وبهذا تنتهي مباحث هذا الفصل المليء بالمسائل الفقهية بالأدلة والترجيحات الموجهة. لنصل إلى آخر فصول الكتاب: (آثار الدعاء) وهو في ثلاث مباحث: الأول: (التأمين على الدعاء) ويشمل الكلام على ما هو داخل الصلاة، وعلى التأمين في غير الصلاة، وبيان مواطن ذلك في كلا الموضعين مع صيغة هذا التأمين وحكمه. الدعاء هو العبادة (خطبة). الثاني من المباحث: (إجابة الدعاء) عرّفت المؤلفة فيه بمعنى الإجابة للدعاء وأنواع هذه الإجابة، ومواطنها وعلاماتها وموانعها. الثالث من المباحث: (فوائد الدعاء) بيّنت فيه باقتضاب هذه الفوائد مستدلة ببعض الشواهد من الكتاب والسنة. وبعد هذا ختمت المؤلفة الرسالة بخاتمة فيها أهم نتائج البحث رتبتها في ستٍ وسبعين نقطة مختصرة. إن من قدر له قراءة هذا الكتاب سيلمس الجهد المبذول فيه، مِنْ تحرٍ للمسائل الفقهية المتعلقة بالموضوع، وتحرٍ لعزو تلك المسائل إلى كتب أصحابها على حسب مذاهبهم، وتخريج للأحاديث ونقل لكلام المحدثين عليها، فجزاها الله خيرا، ونفع بما قدمته للقراء الكرام. ونحن إذ انتهينا من التعريف بهذا الكتاب الزاخر، نود أن نلفت انتباه القراء إلى أنه يوجد كما أسلفنا كتب علمية أخرى عن الدعاء لها تعلق بغير الناحية الفقهية، ونريد أن نبينها هنا ليتعرف القارئ على شيء من الفرق بينها.
• أن يُلحَّ في الدعاء ويكرِّره ثلاثًا: قال ابن مسعود: "كان عليه السلام إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا". وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مازال يهتف بربِّه، مادًّا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبَيْه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتُك ربَّك، فإنه سيُنجِزُ لك ما وعدك. وهذا نبي الله يعقوب صلى الله عليه وسلم، مازال يدعو ويدعو، فذهب بصره ، وأُلقي ولدُه في الجُبِّ ولا يدري عنه شيئًا، وأُخرج الولدُ من الجُبِّ، ودخل قصرَ العزيز، إلى أن شبَّ وترعرع، ثم راودته المرأة عن نفسها فأبى وعصَمَه الله، ثم دخل السجن فلبث فيه بضع سنين، ثم أُخرج من السجن، وكان على خزائن الأرض، ومع طول هذا الوقت كله ويعقوب يقول لبنيه: { يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87]. حديث الدعاء هو العبادة. • أن يُعظِّمَ المسألة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا تمنى أحدُكم فليُكثر، فإنما يسأل ربَّه ".
الدعاء مخ العبادة (المحصول الجامع لشروح ثلاثة الأصول) قال المصنف رحمه الله: (وَفِي الْحَدِيثِ: (الدُّعَاءُ مخ الْعِبَادَةِ) [1]). الشرح الإجمالي: لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى أنواعًا من العبادة مجملة، شرع في ذكر أدلتها، فبدأ أولًا بالدعاء الذي هو أصل العبادات وأساسها، فقال: ( وفي الحديث) الذي يدل على منـزلة الدعاء من بين أنواع العبادة ما رواه الترمذيأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدعاء) وسؤال الله الحوائج ( مخ)، أي: لبُّ وخالص ( العبادة) التي أَمر الله بها الخلق [2]. الشرح التفصيلي: سرد المصنف فيما تقدم أنواع العبادة، فذكر أربع عشرة عبادة يُتقرب بها إلى الله تعالى، ابتدأها بالدعاء، وهذا شروعٌ منه في ذكر أدلة أنواع العبادة التي ذكرها مجملة، وذكر الأدلة على كونها عبادة، وابتدأ المصنف هذه العبادات بعبادة عظيمة جليلة، وهي عبادة الدعاء، وجعَلَ الحديث الذي ذكره كالترجمة له.
