والدرس الذي فاتنا في اجتماع الكلمة على قائد واحد، والدرس الذي رسبنا في امتحانه في اختيار موقع المعركة، لم يكن أقل من درس الموارد، فهل منع سقوطَ حلب تكديس الأسلحة التي فجّرها النظام في المستودعات عندما اقتحمها؟! وكم كان سينفع أهلَ الغوطة ما تم تفجيره من صواريخ وعتاد قبيل مغادرة بعض بلداتها فضلاً عما استلمه النظام سليماً يضرب به سوريين في مكان آخر؟! يوم ذي قار - بأقلام القراء - مقالات جواد علي| قصة الإسلام. وهل انتفع الأهالي الذين ماتوا جوعاً ومرضاً من مستودعات الأدوية والأغذية التي كُشف عنها بعد سقوط بلداتٍ أخرى؟! لا لا لا، ولن تنفع مَن مات من القادة أموالٌ لا يعرفها غيره له داخل الحدود وخارجها، كما لم تمنع ملايين القذافي في كل بنوك الدنيا موتَه!! فالأموال والموارد قد تغيّر مجرى معركة عند الحاجة إليها، لكنها تكون وبالاً على أصحابها إن لم يُحسنوا الاستفادة منها في حينها، وأحسن الحال فيها أن يسعد بها غيرهم أكثر مما شقوا هم في جمعها؛ فيكون عليهم الغُرم منها ويكون لغيرهم الغُنم بها. إن أردنا أن ننتصف من أعدائنا فلنرجع فنقرأ كيف انتصفنا منهم يوماً؛ فالتاريخ مدرسة، ينتفع قومٌ بدروسه، ويكون آخرون دروساً لمن بعدهم.
وذو قار هو موضع ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة. اما سبب وقوع الموقعة التي جرت بالقرب منه فيرجعه الاخباريون الى مطالبة كسرى ابرويز بتسليمة تركة النعمان بن المنذر بعد وفاته وارسل بذلك الى عامله على الحيرة اياس بن قبيصة فأخبره بأنها وديعة عند بكر بن وائل فأمره كسرى باستردادها منهم وارسالها اليه، فأرسل اياس بن قبيصة الى هانيء بن مسعود الشيباني مطالبا برد ودائع النعمان التي لديه من اموال ودروع وغيرها وقبل ان عدتها كانت اربعمائة او ثمانمائة درع او اكثر فأمتنع هانيء ان يسلمه شيئا منها. ولما بلغ كسرى استشاط غضبا وهدد بقطع دابر بكر بن وائل وارسل يفاوضها في احدى الامور الثلاثة التالية: 1- الاستسلام لكسرى يفعل (1) بهم ما يشاء. معركة ذي قار - الجزء الرابع | قارئ جرير. 2- او الرحيل عن الديار. 3- او الحرب. وقد رفض بنو بكر الاستسلام لكسرى او مغادرة ديارهم واختاروا الحرب واشار عليهم بالقتال (حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي). وعلى اثر ذلك اخذ كسرى يستعد لقتالهم فنصحه (النعمان بن زرعة التغلبي) الذي كان يكره بكر بن وائل ويسعى لهلاكهم بان يمهلهم حتى قدوم فصل الصيف عندما تخور قواهم وقال له ( امهلهم حتى تقيظ فانهم لو قاظوا تساقطوا على ماء لهم ذو قار تساقط الفراش في النار فأخذتهم كيف شئت وانا اكفيكهم).
