مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 11/9/2014 ميلادي - 17/11/1435 هجري الزيارات: 261996 تفسير سورة التكاثر للأطفال بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 1 - 8]. ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ شغلكم عن عبادة الله تفاخركم بالأموال والأولاد. ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ واستمر اشتغالكم بالدنيا حتى متم ونقلتم إلى المقابر. ﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ كلا سوف يظهر لكم أن الآخرة خير وأبقى من دنياكم الزائلة. ﴿ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ وسوف يتبين لكم سوء اختياركم بتقديم الدنيا على الآخرة. ﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾ ما هكذا ينبغي لكم لو كنتم تعلمون حق العلم، ما ألهاكم الولد والمال عن المآل. ﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ والله لتشاهدُنَّ النار بعيونكم، فهل عملتم ما ينجيكم منها؟ ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ وأقسم لترونَّ النار دون شك فأعدوا الزاد ليوم الميعاد واجتنبوا النار بطاعة الواحد القهار.
↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 2، ص 168. ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 17، ص 405 -406. ↑ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 20، ص 406. ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 20، ص 252. ↑ مغنية، تفسير الكاشف، ج 7، ص 604. ↑ سورة التكاثر: 3 -4. ↑ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 20، ص 404. ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 10، ص 226. ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 20، ص 251. ↑ الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 835. ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 20، ص 254-258. المصادر والمراجع القرآن الكريم. الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ. البحراني، هاشم بن سليمان، البرهان في تفسير القرآن ، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ. الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية ، إيران - طهران، الناشر: مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش. الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن ، قم - ايران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ. الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع ، قم - ايران، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، ط 2، 1430 هـ.
ومن المعلوم أنّ الطريق الأمثل لشكر هذه الأنعم، هو ما بيّنته الشريعة من خلال تشريعاتها المتعلّقة بـ(الأبدان) كالصوم و(الأموال) كالزكاة أو (الأرواح) كالصلاة المعراجية أو (الحقوق) كصلة الأرحام مثلاً. فعدم الالتفات إلى ما في الشريعة من أحكام قد يُوقع العبد في عكس ما ذُكر، ومن هنا كان الشاكرون لأنعم الله تعالى، هم الأقلّون عدداً ﴿ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [ سورة الأعراف، 10]! إنّ البعض قد يتوهّم وجود حالة من التنافي بين هذه الآيات الناهية عن التفاخر بالمال والولد وغيرهما، وبين الآية الدالّة على التحدّث بالنعم كقوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [ سورة الضحى، 11]. والجواب عن ذلك: إنّ التحدّث بالنعم ـ سواءً بإظهارها خارجاً أو الحديث عنها ـ يكون بهدف راجح: إمّا بإظهار الشكر عملاً، أو لتشجيع الغير على التأسّي به فيما أنعم الله تعالى عليه، وهذا يجانب تماماً الفخر والتباهي الذي يعود إلى اتّباع الهوى، لا طاعة الهدى.
فهكذا تكون أحوال أهل القيامة، عند النظر إلى ما فاتهم من الخير أيّام الحياة الدنيا. إنّ الرؤية في قوله تعالى: ﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ من الممكن أن نقول عنها بأنّها رؤية القلب الذي من الممكن أن يرى حقائق هذا الوجود: إجمالاً كما يقع لعامّة المؤمنين الذين يصفهم أمير المؤمنين (ع) عند وصف يقينهم بالله تعالى قائلاً: « لا تراه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان » [ نهج البلاغة، 258]. وتفصيلاً كما وقع لإبراهيم الخليل (ع) حيث يقول الله تعالى عنه: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [ سورة الأنعام، 75]. ويؤيّد هذا التفسير: إنّ الله تعالى عطف على هذه الرؤية ﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ تلك الرؤية الاُخرى في القيامة قائلاً: ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ وهي رؤية الحسّ بعدما كانت رؤية الباطن. إنّ لليقين درجات متردّدة بين: علم اليقين، وعين اليقين، وحقّ اليقين، ومثّلوا لذلك: برؤية الدخان، ثمّ رؤية النار، ثمّ ملامستها.. فاليقين حاصل في الحالات الثلاث ولكن بتفاوت واضح في البين، وهذه الدرجات المتفاوتة لليقين منطبقة على اليقين بالآخرة: ففرقٌ بين اليقين به في الدنيا ﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾ واليقين بها في الاُخرى ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾.
تفسير الآية رقم (9): {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)} {بُعْثِرَ} أخرج من فيها من الأموات أو قلب أو بحث.. تفسير الآية رقم (10): {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)} {وَحُصِّلَ} ميز أو استخرج أو كشف.. سورة القارعة:.
إنّ الآية الكريمة جعلت الموجب للردع عن الالتهاء بالتكاثر، هو ذلك العلم اليقيني الذي لا يخالطه ريب، وقيل في تعريفه: « إنه الاعتقاد الجازم المطابق الثابت الذي لا يمكن زواله، وهو في الحقيقة مؤلف من علمين: العلم بالمعلوم، والعلم بأن خلاف ذلك العلم محال » [ الميزان في تفسير القرآن، ج20، ص351]. وعليه، فإنّ ما عدا هذا العلم لا يكفي لأن يكون رادعاً كعبادة الجاهلين، فإنّ مَن لا علم له لا خشية له، ومن هنا ارتفعت درجة العلماء على العُبّاد والزُّهّاد. إنّ العلم ـ وخاصّة إذا وصل إلى مرحلة عالية من اليقين ـ يكون حجّة على صاحبه، فإنّه من أهمّ البواعث على التخلّص من مكدرات الباطن.. لذا فقد عدّه المولى ـ في ختام السورة ـ أداةً لكسر حالة التكاثر والتفاخر المذكورَين في صدر هذه السورة، فإذا لم يحقّق هذا العلم مثل هذه النتيجة صار موجباً للحسرة والندامة غداً، ومن هنا جاء وصف يوم القيامة بـ ﴿ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ﴾ [ ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ﴾ سورة مريم، 39]. وليُعلم أنّ العامل في الدنيا وغير العامل فيها ـ عند الحسرة على حدٍّ سواء ـ ومثاله في ذلك كمثل مَن كان مع ذي القرنين لمّا دخل الظلمات فوجد خرزاً، فالذين كانوا معه أخذوا من تلك الخرز، وعندما خرجوا من الظلمات وجدوها جواهر، فالذين أخذوا منها كانوا في غمٍّ إذ قصّروا في الأخذ منها، والذين لم يأخذوا كانوا أيضاً في غمٍّ إذ لم يأخذوا منه أصلاً!..