رمضان شهر القرآن الحمد لله الذي يوفق من يشاء من عباده لمواسم الخيرات والطاعات، وأعظم المواسم رمضان، فهو شهر مبارك فضله الله على سائر الشهور، ومما ينبغي على المسلم أن يستزيد من فعل الخيرات في رمضان، وأحقها في التقديم تلاوة القرآن؛ لأنه شهر القرآن، ومدارسة القرآن وتعليمه، وتلاوته، تدبرًا وفهمًا وعملًا واستماعًا، ودعوة إلى ما فيه، تحيا به القلوب، وتنشرح له الصدور، وتزكو به النفوس، وتخشع له جوارحهم، فينال العبد به الشرف في الدنيا، والشفاعة في الآخرة. أولًا: مفهوم القرآن الكريم: قال الشوكاني: "فهو الكلام المنزل على الرسول، المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا نقلًا متواترًا" [1]. تفسير شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. ثانيًا: من الآيات القرآنية التي وردت عن تلاوة القرآن الكريم: عظَّم الله تعالى شهر رمضان، واختصه بنزول القرآن الكريم أعظم المعجزات، وربطه به ارتباطًا وثيقًا؛ دلالة على شرف وعلو منزلة القرآن؛ قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]. قال ابن الجوزي: "في قوله تعالى: الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أنزل القرآن فيه جملة واحدة، وذلك في ليلة القدر إلى بيت العزة من السماء الدنيا، قاله ابن عباس، والثاني: أن معناه: أنزل القرآن بفرض صيامه، وروي عن مجاهد، والضحاك، والثالث: أن معناه: إن القرآن ابتدئ بنزوله فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، قاله ابن إسحاق، وأبو سليمان الدمشقي" [2].
وفي ما يلي نذكر بعض النصوص التي جاءت مرغبة المسلم بتلاوة القرآن وأن الله أعد له الأجر والثواب العظيم عند قيامه بذلك [3]: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"خيركم من تعلم القرآن وعلمه\"، رواه البخاري في صحيحه، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -. وقال أيضاً: \"أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله - عز وجل - خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل\"، رواه مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه. رمضان شهر القرآن. وقال: \"لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار\"، رواه البخاري ومسلم في صحيحهما، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -. وقال - صلى الله عليه وسلم -: \"من قرأ من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها: لا أقوال]ألم[حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف\"، رواه الترمذي والدارمي وغيرهما، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو حديث صحيح. وقال - صلى الله عليه وسلم -: \"اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه\"، رواه مسلم في صحيحه عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه -.
وعن أبي حنيفة نحوه. وكان قتادة يدرس القرآن في شهر رمضان. وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام. وكان الامام مالك إذا دخل رمضان ، يفر من قراءة الحديث ، ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف. وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ، ترك جميع العبادة ، وأقبل على تلاوة القرآن.
فضل قراءة القرآن في رمضان قراءة القرآن من أعظم الأعمال عند الله -عزّ وجلّ-، وخاصّةً في شهر رمضان؛ إذ تُعظّم فيه الأجور والمنازل، كما أنّ الإكثار من تلاوة القرآن، وحفظه، وترتيله، وتدبُّره من أسباب الشفاعة يوم القيامة، كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ) ، وقراءة الحرف من القرآن الكريم بحسنةٍ، والحسنة تُضاعَف بعشرة أمثالٍ، كما ورد عن النبيّ -عليه السلام- أنّه قال: (مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقول الم حرفٌ ولَكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ). واجب المسلم تجاه القرآن في شهر رمضان تُشرَع عدّة عباداتٍ مُتعلّقة بالقرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، منها: تلاوته، والحرص على ختمه عدّة مرّاتٍ؛ كلّ مرّةٍ خلال مدّةٍ معيّنةٍ، وحفظ شيءٍ منه ولو كان يسيراً، وتخصيص وقتٍ للتدبُّر والتأمُّل في ما نصّت عليه الآيات القرآنيّة، واستنباط الحِكَم والعِبَر منها، وقراءة شيءٍ من التفسير؛ إذ لا بدّ من التدبّر والتفكّر في آيات القرآن حين تلاوتها، مع الحرص على حضور القلب أيضاً.