمرات قال ابن القيم -رحمه الله-: " رِضاه عن ربِّه -سبحانه- في جميع الحالات يُثمر رِضا ربِّه عنه؛ فإذا رَضِي عنه بالقليل من الرِّزق، رضي ربُّه عنه بالقليلِ من العمَل، وإذا رضِي عنه في جميعِ الحالات واستوَت عنده، وجَدَه أَسرع شيء إلى رِضاه إذا ترضَّاه وتملَّقه ".
وكيف يرتاح؟! رضيت بالله ربا كلمات. وكيف يحيا؟!. والرضا سببٌ يوجب الجنة للعبد، يقول -تعالى-: ( لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[المائدة: 119], وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " من قال: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً، وجبت له الجنة "(رواه مسلم). فحري بالعبد أن يقف مع نفسه وقفات، ويساءل نفسه ويراجعها عن رضاه عن الله وأقداره وتشريعاته، ورضاه عن الحلال والاكتفاء به، وبغضه للحرام والانتهاء عنه، ومتابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل أحواله، ويرضى بالإسلام عقيدةً وشريعةً ومنهج حياة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فعن رجل من الصحابة رضي الله عنه مرفوعًا: « مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ، وَحِينَ يُمْسِي: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإسْلاَمِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- نَبِيًّا، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة » (صححه لغيره محقق العمل للنسائي، ومحقق صحيح الأذكار وضعيفة). وهذا الحديث جاء من حديث المُنيذر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: « من قال إذا أصبح: رضيتُ بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم نبياً فأنا الزعيم لآخذنَّ بيده حتى أُدخِلَهُ الجن َّةَ » (رواه الطبراني، وحسَّنه الألباني). رضيت بالله ربا - طريق الإسلام. معاني ألفاظ الحديث: 1- « رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا »: يعني قنعت به واكتفيت، فهو ربي ومعبودي. 2- « وَبِالإسْلاَمِ دِينـًا »: أي رضيت به دينـًا ألتزم بتعاليمه وأطبق شريعته، ولم أسعَ في غير طريقه. 3- « وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا »: أي رضيت به نبيًا رسولاً، ورضيت بطاعته والتزام شريعته. الشرح: الله تعالى هو الإله الحق، والرب الحق الذي لا تنبغي الألوهية والربوبية إلا له وحده لا شريك له، وما سواه من الآلهة والمعبودات فباطلٌ زائلٌ؛ فهو المعبود بحق، وكل ما دونه باطل.
الحمد لله. رضيت بالله ربا و بالاسلام دينا. أولا: هذا الحديث يرويه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنْ قَالَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ) رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/36)، وعبد بن حميد في " المسند " (ص308)، وأبوداود في " السنن " (رقم/1529)، والنسائي في " السنن الكبرى " (9/7)، وابن حبان في " صحيحه " (3/144)، والحاكم في " المستدرك " (1/699) وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ". جميعهم من طريق زيد بن الحباب ، حدثنا عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني ، حدثني أبو هانئ الخولاني ، أنه سمع أبا علي الجنبي ، أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه. وهذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات ، ليس فيه مطعن ظاهر. وجاء الحديث أيضا بلفظ قريب من اللفظ السابق ، رواه أحد تلاميذ أبي هانئ الخولاني ، وهو عبدالله بن وهب ، عن أبي هانئ ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي – وليس عن أبي علي الجنبي – عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( يَا أَبَا سَعِيدٍ ، مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ.
أكل المال بالباطل أو الحرام، إنما يحدث تدريجياً وباليسير منه بادئ ذي بدء، ثم يتطور وتتعقد الأمور. يساعد على ذلك التقدم والتعمق في الحرام، انحسار أو تراجع ملحوظ في الإيمان. أي أنها عملية عكسية. كلما زاد الأكل من الحرام، ضعف الإيمان وقسى القلب حتى يبلغ مستوى التحجّر، فلا يتأثر حينذاك بموعظة أو نصيحة، خاصة إن وجد من يكيّف له الأمور ويزينها من الإنس قبل الجن، بشكل قانوني عبر ثغرات لا يعرفها إلا المختصون في القوانين، أو بشكل ديني عبر لَيّ أعناق النصوص الشرعية، لتتوافق وتطلعات آكل الحرام والعياذ بالله. زبدة الكلام أكل أموال الناس بالباطل، عمل لا أخلاقي ولا إنساني، قبل أن يكون عملاً محرماً قانوناً وشرعاً. خطبة عن قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. هو انتكاسة في الأخلاق والإنسانية، يصلها الإنسان بسبب حبه الجم للمال، وحب الإكثار منه والولع به إلى درجة الفحش، لا تضبطه روادع وزواجر على شكل قوانين أو أخلاقيات أو إيمانيات. من يكون همه الإكثار من ماله بأي شكل من الأشكال، لابد أن يتفكر لحظات أو يوقفه أحد للتنبيه على أن هذا المال سيكون أحد أربعة أمور سوف يُسأل عنها يوم القيامة، والمالُ تحديداً قد خُصص له سؤالان، كما في الحديث الصحيح: «لا تزولُ قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمرِه فيم أفناه؟ وعن علمه ماذا عمِل به؟ وعن ماله من أين اكتسبَه ، وفيم أنفقهُ؟ وعن جسمه فيم أبلاهُ؟ بالإضافة إلى أن المال الحرام سيكون سداً منيعاً أمام دعواته بالليل والنهار، والتي ستكون حدودها سقف غرفته لا أكثر.
