ومن هنا حلف الرسول ألا يأكله مرة أخرى ، وبالفعل عندما زار من عندها عسل رفض أن يأكل منه ، وقد أطلع الله نبيه على ما فعلته أزواجه ، – زوجاته – وبيَّن له المخرج من يمينه ، وهو كفارة بعتق رقبة أو أطعام عشر مساكين أو كسوتهم على ما جاء في سورة المائدة.
وجملة: (يؤمرون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما). الصرف: (قوا)، فيه إعلال بالحذف من موضعين، الأول فاء الكلمة بدءا من المضارع لأنها وقعت بين ياء وكسرة، ثم امتّد الحذف إلى الأمر- كما في المعتلّ المثال- والثاني لام الكلمة بدءا من المضارع أيضا حيث أسند إلى واو الجماعة، ثمّ امتدّ الحذف إلى الأمر.. الأصل يقيونا، استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة الى القاف، فلما التقى ساكنان حذفت الياء، ثمّ انجرّ الحذف إلى الأمر، وحذفت النون للبناء.. يا ايها النبي لما تحرم ما احل الله لك. وزنه عوا. (يعصون)، فيه إعلال بالحذف أصله يعصيون، استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الصاد ولمّا التقى ساكنان حذفت الياء فأصبح يعصون، وزنه يفعون. البلاغة: فن السلب والإيجاب: في قوله تعالى: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ). وهذا الفن هو بناء الكلام على نفي الشيء من جهة وإيجابه من جهة أخرى، أو أمر بشيء من جهة ونهي عنه من غير تلك الجهة. وفي الآية الكريمة، سلب عز وجل عن هؤلاء الموصوفين العصيان، وأوجب لهم الطاعة.. إعراب الآية رقم (7): {يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)}.
روى الإمام أحمد ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال": لما انقضت عدة زينب رضي الله عنها قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لزيد بن حارثة (اذهب فاذكرها علي) فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينها قال: فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها وأقول إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذكرها فوليتها ظهري ونكصت على عقبي وقلت: يا زينب أبشري أرسلني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يذكرك، قالت ما أنا بصانعة شيئًا حتى أؤامر ربي عز وجل فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فدخل عليها بغير إذن" [3] الحديث. سبب نزول آية : يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك – كنوز التراث الإسلامي. يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ﴾ وكان الذي تولى تزويجها منه هو الله عز وجل بمعنى أنه أوحى إليه أن يدخل عليها بلا ولي ولا عقد ولا مهر ولا شهود من البشر [4]. إن الأساليب القرآنية في بيان الهدايات والتشريعات تتنوع حسب مقتضيات المواقف وإحداث الأثر في نفوس المخاطبين وهذا التنوع جزء من الإعجاز البياني للقرآن الكريم. * مصطفى مسلم [1] روح المعاني للآلوسي (30/ 39) [2] انظر الحديث في مسند الإمام أحمد (3/195) [3] انظر صحيح مسلم كتاب النكاح (4/148) [4] انظر تفسير ابن كثير (3/491) المصدر: الألوكة الشرعية