أي قُلْ أيها الرسول لأولئك المنافقين الشامتين في مصاب المؤمنين أنه {لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} في اللوح المحفوظ من خير أو شر، فالقلم جفَّ بما هو كائن إلى يوم القيامة، رُفِعتْ الأقلام وجفَّت الصُّحف، فلا يقدر أحدٌ أن يدفع عن نفسه مكروها أو يجلب لنفسه نفعا ما لم يُقدَّر له، وهذا هو الاحتجاجٌ بالقَدَر في موضعه الصحيح؛ لأنَّ القدر يُحتجُّ به في المصائب، ولا يُحتجُّ به في الذنوب والمعائب. قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا هو مولانا. أي قُلْ أيها الرسول لأولئك المنافقين الشامتين في مصاب المؤمنين أنه { لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} في اللوح المحفوظ من خير أو شر، فالقلم جفَّ بما هو كائن إلى يوم القيامة ، رُفِعتْ الأقلام وجفَّت الصُّحف، فلا يقدر أحدٌ أن يدفع عن نفسه مكروها أو يجلب لنفسه نفعا ما لم يُقدَّر له، وهذا هو الاحتجاجٌ بالقَدَر في موضعه الصحيح؛ لأنَّ القدر يُحتجُّ به في المصائب، ولا يُحتجُّ به في الذنوب والمعائب. وعندما نتأمل قول الله: { مَا كَتَبَ الله لَنَا} أي أن المسألة في صالحنا وبما فيه نفعنا وخيرنا، ولم يقل الحق: كتب الله علينا، لأنها لو كانت كذلك لكان معناها أنها عقوبة لا مثوبة. وأي كدَر يصيب المؤمن، فعليه أن يسائل فيه نفسه: أعدلا كان أم ظلما؟ فإن كانت عدلا فقد جبرت الذنب ورحمتك من عقوبته الأخروية، وإن كانت ظلما فسوف يقتص الله له ممن ظلمه، وعلى هذا فالمؤمن رابح في كلتا الحالتين { كتب الله لنا}.
من لوازم رضى الله تعالى ان قلبك مفعم بالسكينة والطمأنينة والسعادة فالمؤمن لا يتشاءم تفسير قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَىٰنَا ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ التفسير الميسر: قل -أيها النبي- لهؤلاء المتخاذلين زجرًا لهم وتوبيخًا: لن يصيبنا إلا ما قدَّره الله علينا وكتبه في اللوح المحفوظ، هو ناصرنا على أعدائنا، وعلى الله، وحده فليعتمد المؤمنون به. تفسيرالسعدى: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَقال تعالى رادا عليهم في ذلك {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} أي: ما قدره وأجراه في اللوح المحفوظ. {هُوَ مَوْلَانَا} أي: متولي أمورنا الدينية والدنيوية، فعلينا الرضا بأقداره وليس في أيدينا من الأمر شيء. قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا | وجهة نظر قرآنية. {وَعَلَى اللَّهِ} وحده {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي: يعتمدوا عليه في جلب مصالحهم ودفع المضار عنهم، ويثقوا به في تحصيل مطلوبهم، فلا خاب من توكل عليه، وأما من توكل على غيره، فإنه مخذول غير مدرك لما أمل. تفسيرالوسيط لطنطاوي: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَوقوله: ( قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا) إرشاد للرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى الجواب الذى يكبتهم ويزيل فرحتهم.
وأما ما يحصل من انتشار بعض الأمراض, فإنما هو أمرٌ يُقدّره الله على بعض خلقه ثم يرفعه إذا شاء وكأنه لم يكن، وهذا أمر مدرَك ومشاهَد. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَقَالَ « لاَ يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئاً ». فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ النُّقْبَةُ مِنَ الْجَرَبِ تَكُونُ بِمِشْفَرِ الْبَعِيرِ أَوْ بِذَنَبِهِ فِي الإِبِلِ الْعَظِيمَةِ، فَتَجْرَب كُلُّهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « فَمَا أَجْرَبَ الأَوَّلَ! قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله . [ التوبة: 51]. لاَ عَدْوَى وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، خَلَقَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ فَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَمُصِيبَاتِهَا وَرِزْقَهَا » رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. فأخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ذلك كله قضاء الله وقدره. وأنه لو كان هناك عدوى كما تزعمون, فمن أعدى البعير الأول؟! ومن أين انتقلت إليه؟! وأما قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ » رواه البخاري؛ حتى لا يتوهم الشخص حين يمرض أن مرضه كان بسبب مخالطته لذلك المريض.
