ربنا إنّا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دِقه وجِله أوله وآخره سره وعلنه، اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت. اللهم إنّا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت يا من وسعت كل شيء رحمةً وعلما أن تسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا وآثرنا ولا تؤثر علينا. ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201]. حلية طالب العلم. عباد الله: اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: ( وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
[14] الإعراض عن مجالس اللغو: لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر, ويهتكون أستار الأدب, متغابياً عن ذلك, فإن فعلت ذلك فإن جنايتك على العلم وأهله عظيمة. [15] التحلي بالرفق: التزم الرفق في القول, مجتنباً الكلمة الجافية. فإن الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة, وأدلة الكتاب والسنة في هذا متكاثرة. شروح حلية طالب العلم. [16] التأمل: التحلي بالتأمل, فإن من تأمل أدرك, وقيل: " تأمل تدرك " وعليه فتأمل عند التكلم بماذا تتكلم وما هي عائدته. [16] الثبات والتثبت: تحل بالثبات والتثبت, لا سيما في الملمات والمهمات, ومنه: الصبر والثبات في التلقي, وطي الساعات في الطلب على الأشياخ, فإن " من ثبت نبت "[17] كيفية الطلب ومراتبه: " من لم يتقن الأصول حرم الوصول ", و " من رام العلم جملة ذهب عنه جملة" وعليه فلا بد من التأصيل والتأسيس لكل فن تطلبه بضبط أصله ومختصره على شيخ متقن لا بالتحصيل الذاتي, آخذاً الطلب بالتدرج[18] تلقى العلم عن الأشياخ: الأصل في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ, والمثافنة للأشياخ, والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف وبطون الكتب.
قيد معالم هذا "الحلية" المباركة عام 1408 هـ, والمسلمون- ولله الحمد- يعايشون يقظة علمية, تتهلل لها سبحات الوحوه ةلا تزال تنشط- متقدمة إلي الترقي والنضوج- في افئدة شباب الأمة مجدها ودمها المجدد لحياتها؛ إذ نري الكتائب الشبابية تتري, يتقلبون في أعطاف العلم مثقلين بحمله, يعلون منه وينهلون, فلديهم من الطموح والجامعية الاطلاع المدهش والغوص علي مكنونات المسائل ما يفرح به المسلمون نصراً, فسبحان من يحي ويميت قلوباً. فإليك حلية تحوي مجموع آداب, نواقضها مجموعة ؟آفات, فإذا فات أدب منها اقترف المفرط آفة من آفاقه, فمقل وستكثر, وكما ان هذه الآداب درجات صاعدة إلي السنة فالوجوب فنواقضها دركات هابطة إلي الكراهة فالتحريم.
وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) يقول تعالى ذكره ناهيا عباده عن نقض الأيمان بعد توكيدها، وآمرًا بوفاء العهود، وممثلا ناقض ذلك بناقضة غزلها من بعد إبرامه وناكثته من بعد إحكامه: ولا تكونوا أيها الناس في نقضكم أيمانكم بعد توكيدها وإعطائكم الله بالوفاء بذلك العهود والمواثيق ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) يعني: من بعد إبرام. وكان بعض أهل العربية يقول: القوّة: ما غُزِل على طاقة واحدة ولم يثن. وقيل: إن التي كانت تفعل ذلك امرأة حمقاء معروفة بمكة. كالتي نقضت غزلها بعد قوة أنكاثاً. * ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن كثير ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) قال: خرقاء كانت بمكة تنقضه بعد ما تُبْرِمه. حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، عن صدقة، عن السديّ ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ) قال: هي خَرْقَاءُ بمكة كانت إذا أبرمت غزلها نقضته.
مساكين هؤلاء، فاتهم رمضان وفاتهم خير رمضان، رحل رمضان وهو يشهد عليهم لا لهم، هؤلاء قومٌ أبعدهم الله كما أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتاني جبريل فقال: يا محمد!
وقوله: ﴿ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾؛ أي: وينتظركم عقاب شنيع في الآخرة. وقوله: ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾؛ أي: ولا تنقضوا العهود والمواثيق في نظير متاع حقير مِن حُطام الدنيا الزائلة. وقوله: ﴿ إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾؛ أي: إن الذي عند الله مِن الثواب لكم إن أطعتموه هو أحسن وأبقى. ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة. وجملة: ﴿ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ خبر إن. وقوله: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ تذييل للحث على ما قبله، وجواب الشرط محذوف تقديره: فلا تنقضوا العهود في مقابلة حطام زائل. الأحكام: 1- وجوب الوفاء بالعهود والمواثيق. 2- تحريم الغدر. 3- وجوب الإيمان بالقدر. 4- لا يجوز تقليد الحمقى.