وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لأبي هريرة: "من لقِيت [... ] يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة " [6]. رابعاً: التسليم: وهو الإذعان لأمر الله تعالى بالرضى المستحق. قال تعالى: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾ [7] ، وقال أيضا: ﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [8] ومعنى "يسلم وجهه" أي يذعن، "وهو محسن" أي موحد، والعروة الوثقى فسرها علماء الإسلام بـ"لا إله إلا الله". خامساً: الإخلاص: وهو أن يبتغي الإنسان بعمله وجه الله تعالى وثوابه، فهو لا يعد مخلصا حتى يقصد بكل عباداته تحصيل رضى الله تعالى ويسلم سعيه من أي حرص على استجلاب مدح الناس وثنائهم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء ﴾ [9]. نشيد لا اله الا الله محمد رسول الله. وقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): "أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه، أو من نفسه" [10]. سادساً: الصدق: ويعني أن يوافق ما يُظهر الإنسان من تديُّن باطنَ ما يعتقد. إن العمل بشعائر الإسلام الظاهرة لا يكفي دليلا على تحقق الصدق، بل يجب أن يرافقه صدق اعتقاد القلب وإلاَّ كان ذلك نفاقاً نهى الله عنه وتوعد من اتصف به؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [11].
الحمد لله. أولا: مفتاح الإسلام: الشهادتان ، فلا يدخل العبد في دين الله إلا بهما ، والواجب عليه النطق بهما ، إلا إذا كان عاجزا. لا اله الا الله محمد رسول الله فيكتور. وهي شعار الإسلام الأعظم ، لا يصح دينه بذلك ، وقد علم أمرهما في دين الإسلام بالضرورة ، لا يختلف في أمرهما أحد من المسلمين. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الشهادتان " شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله " هما مفتاح الإسلام ، ولا يمكن الدخول إلى الإسلام إلا بهما ؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه ، حين بعثه إلى اليمن أن يكون أول ما يدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله " انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (1/79). وينظر جواب السؤال رقم:(703) ، ورقم: (6703). ثانيا: كلمة التوحيد بهذه الصيغة: ( لا إله إلا الله محمد رسول الله) مجتمعة في موضع واحد لم يرد إلا في السنة النبوية ، كما جاء عند البخاري (25) ، ومسلم (22) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى: يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ).
الفائدة الثانية: حديث عبادة بن الصامت الأول حديث عظيم اشتمل على جملة من العقائد. قال النووي: "هذا حديث عظيم الموقع، وهو أجمع أو من أجمع الأحاديث المشتملة على العقائد، فإنه -صلى الله عليه وسلم- مع فيه ما يخرج عن جميع ملل الكفر، على اختلاف عقائدهم وتباعدها". [انظر شرح النووي لمسلم حديث (28)]. ولبيان وتفصيل كلام النووي في العقائد التي اشتمل عليها حديث الباب يقال ما يلي: أولاً: (مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُه) فقد جاء بكلمة التوحيد التي يكون بها داخلا للإسلام. ثانياً: (وَأَنَّ عِيسَىٰ عَبْدُ اللّهِ) فيه رد على النصارى الذين يقولون" إن عيسى (ابن الله) لأن مريم لم تتزوج فجاءها هذا الولد الذي يتكلم في المهد ويأتي بالمعجزات والآيات فيحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص وغير ذلك فهو ابن الله". لا اله الا الله محمد رسول الله 💞 - طريق الإسلام. ثالثاً: (وَأَنَّ عِيسَىٰ عَبْدُ اللّهِ) فيه رد على النصارى أيضا من وجه آخر يقولون بأن عيسى مع كونه (ابن الله) فهو أيضا إله لأن عيسى (كلمة الله و روح منه) فهو بعض الرب تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. فقولنا (عبد الله) يرد على معتقدهم الباطل، وتقدم معنى (روح منه) وأنه روح مخلوقة من عند الله كسائر الأرواح.
وجاء في شهادة: " محمد رسول الله " في القرآن ، قوله تعالى: ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) سورة الآعراف / 158 ، وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ... الآية) سورة النساء / 47. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: " يأمر تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى أن يؤمنوا بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل الله عليه من القرآن العظيم ". اشهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله. انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/181). وأصرح المواضع في ذلك ، قوله تعالى: ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) الفتح/29 ، وقريب منه قوله تعالى: ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) الأحزاب/40. والله أعلم.