وما تبذلوا من مال وغيره في سبيل الله قليلا أو كثيرًا يخلفه الله عليكم في الدنيا، ويدخر لكم ثوابه إلى يوم القيامة، وأنتم لا تُنْقصون من أجر ذلك شيئًا. تفسير ابن كثير تفسير القرطبي تفسير الطبري تفسير السعدي تفسير الجلالين اعراب صرف فقال "وأعدوا لهم ما استطعتم" أي مهما أمكنكم "من قوة ومن رباط الخيل" قال الإمام أحمد; حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي علي ثمامة بن شفي أخي عقبة بن عامر أنه سمع عقبة بن عامر يقول; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر " "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي" رواه مسلم عن هرون بن معروف وأبو داود عن سعيد بن منصور وابن ماجه عن يونس بن عبدالأعلى ثلاثتهم عن عبدالله بن وهب به.
الإرهاب صنعة أتقنتها دول الطغيان العالمي التي تعمل تحت راية أميركا، ولقد بلغت ذروة إرهابها في عدوانها على وطننا، هذا الوطن له سيادته وهو يسعى لبناء نفسه وتطوير ذاته وحماية حقوقه، وكان مضرب المثل في أمان أبنائه وعيشهم بسلام على تعدد أطيافهم، حتى ثار مرتهَنون لبرامج معادية خارجية حاقدة تريد أن تمزق وحدة وطننا وتعايش أبنائه وسعيه للتقدم والازدهار. وباسم الحرية مزقوا الحرية، وباسم الإصلاح عاثوا في الأرض فساداً، واستعانوا بالعدو على الوطن وأبنائه، وصاروا أداة قذرة لتمزيق وطن وتشتيت شعب طالما كان ملاذ الشعوب المستضعفة والمعتدى عليها.
وبعدُ أيها المسلمون إن هذا الواقع الخطير ليتطلب منا أمرين لابد منهما، الأول منهما أن نكون جميعاً مستعدين لبذل كل ما في وسعنا للدفاع عن النفس والمال والعرض والحرمات ضد عدوان خطير يمتد على امتداد رقعة وطننا كما ترون وتسمعون. على أننا نقول إن هذا الوطن منتصر، ولن تستطيع قوى الأرض وإن تألبت عليه أن تهزمه، فسنوات أربع مضت وهو صامد في وجه حرب كونية.
وجملة ترهبون به عدو الله وعدوكم إما مستأنفة استئنافا بيانيا ، ناشئا عن تخصيص الرباط بالذكر بعد ذكر ما يعمه ، وهو القوة ، وإما في موضع الحال من ضمير " وأعدوا " وعدو الله وعدوهم: هم المشركون فكان تعريفهم بالإضافة لأنها أخصر طريق لتعريفهم ، ولما تتضمنه من وجه قتالهم وإرهابهم ، ومن ذمهم ، أن كانوا أعداء ربهم ، ومن تحريض المسلمين على قتالهم إذ عدوا أعداء لهم ، فهم أعداء الله لأنهم أعداء توحيده وهم أعداء رسوله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم صارحوه بالعداوة ، وهم أعداء المسلمين لأن المسلمين أولياء دين الله والقائمون به وأنصاره. فعطف " وعدوكم " على عدو الله من عطف صفة موصوف واحد مثل قول الشاعر ، وهو من شواهد أهل العربية: إلى الملك القرم وابن الهما م وليث الكتيبة في المزدحم والإرهاب جعل الغير راهبا ، أي: خائفا ، فإن العدو إذا علم استعداد عدوه لقتاله خافه ، ولم يجرأ عليه ، فكان ذلك هناء للمسلمين وأمنا من أن يغزوهم أعداؤهم ، [ ص: 57] فيكون الغزو بأيديهم: يغزون الأعداء متى أرادوا ، وكان الحال أوفق لهم ، وأيضا إذا رهبوهم تجنبوا إعانة الأعداء عليهم. والمراد بآخرين من دونهم أعداء لا يعرفهم المسلمون بالتعيين ولا بالإجمال ، وهم من كان يضمر للمسلمين عداوة وكيدا ، ويتربص بهم الدوائر ، مثل بعض القبائل.
مما تقدم, نستطيع القول, أن الله عز وجل طلب إلينا أن نعد القوة البشرية والاقتصادية وقوة الوحدة الوطنية إلى جانب القوة العسكرية, حتى نستطيع جعل العدو يرهب هذه القوة, وتجبره على الجلوس إلى طاولة المفاوضات ومحاولة حل الأزمة بشكل سلمي. لقوله عز وجل وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ من كل ما تقدم نستطيع القول أن عوامل القوة لقرار القتال, هي نفسها العوامل الرئيسة لقرار التفاوض وإقرار السلام. فالقوة هي سلاح الإقناع أو الأرغام في ميدان القتال, ونفس القوة هي سلاح الإقناع أو الإرغام على مائدة المفاوضات. تطبيقات الآية على عصرنا الحاضر. سنأخذ القضية الفلسطينية, كمثال... نسيم الشام › خطبة د. توفيق البوطي: وأعدوا لهم ما استطعتم. أي صراعنا مع إسرائيل, وعناصر القوة والضعف في هذا الصراع. الصراع العربي الإسرائيلي, هو الصراع الوحيد في العالم اليوم الذي أثبت وبالأحداث والأرقام, ضعف القوة العربية والإسلامية بشكل عام. عناصر القوة التي تحولت إلى ضعف في هذا الصراع. الأمة العربية والإسلامية تملك القوة البشرية والمادية (لكن هذه القوة المادية تم اغتيالها, بفعل الفساد وأصبحت الشعوب العربية والإسلامية من أفقر الشعوب في العالم), ولديها قوة عسكرية, توازي قوة العدو بل وأكثر, لكنها مع كل أسف موجهة إلى قمع إرادة وحرية الشعوب.