كذلك قال عنه الشيخ محمد عبد الجواد القاياني المصري: "… هو من نوادِرِ هذا الزَّمَان". علاقته بالعلماء:- أما صاحب الترجمة؛ أي الشيخ بدر الدين، فولد بدمشق، وقرأ على والده القرآن الكريم، ومبادئ العلوم، كما قرأ على أبي الخير بن عبد القادر الخطيب (ت1308 هـ). ثم رحل الشيخ بدر الدين الحسني إلى مصر، ودخل الأزهر وقرأ على علمائه، منهم: إبراهيم بن علي السقا الشبرابخومي (ت1298 هـ) واستفاد منه كثيراً، وهو عمدته في الرواية، وكان المترجم لا يسند إلا من طريقه عن محمد بن سالم ثعيلب (ت 1239 هـ)، عن الشهابين أحمد بن عبد الفتاح الملوي (ت1181 هـ)، وأحمد بن حسن الجوهري (ت1181 هـ)، عن سالم بن عبد الله البصري (ت 1160 هـ) بما في " الإمداد" ولاقتصاره في الرواية عنه ظن بعضهم أنه لا رواية له غيره، وهذا غير صحيح. فقد روى عن: علي بن ظاهر الوتري (ت1322هـ) ومحمد بن فالح بن محمد الظاهري (ت 1328 هـ) والحبيب حسين بن محمد الحبشي (ت1330 هـ) والسيد أحمد بن إسماعيل البرزنجي (ت 1335 هـ) وعبد الجليل بن عبد السلام برادة (ت1330 هـ) وعبد الرزاق بن حسن البيطار (ت 1335 هـ) والأمير سعيد بن محمد بن عبد القادر الجزائري (ت 1352 هـ) وأحمد بن عبد الغني عابدين (ت 1307 هـ) وأبو الهدى محمد بن حسن الصيادي (ت 1327 هـ).
وكان على علو كعبه في العلم يمتنع عن الفتوى، ويحيل المستفتي إلى كتاب أو إلى دائرة الفتوى. وكان يقول بفتح باب الاجتهاد لمن هو أهل لذلك. وكان يدعو إلى تعلم اللغات الأجنبية للانتفاع بالعلوم التي وصلت إليها الأمم المتقدمة. وكان بدر الدين قد مال إلى التأليف في مطلع شبابه، فكتب نحواً من أربعين رسالة قبل أن يكمل الثلاثين من العمر، وكانت أكثر مؤلفاته شروحاً على كتب العقائد والفقه ومنها: كتاب «الدرر البهية في شرح المنظومة البيقونية» وكتاب «روض المعاني لشرح عقيدة العلاّمة الشيباني»، وكتاب «البدور الجلية في شرح نظم السنوسية»، و«حاشية على شرح الرحبية في علم الفرائض»، ورسالة «فيض الوهاب في موافقات سيدنا عمر بن الخطاب»، وكتاب «غاية المرام على شرح القطر لابن هشام». ولكنه عزف بعد ذلك عن التأليف مكتفياً بدروسه العامة والخاصة، وكانت تملأ يومه. كان بدر الدين تقيّاً، ورعاً، صَوَّاماً، زاهداً، لم يغتب أحداً، ولم يسمح لأحد أن يغتاب أحداً في مجلسه، وكان قوي الشخصيَّة ذا عزة وترفُّعٍ عن أهل الدنيا، والسلطان، مما أورثه هيبة في قلوبهم. وهذا ينسجم مع دعوته أهل العلم للابتعاد عن السياسة، ورجالها. ويرى أنه لا خير في مودة أهل السياسة، ولذلك لم يلبّ دعوة السلطان عبد الحميد لزيارة اصطنبول، ودعوة قيصر روسية سنة 1913م.
