الدعاء
عقيدة فاسدة خبيثة، يقدمون العبادة للشيطان في طقوس شيطانية!! فهل يتصور أحد أن يصل الانحطاط بالبشرية إلى الحد الذي وصلت إليه بأن يتخذ بعض أفرادها الشيطان معبودا يتقربون إليه بأنواع الرذائل والقبائح؟ ولكن هؤلاء القوم - وأغلبهم من الشباب- ما وقعوا فيما وقعوا فيه، إلا بسبب غياب الوعي الديني والفراغ الكبير لديهم، والانحلالية والاختلاط، إلى جانب سلبية المجتمع بكل مكوناته، وفي عدم قيام الآباء بالواجب الأمثل تجاه أولادهم في التربية حسبما يتفق مع المنهج الصحيح الذي سار عليه الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ومن تبعه وسار على هديه. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد المبعوث رحمة للعالمين. ﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴾ [مريم: 46]. دعوة إبراهيم عليه السلام لأبيه (2). بهذه الجهالة والقسوة تلقى الرجل الدعوة إلى الهدى وقابل القول المؤدب المهذب، وذلك شأن الإيمان مع الكفر، وشأن القلبِ الذي هذبه الإيمان، والقلبِ الذي أفسده الكفر والطغيان. قابل اللطف والتودد بالعنف والتهديد، إبراهيم عليه السلام يقول أربع مرات: يا أبت، وأبوه صامت لا يقول شيئا، ولما تكلم كأنه قال: إن لم تعجبك آلهتي وكنت لا تريد عبادتها ولا ترضاها فلا تتعرض لها بالتعييب، وإلا رجمتك، حتى تبتعد عني، فلا أكلمك ولا تكلمني طويلاً.. وهكذا شأن كل الجاحدين عبر تاريخ البشرية، يقابلون الرقةَ واللينَ بالغلظة والشدةِ والقسوة، ويصبُّون جام جهلهم وغضبهم على الدعاة المصلحين ويُلحقون بهم الأذى، ويبسطون إليهم ألسنتهم بالسوء، ويمدون إليهم أيديهم بالتعذيب والقتل.. (فرعون مع موسى).
﴿ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ﴾ [مريم: 44]، وهنا نقله إلى أمر أعظم، ليصور له شناعة فعله فقال: ﴿ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ﴾ ، لا تطع الشيطان وتنساقُ وراء إضلاله في عبادتك لهذه الأصنام، فهو الداعي لعبادتها، والبعدِ عن هدى الله المبين، وصراطه المستقيم، فمن أطاع الشيطان فقد خالف وعصى أوامر الرحمن، وصار وليا للشيطان في الدنيا والآخرة، وهذه هي الخسارة العظمى.
(الأنبياء: 107) ، فبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وحياته وأخلاقه تقوم على صنعة إلهية حكيمة ، وتخطيط إلهى محكم ،يتناسب مع أداء هذه الشخصية في الحياة ،حتى تؤدي دورها في نقل البشرية نقلة جديدة حقيقة ، ويعود ذلك إلى طبيعة الرسالة الخاتمة ،والطبيعية البشرية التي حافظت عليها الشخصية المحمدية في تكوينها وأحداثها ، وطبيعة التمييز الإنساني الخالص الذي أفرزته الدعوة وجسدته الحضارة الإنسانية.