فينبغي له ألا يلتفت إلى هذه الشكوك، ولا إلى هذه الأوهام، بل يبنى على اليقين، ولا نستطيع أن نفصل أكثر من هذا. تكلم هذا المقال عن: القاعدة الفقهية اليقين لا يزول بالشك معناها ودليلها شارك المقالة
شرح قاعدة (اليقين لا يزول بالشك) مع الأمثلة بيان القاعدة: اليقين لغة: الاستقرار، مأخوذ من قولهم: يقن الماء في الحوض، إذا استقر، المراد به: العلم الذي لا تردد معه. واصطلاحًا: طمأنينة القلب، واستقرار العلم فيه، أو هو: الاعتقاد الجازم. والشك لغة: التداخل؛ وذلك لأن الشاكَّ يتداخل عليه أمران، لا يستطيع الترجيح بينهما. واصطلاحًا: التردد بين وقوع الشيء وعدمه. والمراد بالقاعدة: أن الشك إذا ورد على الإنسان، وكان عنده يقين سابق، فإنه لا يلتفت إلى الشك، بل يرجع في الحكم إلى اليقين السابق عليه. أمثلة القاعدة: المثال الأول: من تيقن الطهارة وشك في الحدث، فإنه يبقى على حكم الطهارة. المثال الثاني: من شك في إحدى الصلوات: هل صلاها أو لا؟ وجب عليه أن يصليها؛ لأن الصلاة مشكوك في فعلها، والأصل أنه لم يُصلِّ، فلا تبرأ ذمته منها حتى يعلم أنه صلاها [1]. دليل القاعدة حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه: أنه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا». متفق عليه [2]. القواعد المتفرعة عن قاعدة (اليقين لا يزول بالشك) القاعدة الفرعية الأولى: « الأصل بقاء ما كان على ما كان »، مثل: 1- من أراد الصوم وأكل شاكًا في طلوع الفجر، ثم لم يتبين له أنه طلع، فصيامه صحيح؛ لأن الأصل بقاء الليل.
من تيقن الطهارة ، وشك في الحدث، فهو متطهر، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث. العقد: إذا ثبت عقد بين اثنين ووقع الشك في فسخه فالعقد قائم. الدَّيْن: إذا تحقق الدين على شخص ثم مات، وشككنا في وفائه، فالدين باق. الوديعة: إذا هلكت الوديعة عند الوديع، وشككنا في أنها هلكت بتعديه عليها أو تقصيره، أو قضاء وقدراً، فهو غير ضامن، لأن صفة الأمانة هي المتيقنة عند العقد، فلا تزول بالشك في حصول التعدي أو التقصير. الماء: اشترى ماءً، ثم ادعى نجاسته ليرده، فالقول قول البائع، لأن الأصل المتيقن طهارة الماء من شك هل طلق امرأته ، أو لا، فلا يقع الطلاق؛ لأن الأصل أنه لم يفعله. العدد: إذا شك في عدد الطواف بنى على اليقين. لو شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً، وهو منفرد، بنى على اليقين، إذ الأصل بقاء الصلاة في ذمته. المستثنى: يستثنى من قاعدة "اليقين لا يزول بالشك " أمور، يزول حكم اليقين فيها بالشك، ومنها ما يأتي [2]: شك ماسح الخف هل انقضت المدة أم لا ؟ فيحكم بانقضاء المدة بهذا الشك. شك مسافر: أوصل بلده أم لا ؟ فلا يجوز له الترخيص بالقصر والجمع وغيرهما. شك هل نوى الإقامة أم لا ؟ يحكم عليه بالإقامة، ولا يجوز له الترخص.
كما ذكرنا في الفتوى: 236266. واليقين لا يزول إلا بيقين مثله, فلا يلزوم بالشك, ولا بالظن. جاء في الاختيار لتعليل المختار: لمجد الدين أبو الفضل الحنفي: ولو ظن أن ماءه قد فني ولم يتيقن، لم يجز تيممه؛ لأن اليقين لا يزول بالظن. انتهى. وقال الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح: فاليقين لا يزول بالظن، لا يزول اليقين إلا باليقين، وعلى هذا؛ فمن علق طلاق امرأته على شيء، وشك هل حصل هذا الشيء أم لم يحصل، فلا طلاق عليه، حتى لو غلب على ظنه أنه حصل، فلا طلاق عليه. انتهى. والله أعلم.
القواعد المندرجة تحت هذه القاعدة: 1- الأصل: بقاء ما كان على ما كان. 2- الأصل براءة الذمة. 3- ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين. 4- الأصل في الصفات العارضة العدم. 5- الأصل إضافة الحوادث إلى أقرب أوقاتها. 6- الأصل في الأشياء الإباحة. 7- الأصل في الأبضاع التحريم. 8- الأصل في الكلام الحقيقة. الأمثلة: 1- إذا سافر رجل إلى بلد بعيد، وانقطعت أخباره مدة طويلة؛ فانقطاع أخباره يجعل شكًّا في حياته، إلا أن ذلك الشك لا يزيل اليقين ، وهو حياته المتيقنة، فلا يجوز لورثته تقسيم ماله فيما بينهم. 2- وعكسه لو غرقت سفينة في عُرض البحر، فيحكم بموت الرجل الموجود فيها؛ لأن موته ظن غالب، والظن الغالب ينزل بمنزلة اليقين ، فتقسم تركته. [1] درر الأحكام: م: 4: ص: 20، الأشباه للسيوطي: 50 - ابن نجيم: 56 - الوجيز: 102 - القواعد للندوي: 354. [2] صحيح مسلم بشرح النووي: (4/ 51). [3] صحيح مسلم بشرح النووي: 4/ 49 ـ 51). [4] صحيح مسلم (2/ 84) سنن الترمذى (2/ 193) مرحباً بالضيف