كتاب بديا أكبر مكتبة عربية حرة الصفحة الرئيسية الأقسام الحقوق الملكية الفكرية دعم الموقع الرئيسية / وسوم / محمد بدر الدين الحسني عرض النتيجة الوحيدة الدرر البهية في شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث محمد بدر الدين الحسني صفحة التحميل صفحة التحميل
وكان الشيخ يمدهما بالذخيرة والمؤن، وما يحتاجان إليه بطريق بعض طلابه المخلصين، وقد جعل الشيخ من يكون همزة وصل بينه وبين الثوار فيقدم له بياناً يومياً عن الثورة ومعارك الثوار. كانت رمزية الشيخ بدر الدين وحضوره عند الثوار عظيماً، ولهذا مثلاً كانا المحكمة العسكرية التي يقيمها حسن الخراط من علماء مجاهدين لكي يقضي بالشريعة يُصدِّر حكمها باسم إمام المسلمين المحدِّث الأكبر الشيخ محمد بدر الدين الحسني. وصية قبل الوفاة وتوفي الشيخ قبل أن يتم طرد آخر جندي فرنسي محتل من سوريا.
» [2] مؤلفاته ومؤلفاته تنوف الأربعين ولم يجاوز العشرين من عمره وله الباع الطويل والقدم الراسخة في كافة العلوم حتى الرياضيات العالية، والحكمة، والفلسفة، والطب، والهيئة، والجغرافية، والهندسة، وكان إذا ذكر حديثًا جلس ساعة يتكلم في شرحه وما يستنبط منه حتى يقول الحاضرون لم يبق شيء يستنبط من هذا الحديث، ثم يقول الشيخ: ويؤخذ من هذا الحديث كذا وكذا ويؤخذ منه كذا وكذا الخ. وفي يوم الجمعة يجلس بعد صلاتها إلى صلاة العصر في شرح حديث واحد في جامع بني أمية وكان يقرئ الطلاب في الجامع الأموي النحو، والصرف، والبلاغة، والمنطق، والفقه، وغيرها. وكان يقرئ تفسير البيضاوي عن ظهر قلبه بدون أن يحمل كراسة، ولما أحس أنه قد ألم بنفوس العلماء بعض القلق حيث أقبل الناس على درسه، اعتزل في غرفته في مدرسة دار الحديث الأشرفية ولم يخرج منها مدة عشر سنين وكان يصلي الجمعة في حجرته الملاصقة للمسجد من جهة الشرق وكان في حجرته نافذة إلى بيته يذهب ويأتي منها وفي مدة اعتزاله أكب على المطالعة والحفظ وأقبل بكليته على علم الحديث حتى صار فيه الحجة البالغة والمرجع الأوحد للعام والخاص.
ومن رفاقه في طلب العلم العلامة الأشموني والباجوري وغيرهما وأجيز من الشيخ المحدث عبد الرحمن الكزبري الدمشقي وله ما ينوف عن ماية مؤلف في سائر الفنون خصوصا الأدب. نشأ في حجر والده وقد أتم حفظ القرآن الكريم وتعلم الكتابة وهو ابن سبع سنين ثم أخذ في مبادئ العلوم، ولما توفي والده كان له من العمر اثنتا عشرة سنة فجلس في غرفة والده في دار الحديث الأشرفية يطالع الكتب ويحفظ المتون بأنواع الفنون وقد حفظ عشرين ألف بيت من متون العلم المختلفة، وكان الإمام يحفظ غيبًا صحيحي البخاري ومسلم بأسانيدهما وموطأ مالك ومسند أحمد وسنن الترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجه وكان يحفظ أسماء رجال الحديث وماقيل فيهم من جرح وتعديل ويحفظ سني وفاتهم ويجيبك عما شئت منها. كان شافعي المذهب كأبيه. [1] وقد صرح بذلك في قصة مشهورة نقل عنه تلاميذه أنه ترك القصر في سفر قائلا أنه شافعي وفي مذهب إمامه أبي عبد الله الشافعي السفر الذي تقصر فيه الصلاة هو سفر الطاعة لا سفر المعصية، وأنه ليس سفر طاعة بسبب دين عليه.