وقال المباركفوري: " واختُلِفَ في المراد بالإحسان هل يقتصر به على قدر الواجب، أو بما زاد عليه؟، والظاهر الثاني، وشرط الإحسان أن يوافق الشرع لا ما خالفه، والظاهر أن الثواب المذكور إنما يحصل لفاعله إذا استمر إلى أن يحصل استغناؤهن بزوج أو غيره ". لقد رفع النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيمة ومنزلة ومكانة البنات، حيث أنه جعل لمن رزقه الله بنات بالعديد من الفضائل والمِنح، ما تصل تجاهها الأعناق، وتهفو إليها القلوب. فلكل من كان عائلٍ للبنات إن الله يبشِرك بحِجاب من النار، ويبشرك بدخول الجَنَّة بصُحْبة النبي الكريم المختار محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو القائل: "( مَن عال ابنتينِ أو ثلاثًا، أو أختينِ أو ثلاثًا حتَّى يَبِنَّ أو يموتَ عنهنَّ كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتينِ – وأشار بأُصبُعِه الوسطى والَّتي تليها)".
تحفة المودود " ( ص 111). 3- كما يسن حلق شعره في اليوم السابع والتصدق بوزنه فضة: عن علي بن أبي طالب قال: " عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة وقال: يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة قال فوزنته فكان وزنه درهما أو بعض درهم " رواه الترمذي ( 1519) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1226). حديث الرسول عن البنات. 4- كما تستحب العقيقة على والده كما مر سابقا من الحديث ، فقوله: " كل غلام رهينة بعقيقته ". فيذبح عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة: فعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة " رواه الترمذي ( 1513) ، صحيح الترمذي ( 1221) أبو داود ( 2834) النسائي ( 4212) ابن ماجه ( 3163). 5- الختان: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان ، والاستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب " رواه البخاري ( 5550) ومسلم ( 257). - حقوق في التربية: عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كلكم راع فمسؤول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " رواه البخاري ( 2416) ومسلم ( 1829).
قال المباركفوري: " واختُلِفَ في المراد بالإحسان هل يقتصر به على قدر الواجب، أو بما زاد عليه؟، والظاهر الثاني، وشرط الإحسان أن يوافق الشرع لا ما خالفه، والظاهر أن الثواب المذكور إنما يحصل لفاعله إذا استمر إلى أن يحصل استغناؤهن بزوج أو غيره ". وفي هذه الأحاديث تأكيد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حق البنات على آبائهم أو من يقوم على تربيتهن، وذلك لما فيهن من الضعف غالباً عن القيام بمصالح أنفسهن، وليست القضية طعاماً ولباساً وتزويجاً فقط، بل أدباً ورحمة، وحسن تربية واتقاءً للهِ فيهنَّ، فالعَوْل في الغالب يكون بالقيام بمئونة البدن، من الكسوة والطعام والشراب والسكن والفراش ونحو ذلك، وكذلك يكون في غذاء الروح، بالتعليم والتهذيب والتوجيه، والأمر بالخير والنهي عن الشر، وحسن التربية، وهذه فائدة جمع الروايات في الحديث. قال النووي: " ومعنى عالهما قام عليهما بالمؤنة والتربية ونحوهما ".
