{ يَفِرُّ الْمَرْءُ} من أعز الناس إليه، وأشفقهم لديه، { مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ} أي: زوجته { وَبَنِيهِ} وذلك لأنه { لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} أي: قد شغلته نفسه، واهتم لفكاكها، ولم يكن له التفات إلى غيرها، فحينئذ ينقسم الخلق إلى فريقين: سعداء وأشقياء، فأما السعداء، فـوجوههم [يومئذ] { مُسْفِرَةٌ} أي: قد ظهر فيها السرور والبهجة، من ما عرفوا من نجاتهم، وفوزهم بالنعيم، { ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ} الأشقياء { يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا} أي: تغشاها { قَتَرَةٌ} فهي سوداء مظلمة مدلهمة، قد أيست من كل خير، وعرفت شقاءها وهلاكها. { أُولَئِكَ} الذين بهذا الوصف { هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} أي: الذين كفروا بنعمة الله وكذبوا بآيات الله، وتجرأوا على محارمه. نسأل الله العفو والعافية إنه جواد كريم [والحمد لله رب العالمين].
فضلًا شارك في تحريرها. ع ن ت
845 - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المصاحفي ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان أخبرنا أبو يعلى ، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد ، حدثنا أبي قال: هذا ما قرأنا على هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت: أنزلت ( عبس وتولى) في ابن أم مكتوم الأعمى ، أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني ، وعند رسول الله رجال من عظماء المشركين ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض عنه ويقبل على الآخرين ، ففي هذا أنزلت ( عبس وتولى). رواه الحاكم في صحيحه عن علي بن عيسى الحيري ، عن العتابي ، عن سعد بن يحيى.
وبعد معاتبة الله لسيدنا محمد في سورة "عبس"، حرص النبي على إكرام ابن أم مكتوم وإظهار الحب له بالترحيب به، واستخلافه على المدينة المنورة أثناء خروجه للغزوات والحروب، إذ استخلفه النبي 13 مرّةً، إلى جانب استخلافه عليها في حجة الوداع. طال بعبدالله العمر حتى شهد معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص، فشارك فيها وكان له دور فاعل في حث المسلمين على الثبات، واستشهد فيها سنة 14 من الهجرة.