وفيه أن الله -سبحانه وتعالى- يعاتب المؤمنين، لما أتت قافلة تجارةٍ للمدينة المنورة ، وكان بها زيتاً قدم به دحية بن خليفة من الشام، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- حينها قائماً يخطبُ بالناس، لصلاة الجمعة، فانصرف الناس إلا القليلُ منهم عن الخطبة وذهبوا إلى القافلة، فعاتبهم الله تعالى بأنهم تركوا ما هو خيرٌ لهم وهي الصلاة، وانفضوا إلى القافلة حرصاً على التجارة والكسب في الدنيا، فأمر الله تعالى عباده المؤمنين بترك التجارة وقت الصلاة، والحرص على أداء الصلاة والاستماع للخطبة، وأباح لهم البيع والتجارة في أي وقتٍ غيرَ وقت الصلاة. [٨] ومن اللطائف المذكورة في سورة الجمعة هي أن الأمر في سورة الجمعة جاء بلفظ (فاسعوا) وهذا تنبيهٌ للمسلم إلى أن يقوم لصلاة الجمعة بعزيمةٍ وهمةٍ ونشاط، لأن لفظ السعي يُفيد الجدَّ والعزم والهمَّة إلى الشيء، وقد عبَّرَ عن ذلك الإمام الحسن البصري لما قال بأنه: سعيٌ بالنية والقلوب، وليس سعياً على الأقدام، أي ينبغي أن يكون المُسلم حريصاً عليها مجتهداً في أدائها. [٩] حكم البيع في وقت صلاة الجمعة وحكمُ البيع والشراء والإجارة وغيرها من تجاراتٍ وكسبٍ بعد الأذان الأول لصلاة الجمعة حرام، لما وردَ من نهيٍ وتحريمٍ في الآية الكريمة، فيجب على المؤمنين تلبية نداء الله تعالى وترك التجارة، وأن لا يُشغل المسلم نفسه عنها بأي شيء آخر، وأما باقي الصلوات فالأحوط للمسلم أن يترك التجارة وقت الأذان، لأنه يفوته أجر الجماعة، لكن جاء النص بالنهي عن الانشغال في وقت صلاة الجمعة فقط، لعظيمِ أمرها وفضلها، وهي فرضٌ وحيدٌ بالأسبوع ليس كسائر الصلاة تتكررُ كل يوم، فباقي الصلوات ليست كحكم الجمعة في التحريم.
25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 05:27 PM عضو جديد تاريخ التسجيل: Apr 2013 المشاركات: 1, 618 هل سورة الجمعة مكية أو مدنية؟ من حكى الإجماع على أنها مدنية: قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وهي مدنية كلها بإجماعهم). [زاد المسير: 8/257] قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قال أبو العبّاس: مدنيّة بلا خلاف). [عمدة القاري: 19/338] قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): ( وهي مدنيّةٌ. قال القرطبيّ: في قول الجميع. سبب نزول سورة الجمعة - سطور. وأخرج ابن الضّريس والنّحّاس وابن مردويه، والبيهقيّ في "الدّلائل"، عن ابن عبّاسٍ قال: (نزلت سورة الجمعة بالمدينة). وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن الزّبير مثله). [فتح القدير: 5/298] قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): ( مدنية اتفاقًا). [القول الوجيز: 315] قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وهي مدنيّةٌ بالاتّفاق). [التحرير والتنوير: 28/205] من ذكر الخلاف في مكيتها أو مدنيتها: قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (وهي مدنية ، وذكر النقاش قولا إنها مكية، وذلك خطأ ممن قاله، لأن أمر اليهود لم يكن إلا بالمدينة، وكذلك أمر الجمعة لم يكن قط بمكة، أعني إقامتها وصلاتها، وأما أمر الانفضاض فلا مرية في كونه بالمدينة، وذكر النقاش عن أبي هريرة قال: " كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت سورة الجمعة " وهذا أيضا ضعيف لأن أبا هريرة إنما أسلم أيام خيبر).
آخر تحديث 2019-02-10 15:06:45 سورة الجمعة سورةُ الجمعة، هي سورة مدنيةٌ، وآياتها إحدى عشرةَ آية، وقد سُميت بسورة الجمعة، لأنه جاء فيها الأمر بالنداء لصلاة الجمعة ، وهي الصلاة التي فرضها الله -سبحانه وتعالى- على عباده يوم الجمعة، في وقت صلاة الظهر، وهي فرضُ عينٍ على كل مسلم، فقد قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ) [١] وليوم الجمعة فضلٌ عظيمٌ عند الله تعالى، ولصلاة الجمعة مكانةٌ كبيرةٌ لدى المسلمين، حيث أمَر الله المؤمنين في سورة الجمعة بتلبيةِ نداء الجمعة.
[التحرير والتنوير: 28/205] قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقد عدّت هذه السّورة السّادسة بعد المائة في ترتيب نزول السّور عند جابر بن زيدٍ، نزلت بعد سورة التّحريم وقبل سورة التّغابن). [التحرير والتنوير: 28/205] قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وظاهر حديث أبي هريرة يقتضي أنّ هذه السّورة أنزلت دفعةً واحدةً غير منجّمةٍ). [التحرير والتنوير: 28/205] 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 05:53 PM أسباب نزول سورة الجمعة 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 05:56 PM نزول قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)) قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): ( قوله عز وجل: {وَإِذا رَأَوا تِجارَةً أَو لَهوًا اِنَفَضُّوا إِلَيها} الآية. أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزيادي أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم أخبرنا محمد بن مسلم بن وارة أخبرنا الحسن بن عطية حدثنا إسرائيل عن حصين بن عبد الرحمن عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير قد قدمت من الشام فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَإِذا رَأَوا تِجارَةً أَو لَهوًا اِنفَضُّوا إِلَيها وَتَرَكوكَ قائِمًا} رواه البخاري عن حفص بن عمر عن خالد بن عبد الله عن حصين.
[٢] مناسبة السورة لما قبلها وهناكَ مناسبةٌ بين سورة الجمعة والسورةِ التي قبلها، وهي سورة الصف، فتناسبها من وجوهٍ عديدة، ومنها: [٣] أن الله -سبحانه وتعالى- قارن بين أمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وقوم سيدنا موسى -عليه السلام- ليبينَ فضل الأمة الإسلامية على غيرها، ففي سورة الصف أوضحَ تعالى كيف كان حال موسى مع قومه وما تعرضَ له من إيذاء مُبيناً جحودهم ومؤنّباً لهم، وفي سورة الجمعة بَيَّنَ الله تبارك وتعالى حال النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أمته وفضل أمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- تكريماً وتشريفاً لهم. وفي سورة الصف بشَّر الله تعالى سيدنا عيسى عليه السلام بنبيٍّ بعده وهو النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وفي السورة التي بعدها أي سورة الجمعة، أخبر تعالى أن من بَشّرَ به هو الذي بعثه في الأُمِّيين رسولاً. وفي سورة الصف ختمَ الله تعالى آياته بالأمر بالجهاد، وسماه تِجارَةً وختم هذه السورة بالأمر بالجمعة، وأخبر أنه خَيرٌ من التجارة الدنيوية. وفي سورة الصف أمر الله تعالى المؤمنين بأن يكونوا صفاً واحداً في القتال، فناسب تعقيب سورة القتال بسورة صلاة الجمعة التي تستلزم الصف، لأن الجماعة شرطٌ فيها دوناً عن باقي الصلوات.