الوقفة الخامسة: قوله سبحانه: { عن تراض}، هذا التعبير يفيد أن الأصل في إبرام المعاملات الاقتصادية هو التراضي، فإذا تراضى المتعاقدان بتجارة، أو طابت نفس المتبرع بتبرع، ثبت حلِّه بدلالة القرآن، بيد أن هذا التراضي ليس مطلقاً، بل ينبغي أن يكون مقيداً بضوابط الشرع. فإذا تراضى المتعاقدان على تعامل حرمه الشرع، كالربا وبيع الخمر ونحوهما، كان العقد باطلاً شرعاً، ولا عبرة بتراضيهما. إعراب و تفسير سورة البقرة ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلي الحكام. الوقفة السادسة: إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين { لا تأكلوا أموالكم}، { ولا تقتلوا أنفسكم} فيه دلالة - كما قال السعدي - على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية. الوقفة السابعة: هذه الآية - كما قال ابن عاشور - أصل عظيم في حرمة الأموال وصيانتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع، ( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه) رواه الدار قطني. وهي تفيد أن الناس إن دخلوا في أي معاملات محرمة وباطلة وظالمة، وقبلوا أي مبدأ مستند إلى هذا النوع من التعامل، كالرأسمالية، ونحوها، فإن ذلك سيؤدي إلى اختلال حركة الاقتصاد في المجتمع، وفتح الباب أمام الظلمة وعُبَّاد المال لتولي زمام الأمور، ما ينتج عنه أزمات وصراعات داخلية، تودي باستقرار المجتمع.
وأنت المخاطب به. وفي قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا. ( لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ). ينهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضا بالباطل، أي: بأنواع المكاسب المحرمة والتي هي غير شرعية.. وأكل أموال الناس بالباطل له صور متعددة في معاملاتنا منها الربا والقمار واكتساب المال بالغش في البيع والتجارة. أو بالكذب أو بالرشوة. أو بالإتجار في المحرمات أو بالإستيلاء على حقوق الورثة وبالسرقة والغصب والخيانة والظلم وغيرها. فكل من استولى على أموال الغير بطرق محرمة أو في سلع محرمة فهو آكل أموال اللناس بالباطل. لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل - خطبة - عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر. روى البخاري في صحيحه، عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضى الله عنها. قَالَتْ. سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِى مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». ، وهذا المال الحرام لا تقبل الصدقة منه. قال صلى الله عليه وسلم: (وَلا كَسَبَ عَبْدٌ مَالا حَرَامًا فَيُبَارِكَ اللَّهُ فِيهِ ، وَلا يَتَصَدَّقُ فَيُتَقَبَّلَ مِنْهُ ، وَلا يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ قَائِدُهُ إِلَى النَّارِ ، إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ لا يَمْحُو السَّيِّءَ بِالسَّيِّءِ ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ ، إِنَّ الْخَبِيثَ لا يَمْحُو الْخَبِيثَ).
وذلك ما نتعرف عليه في اللقاء القادم إن شاء الله الدعاء
لو تتأمل معي الآيات التي يتحدث الله عز وجل عن الصيام في سورة البقرة، وقد اقتربنا من الشهر الفضيل، ستجد بعدها مباشرة آية تنهى عن أكل أموال الناس بالباطل. فربما وأنت تقرؤها تشعر كأن الآية أخرجتك إلى سياق آخر غير سياق الصوم. لكن بشيء من التأمل، ستجد أنه كما دعت آيات الصوم المسلم للامتناع عن الأكل والشرب وغيره في عبادة الصيام، من وقت محدد للإمساك إلى وقت محدد للإفطار، فإن هناك إشارة للمسلم أنه مطالب كذلك دوماً، وليس في وقت محدد كالصوم، بالامتناع عن أكل من نوع آخر، ليس طعاماً ولا شراباً، بل أكل أموال الناس بالباطل. أكل الأموال نوعان؛ نوع يكون بالحق، وآخر بالباطل. فأما أكل الأموال بالحق، فهو واضح لا يحتاج لكثير شروحات وتفصيلات، وأبرز أمثلته الراتب الشهري، تأخذه من بعد أداء عملك بذمة وضمير، أو تكسب أموالاً من تجارة مشروعة، دون غش أو تحايل أو احتكار أو ما شابه من أساليب محرمة في التجارة. لكن موضوعنا اليوم يدور حول النوع الثاني من أكل الأموال، والذي يكون بالباطل، سواء تم بشكل فردي أو بمعاونة آخرين على شكل قضاة أو محامين أو أصحاب نفوذ وسلطة، أو وسطاء أو غيرهم. فهذا الشخص، أو آكل المال بالباطل أو المال الحرام -إن صح وجاز لنا التعبير- يكون قد أدخل نفسه دائرة لا يُرجى منها خير، لا في دنياه ولا آخرته، وما لم يخرج منها سريعاً، فإنه سيقع في خطر الاستمرار على هذا الفعل أو هذا المسلك، من بعد أن يكون الشيطان قد زين له أعماله أكثر فأكثر حتى يعتاده أو يألفه، ليدخل بعدها مستوى خطيراً لا يرى في عمله المحرم بأساً، لينتقل إلى مستوى أعمق وأعقد حين يبدأ مرحلة الدفاع عن فعله المحرم!
وعلى هذا، فإذا قضى الحاكم بفرقة بين زوجين -بناء على شهادة زور- لم يحل للمرأة أن تتزوج؛ لأنها تعلم أنها لا تزال في عصمة الزوج، ولا يقربها الزوج احتراماً لسلطة القضاء الظاهرة. وقد حُكي عن أبي حنيفة أن حكم القاضي يمضي ظاهراً وباطناً. والذي يؤيد مذهب الأئمة في أن حم الحاكم إنما ينفذ ظاهراً لا باطناً، قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً، بقوله: فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها) متفق عليه.