فأملاها المغيرة عليه، وكتب إلى معاوية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطَيْتَ، ولا مُعْطِيَ لما مَنَعْتَ، ولا ينفعُ ذا الجَدُّ منك الجَدُّ »[3]. ذبح الخوف بسكين الوحي! إن الطمأنينة والشجاعة الإقدام، وتطليق الخوف، وذبح المطامع، كلها منازل محتكرة على وثق في وعد ربه، وآمن بسُنَنِه وحِكَمَه، ورضي بقضائه وقدَره، وتخلَّص من مرض الخوف الذي إذا استشرى أفقد العبد إيمانه، وأهلك دينه، وقد رأينا اليوم في من حولنا من علماء السلاطين مَن باعوا دينهم بدنيا غيرهم، وهدموا دين الناس بزلاتهم، وذلك حين مهَّدوا للطغاة الطريق إلى الحكم بالحديد والنار بفتاوى العار. قل لن يصيبنا الا ماكتب الله. قال أبو حامد الغزالي: "وأما الآن فقد قيَّدت الأطماع ألسن العلماء فسكتوا، وإن تكلموا لم تساعد أقوالهم أحوالهم، فلم ينجحوا، ولو صدقوا وقصدوا حق العلم لأفلحوا، ففساد الرعايا بفساد الملوك، وفساد الملوك بفساد العلماء، وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه، ومن استولى عليه حب الدنيا لم يقدر على الحسبة على الأراذل، فكيف على الملوك والأكابر والله المستعان على كل حال"[4].
مولانا/ مولى: خبر للمبتدأ (هو) مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدَّرة على الألف للتعذر، وهو مضاف. نا: ضمير بارز متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. وجملة { هو مولانا …} تعليلية أو اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وعلى/ الواو: حرف استئناف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. على: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب. الله: اسم الجلال مجرور على التعظيم وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وشبه الجملة { على الله} يتعلق بالفعل (يتوكل). فَليتوكل/ الفاء الفصيحة: (واقعة في جواب شرط مقدّر) ، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. لام الأمر: حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب. قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا. يتوكل: فعل مضارع مجزوم بـ (لام الأمر) وعلامة جزمه السكون المقدَّر لالتقاء الساكنين. المؤمنونَ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنَّه جمع مذكر سالم. وجملة { ليتوكل المؤمنون} واقعة في جواب شرط مقدَّر، أيْ: (إذا كان المكتوب مِن الله فليتوكل المؤمنون على الله) ، لا محل لها من الإعراب.
وفي الآية تعليمٌ للأمة بأسرها أن تتخلق بهذا الخُلُق، وهو أن لا يحزنوا لما أصابهم في سبيل الله، وأن يرضوا بما قدَّر الله لهم، ويرجوا رضا ربهم لأنهم واثقون بأنه لا يريد بهم إلا الخير، وهذا ما يورث المؤمنين قمة السكينة والصحة النفسية، ولعلَّ أبلغ ما يوصف به هؤلاء هو ما وعدهم ربهم به: { لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]. قال أبو منصور الثعالبي في تعليقه على بلاغة هذه الآية مسلِّطا الضوء على أرباح المؤمنين: فقد أدرج فيه ذكر إقبال كل محبوب عليهم، وزوال كل مكروه عنهم. ولا شيء أضر بالإنسان من الحزن والخوف، لأن "الحزن" يتولّد من مكروه ماض أو حاضر، و"الخوف" يتولد من مكروه مستقبل، فإذا اجتمعا على امرئ لم ينتفع بعيشه، بل يتبرم بحياته. تفسير قوله تعالى: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله. والحزن والخوف أقوى أسباب مرض النفس ، كما أن السرور والأمن أقوى أسباب صحتها! فالحزن والخوف موضوعان بإزاء كل محنة وبليَّة! والسرور والأمن موضوعان بإزاء كل صحة ونعمة هنيَّة! [2]. المانع المُعطي! ويزيد في طمأنينتك أن توقن أن أمرك بيد الله وحده، ونفعك وضرك لا يتجاوز إرادته، وهو سبحانه إذا أراد شيئا فلا يُعجِزه شيء، ولو اجتمعت الدنيا بأسرها على أن تمنع عنك عطاءه لك فهيهات، ولو اجتمعوا على أن يمسوا شعرة منك دون إذنه فمحال، ولذا صار تذكيرك عقب كل صلاة بهذا المعنى سُنَّة نبوية وذِكرا ثابتا تحافظ عليه خمس مرات في اليوم والليلة، وإليك الحديث: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: أيَّ شيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلَّم من الصلاة؟!
ا لخطبة الأولى ( لا تقلق، ولا تخف ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا) الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.