و فعلنا أكثر من ذلك و نحن مهتمون بالبحث عن الأسباب الممكنة لموت فرعون. جرت الدراسات الطبية الشرعية للمومياء بمساعدة Ceccaldi مدير مخبر الهوية القضائية في باريس و الأستاذ Durigon و سمحت لنا بالتحقق من وجود سبب لموت سريع كل السرعة بفعل كدمات جمجمية ـ مخية سببت فجوة ذات حجم كبير في مستوى صاقورة القحف مترافقة مع آفة رضية ، و يتضح أن كل هذه التحقيقات متوافقة مع قصص الكتب المقدسة التي تشير إلى أن فرعون مات حين ارتد عليه الموج). ويبين الدكتور بوكاي وجه الإعجاز في هذه القضية قائلاً: "وفي العصر الذي وصل فيه القرآن للناس عن طريق محمد صلى الله عليه واله وسلم ، كانت جثث كل الفراعنة الذين شك الناس في العصر الحديث صواباً أو خطاً أن لهم علاقة بالخروج، كانت مدفونة بمقابر وادي الملوك بطيبة على الضفة الأخرى للنيل أمام مدينة الأقصر الحالية.
المتدبر لقصة نبي الله تعالى موسى عليه السلام، يجد أن الله عز وجل أول ما كلف موسى عليه السلام كلفه بثلاثة أمور؛ هي: 1- توحيد العقيدة لله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾ [طه: 14]. 2- توحيد العبادة لله عز وجل؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14]. فمختصر رسالة الأنبياء تقوم على توحيد الله تعالى، وعند إفراد الله بالألوهية، يقوم المؤمن بإفراده بالعبادة؛ لأن من لوازم لا إله إلا الله: أنه لا معبود بحق إلا الله، ومن أهم مظاهر العبادة الصلاة. عاش موسى عليه السلام طفولته في قصر فرعون صواب أم خطأ - بصمة ذكاء. 3- الإيمان باليوم الآخر؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴾ [طه: 15]. فيُلخص ما يُوحى إلى موسى عليه السلام في ثلاثة أمور مترابطة: وحدانية الله تعالى، وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، والإيمان بيوم القيامة، وهي أسس الرسالات السماوية. وقد عرض نبي الله موسى عليه السلام دعوته على فرعون بأسلوب اللين والرفق، حيث أمر الله تعالى كليمه موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون، وعلمه كيف يتحاور مع فرعون، فقال: ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ﴾ [النازعات: 17 - 19].
فالأمر الإلهي لنبي الله موسى عليه السلام بالذهاب إلى فرعون، ولا يتمهل حتى يقدم عليه فرعون؛ أي: اذهب إليه "وادعه إلى عبادتي وحذَّره نقمتي، وقوله تعالى: ﴿ إنه طغى ﴾ تعليل للأمر، أو لوجوب المأمور به؛ أي: جاوز الحد في التكبر والعتو والتجبر، حتى تجاسر على العظيمة التي هي ادعاء الربوبية" [1]. فنبي الله موسى عليه السلام هو الذي قاد زمام المبادرة مع أنه على الحق، ربما يفسرها بعض الناس على أنها سبب لترك الذهاب للباطل، فلا يذهب إليه فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، لكن الذي حدث أن المبادرة كانت بيد الحق، وهذا درس في غاية الأهمية للدعاة إلى الله تعالى في اقتدائهم بنبي الله موسى عليه السلام، وتدل الآية على أنه من الضروري في الدعوة إلى الله تعالى من اللين في القول، وسهولة العبارة؛ قال الله تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43، 44]. وبالتدبر في قول موسى عليه السلام: ﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ﴾ [طه: 45]، وكأن نبي الله موسى عليه السلام يشاور فرعون في تزكية نفسه، ولم يقل له: هل لك إلى التزكية، فالوصول إلى التزكية دفعة واحدة تأباه سنة التدرج، وإنما قال تزكى، يعني: أن تبدأ بوضع قدمك في طريقها.
الحمد لله. كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة، كما جاء مصرحا بذلك في الآيات والأحاديث. وموسى عليه الصلاة والسلام كان مبعوثا لبني إسرائيل، ولكنهم كانوا مستضعفين من قبل فرعون وملئه ، فكان لابد في تحريرهم من التوجه إلى فرعون ، واقتضى ذلك دعوته إلى التوحيد أولاً؛ لإثبات أن موسى رسول من عند الله، ليترك له بني إسرائيل. فرعون موسي عليه السلام الحلقه 8 يوتيوب. قال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى يَافِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) الأعراف/104، 105 قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/ 454): " فأرسل معي بني إسرائيل أي: أطلقهم من أسرك وقهرك، ودعهم وعبادة ربك وربهم؛ فإنهم من سلالة نبي كريم إسرائيل، وهو: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن عليهم صلوات الرحمن" انتهى. وقال تعالى: (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) طه/47.
قال تعالى: (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم) [طه: 47]. ولم يرسلا بشريعة إلى القبط. وأما الدعوة إلى التوحيد فمقدمة لإثبات الرسالة لهم" انتهى. فالمقصود بالرسالة بنو إسرائيل، ودعوة فرعون بالتبع، ليسلم لموسى بالرسالة، ويطلق له بني إسرائيل. وينظر أيضا للفائدة، نقاش حول هذه المسألة: والله أعلم.