فمن شهد منكم الشهر فليصمه الحمد لله مقدر الأقدار، ومصرف الشهور والأعوام، نحمده أن جعلنا من أمة الإسلام، وشرع لنا الصلاة والصيام، وبين لنا الحلال والحرام، والصلاة والسلام على خير من صلَّى وصام، وطاف بالبيت الحرام، محمد بن عبد الله مسك الختام، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان على الدوام.
وقولهم صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ، فالذي قال هذا الكلام ليس النبي إنما هو مشرك من المشركين لا يعلم ما أنزل الله على رسوله والمؤمنين ، وإن علم وهو متعمد فهو من كبار الماكرين المفسدين. إن رؤية الهلال التي يترقبونها في البداية والنهاية لا تكون إلا عند غروب الشمس ، والمؤمنون الذين يتبعون ما أنزل الله يكونون في ذلك الوقت في الصلاة ، فمن الذي يترقب هذا الهلال ، إنهم المشركون الذين لا يصلون الصلاة التي أنزلها الله ، أما الرسول والمؤمنون الذين كانوا يصلون معه لم يفعلوا ذلك أبدا ، والله أنزل عليهم يقول ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل... ) فهذا هو الوقت الذي يترقبون فيه الهلال ، وهذا الوقت كله صلاة ، فالنبي لم يقل بهذا الكلام أبدا أبدا ، فقد كشف الله المفترين وتابعيهم إلى يوم الدين. شبكة الألوكة. 3) إن قوله تعالى (... فمن شهد منكم الشهر فليصمه... ) هي حالة استثنائية استطرادية وليست حالة تجميعية كما يصورونها في أعين الناس ، ومثل ذلك قوله عز وجل (... فمن كان منكم مريضا أو على سفر... ) فهذه حالة استثنائية تخص المريض والمسافر ، فالناس ليسوا كلهم مرضى وليسوا كلهم مسافرين ، ولا تعني أنه يتوجب على الناس أن يسافروا أو يتحولوا إلى مرضى.
فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر تفريع على قوله: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الذي هو بيان لقوله: كتب عليكم الصيام كما تقدم ، فهو رجوع إلى التبيين بعد الفصل بما عقب به قوله: كتب عليكم الصيام من استيناس وتنويه بفضل الصيام وما يرجى من عوده على نفوس الصائمين بالتقوى ، وما حف الله به فرضه على الأمة من تيسير عند حصول مشقة من الصيام. وضمير " منكم " عائد إلى الذين آمنوا مثل الضمائر التي قبله ؛ أي: كل من حضر الشهر فليصمه ، و ( شهد) يجوز أن يكون بمعنى حضر كما يقال: إن فلانا شهد بدرا وشهد أحدا وشهد العقبة أو شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أي: حضرها ، فنصب الشهر على أنه مفعول فيه لفعل شهد ؛ أي: حضر في الشهر ؛ أي: لم يكن مسافرا ، وهو المناسب لقوله بعده: ومن كان مريضا أو على سفر إلخ. [ ص: 174] أي: فمن حضر في الشهر فليصمه كله ، ويفهم أن من حضر بعضه يصوم أيام حضوره.
فهل استقبل قلبك رمضان؟ هل أعددت نية صادقة وعزمًا أكيدًا بين يدي صومك؟ هل أعددت غذاء الروح لتزكية النفوس وتطهيرها في هذا الشهر الكريم؟ أيها الأخ الكريم: ابدأ هذا الشهر بنية صادقة حرة، وإرادة أكيدة، تأمل بزوغ الهلال، واعزم عزمًا أكيدًا على اغتنام رمضان، وزيادة الإحسان، وهجر الذنوب والعصيان. ابدأ هذا الشهر بعزيمة صادقة مخلصة على إصلاح نفسك، وتطهير عيبك، ورفع الغفلة عن قلبك، والسعي إلى رضا ربك. قال الفضيل بن عياض: "إنما يريد الله عز وجل منك نيتك وإرادتك" فلنبدأ هذا الشهر بتوبة صادقة، وإنابة خاشعة، نتطهر بها من عيوبنا، ونغسل بدموع أوبتنا ذنوبنا، فالذنب لا يغسل إلا بدمع. فسارع وزاحم في هذا الشهر لتخرج منه مغفورًا لك، "ليس السابق اليوم من سبق بعيره، ولكن السابق من غفر له". فمن شهد منكم الشّهر فليصمه... الشيخ ياسر الدوسري 🤍🎙️ - YouTube. لا تجعل أيام رمضان كأيامك العادية، فلتجعلها غرة بيضاء في جبين أيام عمرك، ولا تجعل أيام فطرك وأيام صومك سواء. قال جابر بن عبد الله: "إذا صمت فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة في يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء". • فإذا كنت في غير رمضان متكاسلاً عن الصلاة، فاعقد العزم من هذه اللحظة على عمارة بيوت الله.