[3] (الكراع: يد الشاة، المرجع السابق). 3 0 195, 001
يعني: اذهب إليها، انطلق إليها. قال هنا: "فيغدو معه إلى السوق"، والسوق معروف، قيل له ذلك إما؛ لأن البضائع تساق إليه، أو لأن الناس يقفون فيه على الساق، أو غير ذلك من المعاني. "النبي قبل الهدية".. .تهادوا.. تحابوا. قال: "فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله على سَقَّاطٍ، ولا صاحب بيعة، ولا مسكين". السَقَّاط هو الذي يبيع حقير المتاع، الشيء الذي لا قيمة له، "ولا صاحب بيعة"، بيعة واحدة من البيع، كأنه يريد صاحب بيعة، يعني: جزلة، "ولا مسكين، ولا أحد، إلا سلم عليه". قال الطفيل: "فجئت عبد الله بن عمر يوماً فاستتبعني إلى السوق"، هذا يدل على أنه كان من عادته إذا جاءه يذهب معه إلى السوق، قال: اتبعني، مشينا إلى السوق، "فقلت له: وما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟، وأقول: اجلس بنا ههنا نتحدث". نجلس أنا وأنت نتحدث، ونستفيد من الوقت. "فقال: يا أبا بطن"، -هذا الطفيل بن أبيّ بن كعب كان له بطن كبير، فقال له: يا أبا بطن، وهذا يدل على جواز ذلك، ما لم يتأذَّ به المقول له، وبعض الصحابة يقال له هذا، أسامة بن زيد يقال له: أبو البُطين، ومن رواة الحديث من يلقب بذلك، مثل: مسلم البَطين، وإذا نظرتم في الألقاب في كتب رجال الحديث مثلًا، الرواة يفردون بابًا في الألقاب، فتجدون ألقابًا كثيرة في الصحابة وفيمن بعدهم، وهذا محمول على أنه إن لم يكن يتأذى بذلك.
• قال صلى الله عليه وسلم: ((تهادوا؛ فإن الهدية تُذهِب وحر الصدر)) [2] ، وكان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ويُثيب عليها، وكان أيضًا يحثُّ عليها، ويرغب فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لو أُهدي إليَّ كُرَاع [3] لقَبْلتُ، ولو دُعيت إلى كُرَاعٍ لأجبتُ)) [4]. • وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من الكفار، كهدية كسرى، وقيصر، والمقوقس، وأهدى هو صلى الله عليه وسلم للكفار. آداب الهدية في الإسلام .. تهادوا تحابوا. • أهمية الهدية في تأليف القلوب، وتعميق أواصر المحبَّة، وفيها ترغيب غير المسلمين للإسلام، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع صفوان بن أمية رضي الله عنه قبل أن يُسْلم؛ حينما أعطاه واديَيْن من الإبل والغنم، فأسلَمَ وحسُن إسلامه، بل وسخَّر كل ما يملك في خدمة الإسلام، يقول صفوان رضي الله عنه: "والله لقد أعطاني رسول الله ما أعطاني، وإنه لأبغضُ الناس إليَّ، فما برِح يعطيني حتى إنه لأحَبُّ الناس إليَّ" [5]. التنبيه على نقاط مهمة في الهدية: • أن تُخلص النيَّة لله في هديتك. • أن تدعو ربَّك بأن يبارك فيها؛ حتى تكون مفتاحًا لقلب من أهديتَ إليه. • أن تتناسب الهدية مع الشخص المُهدى إليه؛ فهدية الصغير تختلف عن هدية الكبير، وهدية الرئيس تختلف عن هدية المرؤوس، ونحو ذلك.
وقال: " قبِل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ممن طمع في إسلامه وتأليفه لمصلحةٍ يرجوها للمسلمين، وكافأ بعضهم، وردَّ هديةَ من لم يطمعْ في إسلامه ولم يكن في قَبولها مصلحة، لأن الهدية توجب المحبة والمودة ". تهادو تحابو حديث أم معبد في. هدايا منهي عنها: وهي الهدايا التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها لما فيها من التعدي على حقوق الآخرين، أو الإضرار بهم، ومنها هدية بعض الأبناء دون البعض، وإيثارهم بشيء من المال دون إخوانهم، فهذا وإن كان نوعاً من التحبب للمُهْدَى إليه، إلا أنه يوقع بين الأبناء الشحناء، ويورثُ العقوق للآباء، فعن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال: ( إن أباه أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: إني نحلت (أعطيت) ابني هذا غلاما كان لي، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أَكُل ولدك نحلته مثل هذا؟، قال: لا، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: فأرجعه) رواه البخاري. وفي رواية مسلم: ( أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟، قال: بلى، قال: فلا إذن). ومن الهدايا المنهي عنها: ما يناله الموظفون من هدايا بعضِ المتعاملين معهم، فحين استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن الأُتَبيَّة الأزدي على الصدقة، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا لكم، وهذا أهدي لي.