قال الزهري: إنما وصف عرضها ، فأما طولُها فلا يعلمه إلا الله ، وهذا على التمثيل ، لا أنها كالسموات والأرض لا غير ، معناه: كعرض السموات السبع والأرضين السبع عند ظنكم ، كقوله تعالى: ( خالدين فيها ما دامت السمواتُ والأرضُ) سورة هود/107، يعني: عند ظنكم ، وإلا فهما زائلتان ، وروي عن طارق بن شهاب أن ناسًا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه رضي الله عنهم وقالوا: أرأيتم قوله: ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ) فأين النار ؟ فقال عمر: أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ، وإذا جاء النهار أين يكون الليل ؟ فقالوا: إنه لمثلها في التوراة. حديث جبريل عليه ام. ومعناه أنه حيث يشاء الله " انتهى. معالم التنزيل " (2/104) وإذا كان قد ورد في وصف شجرة من أشجار الجنة أنه يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا) رواه البخاري (3251) ومسلم (2826)، فكيف هو شأن الجنة نفسها إذن ؟! وإذا كان ورد أيضا أن أدنى أهل الجنة منزلة له ( مِثْلُ الدُّنْيَا وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهَا) رواه البخاري (6571) ومسلم (186)، وهو فرد واحد ، فكيف تكون سعة الجنة لجميع أهلها ومن فيها إذن ؟! هذا يدلك على أن الجنة من أعظم مخلوقات الله عز وجل.
والله أعلم.
[ ص: 217] كتاب الصلاة باب المواقيت ( أول وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الأفق ، وآخر وقتها ما لم تطلع الشمس) لحديث { إمامة جبريل عليه السلام ، فإنه أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها في اليوم الأول حين طلع الفجر ، [ ص: 218] وفي اليوم الثاني حين أسفر جدا وكادت الشمس تطلع} ، ثم قال في آخر الحديث: ما بين هذين الوقتين وقت لك [ ص: 219] ولأمتك. ولا معتبر بالفجر الكاذب وهو البياض الذي يبدو طولا ثم يعقبه الظلام لقوله عليه الصلاة والسلام { لا يغرنكم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ، وإنما الفجر المستطير في الأفق} أي المنتشر فيه. [ ص: 217]
فالحاصل أن هذا الخبر الوارد في السؤال غير صحيح ، بل مكذوب مصنوع ، تتناقله بعض المنتديات التي تكثر فيها الخرافات ، فلا بد من الحذر منها. وقد اتفق علماء المسلمين على حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرمة رواية الأحاديث المكذوبة ولو كان معناها مقبولا ، فالكذب نفسه كبيرة من كبائر الذنوب ، فإذا كان كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعظم إثما عند الله. والله أعلم.