حتى بعث الله نبينا محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فجرَّم وحرم هذه الفِعلة الشنعاء وهي وأد البنات، فعن المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات، وَمَنْعاً وهات، ووَأد البنات، وكَرِهَ لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) رواه البخاري. أرشيف الإسلام - شرح وتخريج حديث ( لا يكون لأحد ثلاث بنات ، أو ثلاث أخوات ، ... ) من الأدب المفرد للبخاري. قال ابن حجر في " فتح الباري": قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ووَأدَ البنات) هو دفن البنات بالحياة, وكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك كراهة فيهن ". وعن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( مَنْ وُلِدَتْ له ابنةٌ فلم يئِدْها ولم يُهنْها، ولم يُؤثرْ ولَده عليها ـ يعني الذكَرَ ـ أدخلَه اللهُ بها الجنة) رواه أحمد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وحسنه الشيخ أحمد شاكر.. وهذان الحديثان وما جاء في معناهما يدلان صراحة على أنَّ البنات كنَّ محلاً لجهالات وبُغض بعض العرب إبان بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. لم يكتفِ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالنهي الشديد عن وأد البنات، بل جاء معتنياً بهن، بغية تصحيح مسار البشرية وإعادتها إلى طريق الإنسانية والرحمة، وتكريماً للبنات وحماية لهن، وحفظاً لحقوقهن، بل وأمر ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديث كثيرة بالإحسان إليهن، ووعد من يرعاهن ويحسن إليهن بالأجر الجزيل والمنزلة العالية، ومن ذلك: عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( مَنْ عال جارتين (بنتين) حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه) رواه مسلم.
الزاني يوجب مقت الله على فاعله ، و الزاني في زناه ليس بمؤمن بل الايمان فوق رأسه حتى يفرغ من زناه ، و قد لا يعود اليه بعد انخلاعه منه. اسباب انتشار الزنا: الفضائيات: فمن الاسباب الرئيسة لانتشار فاحشة الزنا ، انتشار الفضائيات التي تعرض كل ما هو خليع يقتل الحياء و ينشر العهر من اغاني و أفلام و مسلسلات ساقطة تدمر الحياء و الدين. الانترنت: فمن اسباب انتشار الزنا انتشار الانترنت ، و سهولة الوصول لمواقع الفاحشة ، و تسهيل الاتصال بين الشباب و الشابات بغير معرفة و رقابة الاهل. الاغاني الخليعة: فمن المعروف ان الاغاني و ما يصاحبها من اختلاط و رقص و موسيقى من أكبر دواعي الزنا و ارتكاب الفاحشة. اطلاق البصر: فعدم غض البصر و اطلاق النظرالى النساء في الشوارع و الفضائيات و المجلات من اسباب انتشار الزنا و تفشي العهر. اللباس الشرعي للمراة تعسير الزواج: فارتفاع المهور ، و كثرة الطلبات ، وارتفاع تكاليف الزواج من سكن و خلافه من الامور التي ادت الى انتشار الزنا في مجتمعاتنا العربية للأسف الشديد. شرب الخمور و المخدرات: تعاطي هذه المواد ينشر اخلاق الاستهتار و عدم الاهتمام بالعواقب و الاستهانة بالكبائر ، فمن تجرأ على كبيرة شرب الخمور فهو على الزنا أجرأ.
الحمد لله. 1. حقوق الزوجة: قد بيّناها بالتفصيل في الجواب على السؤال رقم ( 10680). 2. حقوق الأبناء: قد جعل الله للأبناء على آبائهم حقوقا كما أن للوالد على ولده حقوقاً. عن ابن عمر قال: " إنما سماهم الله أبراراً لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك عليك حقا ". " الأدب المفرد " ( 94). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حديث عبد الله بن عمر: " ….. وإن لولدك عليك حقاً " مسلم ( 1159). وحقوق الأولاد على آبائهم منها ما يكون قبل ولادة الولد ، فمن ذلك: 1- اختيار الزوجة الصالحة لتكون أما صالحة: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه البخاري ( 4802) ومسلم ( 1466). قال الشيخ عبد الغني الدهلوي: تخيروا من النساء ذوات الدين والصلاح وذوات النسب الشريف لئلا تكون المرأة من أولاد الزنا فإن هذه الرذيلة تتعدى إلى أولادها قال الله تعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك النور / 3 ، وإنما أمر بطلب الكفؤ للمجانسة وعدم لحوق العار. " شرح سنن ابن ماجه " ( 1 / 141).