وقوله: ( أولئك يؤمنون به) خبر عن ( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) أي: من أقام كتابه من أهل الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين حق إقامته. آمن بما أرسلتك به يا محمد ، كما قال تعالى: ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) الآية [ المائدة: 66]. وقال: ( قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم) [ المائدة: 68]. أي: إذا أقمتموها حق الإقامة ، وآمنتم بها حق الإيمان ، وصدقتم ما فيها من الأخبار بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وصفته والأمر باتباعه ونصره ومؤازرته. "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته" | الشيخ الحويني - فيديو Dailymotion. قادكم ذلك إلى الحق واتباع الخير في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى: ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) الآية [ الأعراف: 157]. وقال تعالى: ( قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا) [ الإسراء: 107 ، 108]. أي: إن كان ما وعدنا به من شأن محمد صلى الله عليه وسلم لواقعا. وقال تعالى: ( الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون) [ القصص: 52 ، 54].
فوائد الآية (( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولـئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولـئك هم الخاسرون)) حفظ Your browser does not support the audio element. ثم قال تعالى: (( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به)) يستفاد من هذه الآية الكريمة: منة الله سبحانه وتعالى على من أعطاه الكتاب فتلاه حق تلاوته. ومن فوائدها: أنه ليس مجرد إتيان الكتاب فضيلة للإنسان، بل الفضيلة بتلاوته. ومنها: أن للإيمان بالشيء علامة، الإيمان له علامة، وعلامته العمل، لقوله لما قال: (( يتلونه حق تلاوته)) ، قال: (( أولئك يؤمنون به)). ومن فوائد الآية: أن من خالف القرآن في شيء كان ذلك دليلا على نقص إيمانه، من أين تؤخذ؟ لقوله: (( يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به)). القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة البقرة - الآية 121. فمعنى ذلك إذا لم يتلوه حق تلاوته ما آمنوا به، نقص من إيمانهم بقدر ما نقص من تلاوتهم له. ومنها: أن تلاوة القرآن نوعان: تلاوة الحق، وتلاوة ناقصة ما هي حقيقة، فالتلاوة الحق أن يكون الإنسان تاليا للفظه ولمعناه، عاملا بأحكامه، مصدقا بأقداره، كل الأربعة التي مرت علينا هذه الإيمان به تلاوته حق تلاوته. ومن فوائد الآية: أن الكافر بالقرآن مهما بلغ من الدنيا فهو خاسر، لقوله: (( ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون)) وكيف يكون خاسرا وهو قد حصل له أموال، وبنون، ومراكب ضخمة، وقصور مشيدة ؟ لأن هذه كلها سوف تذهب وتزول، أو هو يزول عنها ولا تنفعه، فإذا يصدق عليهم أنهم هم الخاسرون، كما في قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله)) ولما كان الذي يتلهى بذلك عن ذكر الله يظن أنه يربح، قال: (( ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)) يعني ولو ربحوا.
وقوله: ( أولئك يؤمنون به) خبر عن ( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) أي: من أقام كتابه من أهل الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين حق إقامته ، آمن بما أرسلتك به يا محمد ، كما قال تعالى: ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) الآية [ المائدة: 66].
"الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته" | الشيخ الحويني - فيديو Dailymotion Watch fullscreen Font
وقال الحسن البصري: يعملون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابهه ، يكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا ابن أبي زائدة ، أخبرنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله: ( يتلونه حق تلاوته) قال: يتبعونه حق اتباعه ، ثم قرأ: ( والقمر إذا تلاها) [ الشمس: 2] ، يقول: اتبعها. تفسير: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به... ). قال: وروي عن عكرمة ، وعطاء ، ومجاهد ، وأبي رزين ، وإبراهيم النخعي نحو ذلك. وقال سفيان الثوري: حدثنا زبيد ، عن مرة ، عن عبد الله بن مسعود ، في قوله: ( يتلونه حق تلاوته) قال: يتبعونه حق اتباعه. قال القرطبي: وروى نصر بن عيسى ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( يتلونه حق تلاوته) قال: " يتبعونه حق اتباعه " ، ثم قال: في إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكره الخطيب إلا أن معناه صحيح. وقال أبو موسى الأشعري: من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة. وعن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه: هم الذين إذا مروا بآية رحمة سألوها من الله ، وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منها ، قال: وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا مر بآية رحمة سأل ، وإذا مر بآية عذاب تعوذ.
( فأتمهن) قال قتادة: أداهن ، قال الضحاك: قام بهن وقال: [ نعمان] عمل بهن. قال الله تعالى: ( قال إني جاعلك للناس إماما) يقتدى بك في الخير ( قال) إبراهيم [ ص: 146] ( ومن ذريتي) أي ومن أولادي أيضا فاجعل منهم أئمة يقتدى بهم في الخير ( قال) الله تعالى ( لا ينال) لا يصيب ( عهدي الظالمين) قرأ حمزة وحفص بإسكان الياء والباقون بفتحها أي من كان منهم ظالما لا يصيبه. قال عطاء بن أبي رباح: عهدي رحمتي وقال السدي: نبوتي وقيل: الإمامة قال مجاهد: ليس لظالم أن يطاع في ظلمه. ومعنى الآية لا ينال ما عهدت إليك من النبوة والإمامة من كان ظالما من ولدك وقيل: أراد بالعهد الأمان من النار وبالظالم المشرك كقوله تعالى: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن ( 82 - الأنعام).
ويجوز أن يعود الضمير من قوله " يؤمنون به " إلى الهدى في قوله قل إن هدى الله هو الهدى أي يؤمنون بالقرآن أنه منزل من الله ، فالضمير المجرور بالباء راجع للكتاب في قوله آتيناهم الكتاب والمراد به التوراة والإنجيل ، واللام للجنس أو التوراة فقط لأنها معظم الدينين والإنجيل تكملة فاللام للعهد. ومن هؤلاء عبد الله بن سلام من اليهود وعدي بن حاتم وتميم الداري من النصارى. والقول في قوله ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون كالقول في أولئك يؤمنون به وهو تصريح بحكم مفهوم ( أولئك يؤمنون به) وفيه اكتفاء عن التصريح بحكم المنطوق وهو أن المؤمنين به هم الرابحون ففي الآية إيجاز بديع لدلالتها على أن الذين أوتوا الكتاب يتلونه حق تلاوته هم المؤمنون دون غيرهم فهم كافرون فالمؤمنون به هم الفائزون والكافرون هم الخاسرون.