قال ابن عباس:إنما كان ذلك في سرية بعثت. قال ابن أبي حاتم وابن جرير:حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس حدثه، قال:بينا أنا في الحِجْر جالسا، جاءني رجل فسألني عن: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) فقلت له:الخيل حين تغير في سبيل الله، ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم. فانفتل عني فذهب إلى علي، رضي الله عنه، وهو عند سقاية زمزم فسأله عن ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) فقال:سألت عنها أحدًا قبلي؟ قال:نعم، سألت ابن عباس فقال:الخيل حين تغير في سبيل الله. قال:اذهب فادعه لي. تفسير سورة العاديات - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد. فلما وقف على رأسه قال:تفتي الناس بما لا علم لك، والله لئن كان أولَ غزوة في الإسلام بدر، وما كان معنا إلا فَرَسان:فرس للزبير وفرس للمقداد، فكيف تكون العاديات ضبحًا؟ إنما العاديات ضبحا من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى. قال ابن عباس:فنـزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي، رضي الله عنه. وبهذا الإسناد عن ابن عباس قال:قال علي:إنما ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) من عرفة إلى المزدلفة، فإذا أووا إلى المزدلفة أوروا النيران. وقال العَوفي عن ابن عباس:هي الخيل. وقد قال بقول علي:إنها الإبل جماعة.
منهم:إبراهيم، وعبيد بن عمير وبقول ابن عباس آخرون، منهم:مجاهد وعكرمة، وعطاء وقتادة، والضحاك. واختاره ابن جرير. قال ابن عباس، وعطاء:ما ضبحت دابة قط إلا فرس أو كلب. وقال ابن جُرَيْج عن عطاء سمعت ابن عباس يصف الضبح:أح أح. وقال أكثر هؤلاء في قوله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا) يعني:بحوافرها. وقيل:أسعَرْنَ الحرب بين رُكبانهن. قاله قتادة. وعن ابن عباس ومجاهد: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا) يعني:مكر الرجال. وقيل:هو إيقاد النار إذا رجعوا إلى منازلهم من الليل. وقيل:المراد بذلك:نيران القبائل. وقال من فسرها بالخيل:هو إيقاد النار بالمزدلفة. وقال ابن جرير:والصواب الأول؛ أنها الخيل حين تقدح بحوافرها. وقوله ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا) قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة:يعني إغارة الخيل صبحًا في سبيل الله. تفسير الاية والعاديات ضبحا. وقال من فسرها بالإبل:هو الدفع صبحا من المزدلفة إلى منى. وقالوا كلهم في قوله: ( فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا) هو:المكان الذي إذا حلت فيه أثارت به الغبار، إما في حج أو غزو. وقوله: ( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا) قال العَوفى، عن ابن عباس، وعطاء، وعكرمة، وقتادة، والضحاك:يعني جَمَع الكفار من العدو. ويحتمل أن يكون:فوسطن بذلك المكان جَميعُهُن، ويكون ( جَمْعًا) منصوبا على الحال المؤكدة.
إن الإنسان لربه لكنود. أي:من طبيعة الإنسان جحود النعمة والأثرة بها، فهو يعد المصائب وينسى نعم الله عليه. وقد ورد في السّنة أن الكنود هو:( الذي يأكل وحده، ويضرب عبده، ويمنع رفده). فهو أناني ليس لديه إيثار أو معونة للآخرين، وهي مسيء العشرة يؤذي الخادم والأجير، وهو بخيل شحيح لا يجود بالخير على المحتاجين إلى معروفه. لشهيد:يشهد على جحوده لسان بأقواله وأفعاله. ٧- وإنه على ذلك لشهيد. أي:إنه إذا خلّي بينه وبين نفسه رجع إلى الحق، واعترف أنه لم يشكر ربه حق الشكر، ولم يستخدم نعمة الله فيما خلقت له، وأنه ضنّ بمعروفه على المحتاجين إليه، فهي شهادة بلسان الحال، وهي أفصح من لسان المقال. الخير:المال. لشديد:الحرص عليه. ٨- وإنه لحبّ الخير لشديد. وإنه لشديد المحبة للمال، وهو لذلك شديد الحرص عليه، لا يسهل عليه أن ينفقه في وجوه الخير. بعثر ما في القبور:أخرج ما فيها من الموتى. ٩- أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور. من شأن القرآن أن ينقل الإنسان مباشرة إلى بعض المشاهد لتحريك قلبه، لتنبيه ضميره، لتطهير فؤاده، لإيقاظ العظة والاعتبار في وجدانه، فهذا الإنسان الكنود الجحود، الشديد الحبّ للمال، الضنين به على مستحقيه، ماذا يكون حاله إذا بعثرت القبور، وبعثت الأموات، وخرج الموتى سراعا للحساب والجزاء ؟ ١٠- وحصّل ما في الصدور.