قالت: فإنَّ خُلق نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن(7). وفي رواية أخرى قالت عائشة رضي الله عنها: "كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن. ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنين اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1]. حتى بلغ العشر، فقالت: هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم"(8). فما أدقّ وصف أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم!
وكان القرآن الكريم هو المنبع الرئيس الذي استمدَّ منه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أخلاقه، فأضفى على كماله الخلقي كمالاً، وعلى جميل أدبه جمالاً، وذلك بتوجيهه لكلِّ خير، وإرشاده لكلِّ معروف، حتى أصبح صلى الله عليه وسلم كأنه قرآنًا يمشي على الأرض في أفعاله وأقواله؛ لذلك قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عندما سألها سعد بن هشام بن عامر عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألستَ تقرأ القرآن؟ قلتُ: بلى. قالت: فإنَّ خُلق نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن [7]. اخلاق النبي محمد صلي الله عليه وسلم مزخرفه. وفي رواية أخرى قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان خلق رسول الله القرآن. ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنين اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [لمؤمنون: 1]. حتى بلغ العشر، فقالت: هكذا كان خلق رسول الله [8]. فما أدقّ وصف أُمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.
الإصلاح الذي حقَّقه لأمته صلى الله عليه وسلم: ولقد تمَّ على يدَيه صلى الله عليه وسلم إصلاحات عظيمة، وحوادث ضخمَة تؤكِّد عظمته، ومن هذه الإصلاحات: 1- توحيده الأمة العربية بعد أن كانت قبائل لا تؤلِّف بين عناصرها وحدة. 2- قضاؤه على الوثنية، وإحلاله محلها (الدين الإسلامي) الذي يرفع الإنسان إلى مراتب السمو والكمال. 3- إحداثه إصلاحًا حوَّل العرب من الفساد والانغماس في الشهوات وضياع حقوق المستضعفين، إلى الأخلاق الفاضلة، وعبادة الله وحده، وتحقيق العدالة الاجتماعية، غير مُفرِّق بين الضعفاء والأقوياء، وجعل أساس التفاضل هو التقوى؛ { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. اخلاق النبي محمد صلي الله عليه وسلم مزخرف. فجدير بنا أن نَدرُس أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم ونتأسّى بها، وندعو إليها، ونسير على هداها، والله الهادي، ومنه التوفيق. [1] قرية على بعد نحو ثلاثة عشر ميلاً مَن يثرب: المدينة المنورة. [2] الوطيس: حجارة مدوَّرة إذا حميت لم يَقدر أحد عن أن يطأها، وفي حديث (حُنين): ((الآن حمي الوطيس))، ولم يسمع هذا الكلام من أحد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو من فصيح الكلام، يُعبِّر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساقٍ. [3] تصغير نغر، اسم لنوع من الطير.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا النبي لا كَذِب، أنا ابن عبدالمطلب " [رواه الإمام أحمد عن البراء]. لو أردنا أن نتحدث عن شخصية محمد صلى الله عليه وسلم لوجدناه قد تفرَّد بشخصية امتازت بصفات لم تَجتمِع في أحد؛ فهو صلى الله عليه وسلم أعظم شخصية عرَفها التاريخ، وأكمل رجل عرفته الإنسانية على الإطلاق. العالم قبل بعثته صلى الله عليه وسلم: كان العالم قبل بعثته صلى الله عليه وسلم في ظلمات من الزيغ عن الحق والانغِماس في الضلال والجهل، يَستوي في ذلك الأمة العربية وغير العربية. عظمة أخلاق رسول الله| قصة الإسلام. أما العرب فكانوا في ظلمات من العقائد الزائفة، كانوا على ملل حائدة عن الصواب، فمنهم الدهرية الذين لا يؤمنون بإله يُدير العالم، ويُنكِرون البعث والحساب، ومنهم الثنوية الذين يقولون بإلهية النور والظلمة، ومنهم عبَدة الأصنام، وكانوا في ظلمات من المزاعم الساقطة؛ كالاستقسام بالأزلام، والتطيُّر، والتشاؤم بكثير من الأشياء، وكانوا في ظلمات العادات المستهجنة والأعمال المنكرة؛ كطوافهم بالبيت عُراة، ودسِّهم البنات في التراب وهنَّ أحياء، وارتكاب الفاحشة، وشنِّ القتال لأتفه الأسباب. وليس معنى ذلك أن أخلاق العرب كلها كانت مفاسد، بل كان لهم مع هذه المساوئ مزايا ومفاخر؛ كالكرم، والشجاعة، وإباء الضَّيم، والوفاء بالوعد، والطموح إلى المعالي، بالإضافة إلى بلاغة القول، وفصاحة اللسان، وحسنِ البيان.