تكرر ظهور تعبير «العودة إلى المستقبل» Back to the future في الصحافة البريطانية في انشغالها بانتخاب حزب العمال العريق لزعيم جديد له. كنت ذكرت في الأسبوع الماضي سر الاهتمام بزعامة حزب معارض خمسة أعوام قبل الانتخابات، لأن النظام البرلماني يقدم للناخب حكومة بديلة (حكومة الظل) ببرنامج بديل، كما أن حزب المعارضة الأكبر في الديمقراطيات البرلمانية الحقيقية (تختلف في الأنظمة الجمهورية وفي أنظمة انتخابات التمثيل النسبي أو القوائم) لا يطرح برامج بديلة فحسب، بل يقدم للبرلمان مشاريع قوانين أو تعديلات على مشاريع قوانين قدمتها الحكومة ويناقشها البرلمان. ولذا فاللون السياسي وطريقة تفكير زعيم المعارضة في النظام البرلماني تعني التأثير على حياة المواطن، وأولوياته الاقتصاد طبعًا والسياسة الضرائبية وأسعار الفائدة في البنوك ثم الخدمات وفي مقدمتها الصحة فالتعليم والمواصلات. العودة إلى المستقبل 3. في النظام البرلماني هناك آلية للانضباط الحزبي كي يصوت نواب كل حزب ليس حسب أهوائهم الشخصية أو معتقداتهم الآيديولوجية بل حسب توجيهات زعامة الحزب. الآلية هي مكتب حزبي يعرف بـ whips office أو حاملي السياط، والتعبير مجازي فلا رئيس المكتب chief whip ولا مساعدوه يحملون سياطا يلهبون بها ظهور الأعضاء، وإنما يستخدمون كل وسائل الترغيب والترهيب لضمان تصويت نواب الحزب أثناء الـ division أو انقسام المجلس للتصويت على تعديل قانون أو قبول أو رفض قرار وفق السياسة الحزبية وليس وفق الأهواء الشخصية أو القناعات الذاتية.
بدأت ظاهرة الـ (returnship) في أمريكا أولاً ثم انتشرت في بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية وتتمثل في إعطاء فرص عمل لموظفين لديهم خبرات سابقة، ولكن توقفوا عن العمل لمدة طويلة، وتعد من أهم الاتجاهات الجديدة في سوق العمل حالياً. وتركز العديد من هذه البرامج على دعم عودة النساء إلى العمل بعد الانقطاع الوظيفي بشكل خاص. حيث تشجع العديد من المنظمات على خلق قوة عاملة أكثر توازناً بين الجنسين. وتعدّ فرص العودة للوظيفة مبادرة ممتازة لدعم رجوع المرأة إلى ساحة العمل. العودة إلى المستقبل 2. يتعلق الأمر بالاستفادة من الخزان الهائل من المواهب بين النساء في المستويات الوظيفية المتوسطة والعليا اللاتي أخذن استراحة طويلة، على الأرجح لرعاية الأطفال. وفقًا للخبراء، يمكن أن يكون لعمليات العودة الآن أهمية أكثر من أي وقت مضى. حيث دفعت عمليات الإغلاق المرتبطة بالوباء أعداداً قياسية من العمال إلى ترك وظائفهم، وكان أغلبهم من النساء، سواء لرعاية الأطفال بعد إغلاق المدارس، أو لأسباب أخرى. تعدّ برامج العودة مفهوماً جديداً نسبياً، لكن قد تكون سبباً من أسباب ازدهار سوق العمل في المستقبل. حيث يكون للموظفين العائدين دوافع فائقة وشغف للعمل، ولديهم نطاق أوسع من الأعمار والقدرات ولديهم خلفيات تعليمية ومهارات مختلفة، بالإضافة إلى الخبرة المكتسبة من تجارب الحياة ما يضيف المزيد إلى القوى العاملة وهذا بدوره يعود بالفائدة على صاحب العمل.
ونحن نعلم كيف أقنعت الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، بوقف حرب السويس، ببضع مكالمات هاتفية. ويروي يفغيني بريماكوف، السياسي السوفياتي البارز الذي لعب أدواراً متعددة أثناء الحرب الباردة، في مذكراته، كيف طار إلى القاهرة في يونيو (حزيران) 1967، كي يخبر الزعيم المصري جمال عبد الناصر بقبول وقف إطلاق النار مع إسرائيل. فيلم العوده الي المستقبل 2. وقد وافق ناصر فوراً على طلبه، على الرغم من أنه بوصفه رجلاً عسكرياً، لا بد من أنه كان يعلم أنه ما من حرب يتم كسبها فعلياً إلا إذا تقبل جانب واحد الهزيمة. في العالم القديم، يمكن لبوتين الذي يأمل في إحياء الولايات المتحدة، أن يعتمد على دعم غير مشروط تقريباً من حلفائها الأوروبيين واليابانيين وغيرهم. ولم يعد هذا هو الموقف الآن؛ حيث تحاول حتى القوى الأوروبية الصغيرة، ناهيكم عن العرب وحلفاء آسيويين آخرين، تشكيل الخيارات السياسية الخاصة بهم على أساس كل حالة على حدة. وهذا هو السبب الذي يجعل تركيا التي لا تزال عضواً في حلف شمال الأطلسي، تتقلب في اتجاهات عدة، في حين تدعو حفنة من بلدان الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، إلى التهاون في التعامل مع موسكو. وفي العالم القديم نفسه، كان بوسع الاتحاد السوفياتي المخاتلة بمزاعم النفوذ في الصين الشيوعية.