ولقد استمرت المعركة عدة ايام وفي اليوم الاول كان النصر حليف الفر س وفي اليوم الثاني جزع الفرس من العطش وتراجعوا الى الجبابات فتبعهم بنو بكر وبنو عجل وباقي العرب. ولما اشتد العطش بجنود الفرس مالوا الى بطحاء ذي قار حيث حمى القتال وفي هذا اليوم اظهر بنو عجل بطولات رائعة وكانت نسائهم تحثهم على القتال قائلة: ان يضفروا فينا الغزل... ايها فداء لكم بنو عجل واثناء ذلك ارسل بنو اياد الى بني بكر سرا يعرضون عليهن ان يتعاونوا معهم عندما يلتقون بالفرس واعوانهم واتفقوا على ان يتراخوا في القتال حتى ينهزموا وحدث ذلك عندما التقى الفريقان في مكان من ذي قار يسمى (الجب) فانهزمت اياد حسب الاتفاق السابق كما انهزم الفرس. معركة ذي قار الجزء الرابع - مكتبة نور. وفي هذه المعركة استبسل بنو شيبان في القتال ومنى الفرس بهزيمة نكراء وقتل منهم عدد كبير ومن بينهم (الهامرز) و(جلابزين). ويطلق الاخباريون على موقعة ذي قار عدة اسماء منها يوم قراقر ويوم الحنو اي حنو ذي قار ويوم الجبايات ويوم الفذوان ويوم بطحاء ذي قار ويوم ذي العجرم وقد اطلقت هذه الاسماء على المعارك التي وقعت حول موضع ذي قار كما اختلف المؤرخون والاخباريون في تاريخ وقوع هذه المعركة وحددها بعضهم بين عام 604م وعام 610م ومنهم (روتشتاين) و(نولدكه) ويتفاوت هذا التاريخ بين الاخباريين العرب فبعضهم جعلها يوم ولادة الرسول(صلى الله عليه وآله) او يوم بعثة الرسول او بعد هجرته الى يثرب او عقب غزوة بدر.
قوله تعالى: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا قوله تعالى: إن الأبرار يشربون من كأس الأبرار: أهل الصدق واحدهم بر ، وهو من امتثل أمر الله تعالى. وقيل: البر الموحد والأبرار جمع بار مثل شاهد وأشهاد ، وقيل: هو جمع بر مثل نهر وأنهار; وفي الصحاح: وجمع البر الأبرار ، وجمع البار البررة ، وفلان يبر خالقه ويتبرره أي يطيعه ، والأم برة بولدها. وروى ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إنما سماهم الله - جل ثناؤه - الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء ، كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك [ ص: 112] عليك حقا ". وقال الحسن: البر الذي لا يؤذي الذر. وقال قتادة: الأبرار الذين يؤدون حق الله ويوفون بالنذر. وفي الحديث: " الأبرار الذين لا يؤذون أحدا ". يشربون من كأس أي من إناء فيه الشراب. قال ابن عباس: يريد الخمر. والكأس في اللغة الإناء فيه الشراب: وإذا لم يكن فيه شراب لم يسم كأسا. قال عمرو بن كلثوم: صددت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا وقال الأصمعي: يقال صبنت عنا الهدية أوما كان من معروف تصبن صبنا: بمعنى كففت; قاله الجوهري. كان مزاجها أي شوبها وخلطها ، قال حسان: كأن سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء ومنه مزاج البدن وهو ما يمازجه من الصفراء والسوداء والحرارة والبرودة.
