ما أخافه وعيناي مفتوحتان على اتساعهما، بعد أن غرقت في أعماق خوفي، عاجزًا حتى عن محاولة النجاة، هو تلك المؤامرة التي تقوم في داخلي ضد ذاتي، تلك المؤامرة وحدها هي ما أخشاه، وهذا ما ستفهمينه بصورة أوضح بعد قراءة رسالتي إلى أبي، وإن كنت لن تفهمي ذلك منها تمام الفهم مع ذلك، لأن تلك الرسالة قد وجهت في إحكام بالغ نحو هدفها. أجمل الرسائل التي كتبها كافكا إلى ميلينا - مجلة رجيم. ميلينا، أنت بالنسبة لي، لست امرأة، أنت فتاة، فتاة لم أر مثلها أبدًا من قبل، لست أظن لهذا أنني سأجرؤ على أن أقدم لك يدي أيتها الفتاة، تلك اليد الملوثة، والمعروقة، المهتزة، المترددة، التي تتناوبها السخونة والبرودة. أتعلمين يا ميلينا، إنك عندما تذهبين إليه (يقصد زوجها) فإنك بذلك تخطين خطوة واسعة إلى أسفل بالنسبة لمستواك، لكنك إذا خطوت نحوي فسوف تتردين في الهاوية، هل تدركين ذلك ؟ ما شكل تلك الشقة التي كتبت لي منها يوم السبت؟ هل هي فسيحة وخالية؟ هل أنت وحيدة؟ نهارًا وليلًا؟ لا بد أن يكون هذا محزنًا حقًا. على الرغم من صغر حجرتي، فإن ميلينا الحقيقية، تلك التي زايلتك صراحة يوم السبت، توجد معي هنا، وصدقيني إنه شيء رائع جدًا، أن أكون معها. ستكون كذبة بالنسبة لي لو قلت إنني أفتقدك، إنه السحر الكامل، المؤلم، إنك توجدين هنا مثلما أنا هنا، إن وجودك مؤكد أكثر من وجودي، إنك تكونين حيث أكون، وجودك كوجودي، و أكثر كثيرًا من وجودي في الحقيقة.