تاريخ النشر: الثلاثاء 27 محرم 1439 هـ - 17-10-2017 م التقييم: رقم الفتوى: 362017 7087 0 120 السؤال في قوله تعالى: (عينا يشرب بها المقربون) لماذا قال: بها، ولم يقل: منها؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الباء تأتي لمعان عدة، منها التبعيض مثل: من، وعليه، فهي هنا بمعنى من، أي يشرب منها المقربون. وقيل: إنَّ يشرب هنا بمعنى يروى، أو يتلذذ، أو ينتفع. وفي الآية توجيهات أخرى، منها: أن الفعل يشرب عدي بالباء، كما يتعدى بنفسه، وقيل إن الباء زائدة. ففي تفسير الطبري: ويعني بقوله: {يشرب بها عباد الله}، يروى بها، وينتفع. وقيل: يشرب بها، ويشربها بمعنى واحد. وذكر الفراء أن بعضهم أنشده: شربن بماء البحر ثم ترفعت... متى لجج خضر لهن نئيج........ اهـ. وفي تفسير النسفي: {يشرب بها عباد الله}، أي منها، أو الباء زائدة، أو هو محمول على المعنى، أي يلتذ بها، أو يروى بها. وإنما قال أولا بحرف من، وثانيا بحرف الباء؛ لأن الكأس مبتدأ شربهم، وأول غايته. اهـ. وفي شرح الأشموني لألفية ابن مالك عند الكلام على معاني الباء: العاشر: التبعيض، نحو: {عينا يشرب بها عباد الله}. اهـ. وفي مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام عند الكلام على معاني الباء: الْحَادِي عشر التَّبْعِيض: أثبت ذَلِك الْأَصْمَعِي والفارسي والقتبي وَابْن مَالك، قيل والكوفيون، وَجعلُوا مِنْهُ {عينا يشرب بهَا عباد الله}.
الرسم العثماني عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا الـرسـم الإمـلائـي عَيۡنًا يَّشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّٰهِ يُفَجِّرُوۡنَهَا تَفۡجِيۡرًا تفسير ميسر: هذا الشراب الذي مزج من الكافور هو عين يشرب منها عباد الله، يتصرفون فيها، ويُجْرونها حيث شاؤوا إجراءً سهلا. هؤلاء كانوا في الدنيا يوفون بما أوجبوا على أنفسهم من طاعة الله، ويخافون عقاب الله في يوم القيامة الذي يكون ضرره خطيرًا، وشره فاشيًا منتشرًا على الناس، إلا مَن رحم الله، ويُطْعِمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه، فقيرًا عاجزًا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئًا، وطفلا مات أبوه ولا مال له، وأسيرًا أُسر في الحرب من المشركين وغيرهم، ويقولون في أنفسهم; إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله، وطلب ثوابه، لا نبتغي عوضًا ولا نقصد حمدًا ولا ثناءً منكم. إنا نخاف من ربنا يومًا شديدًا تَعْبِس فيه الوجوه، وتتقطَّبُ الجباه مِن فظاعة أمره وشدة هوله. تفسير ابن كثير تفسير القرطبي تفسير الطبري تفسير السعدي تفسير الجلالين اعراب صرف أي هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صرفا بلا مزج ويروون بها ولهذا ضمن يشرب معنى يروى حتى عداه بالباء ونصب عينا على التمييز قال بعضهم هذا الشراب في طيبه كالكافور وقال بعضهم هو من عين كافور وقال بعضهم يجوز أن يكون منصوبا بيشرب حكى هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير.
عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) القول في تأويل قوله تعالى: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6). وقوله: ( عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) يقول تعالى ذكره: كان مزاج الكأس التي يشرب بها هؤلاء الأبرار كالكافور في طيب رائحته من عين يشرب بها عباد الله الذين يدخلهم الجنة، والعين على هذا التأويل نصب على الحال من الهاء التي في ( مزاجها) &ويعني بقوله: ( يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) يُرْوَى بها ويُنتقع. وقيل: يشرب بها ويشربها بمعنى واحد. وذكر الفرّاء أن بعضهم أنشده: شَــرِبْنَ بِمَـاءِ الْبَحْـرِ ثُـمَّ تَـرَقَّعَتْ مَتــى لُجَــج خُـضْرٍ لَهُـنَّ نَئِـيجُ (1) وعني بقوله: " متى لجج " من، ومثله: إنه يتكلم بكلام حسن، ويتكلم كلاما حسنا. وقوله: ( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا) يقول تعالى ذكره: يفجرون تلك العين التي يشربون بها كيف شاءوا وحيث شاءوا من منازلهم وقصورهم تفجيرا، ويعني بالتفجير: الإسالة والإجراء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا) قال: يعدّلونها حيث شاءوا.