كان يعلم أن المتمردين الحوثيين قد وجهوا ضربة قوية للجيش السعودي في عام 2009 عندما غامر الجنود السعوديون بدخول أراضي الحوثيين، حيث احتلوا عدة قرى وقمم جبال في جيزان. لكن "محمد بن سلمان" خاض حربًا مع الحوثيين على أمل تحقيق نصر سريع. وبعد ما يقرب من 7 سنوات، يخسر السعوديون الحرب وليس لديهم خطة للانسحاب. ما يحمله المستقبل يستخدم "محمد بن سلمان" إجراءات صارمة لبناء الدولة السعودية الرابعة. لكن يبدو أنه من المرجح أن يصبح ملكها الأول والأخير. بسبب ضغوطها المالية، قلصت الحكومة نظام الرعاية الاجتماعية السخي بعد أكثر من نصف قرن من تدليل الشعب السعودي. وصدمت السرعة التي تم بها إدخال التغييرات العديد من السعوديين، وأصبح عدد متزايد من المواطنين يشعر بخيبة أمل من قراراته المتقلبة في كثير من الأحيان. إن المملكة العربية السعودية دولة قبلية غير متجانسة. ميلاد الدولة السعودية الرابعة. وتشمل منطقة نجد، معقل الوهابيين التي تضم أقل من ثلث السكان السعوديين. والمنطقة الشرقية ذات الكثافة الشيعية. والحجاز، التي تضم أقدس مسجدين في الإسلام، مكة والمدينة؛ ومنطقة عسير جنوب الحجاز. بالإضافة لنجران وجيزان بجوار جبال صعدة اليمنية؛ ومحافظة الحدود الشمالية التي لها روابط تقليدية بجنوب العراق والأردن.
يؤكد كتّاب ومحللون، أن سمو الأمير محمد بن سلمان يدشن للدولة السعودية الرابعة، وهو يعلن عن مشروع "نيوم"، الذي يجيء ضمن لَبِنَات بناء الدولة الحديثة، الشابة والمتطلعة للمستقبل، كما يتوق ولي العهد الشاب أن يراها خلال سنوات قليلة؛ لافتين إلى أن المشروعات الكبرى تبدأ بالحلم والتطلع إلى المستقبل، وأن القيمة الاقتصادية وفتح المجال للعقول، جزء من هذا المشروع.
يسند هذا في واقعنا قول الأمير محمد بن سلمان الشهير خلال جلسة في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض أكتوبر 2018: " أرى أن الشرق الأوسط سيصبح أوروبا القادمة وهذه حربي وحرب السعوديين معي ولا أريد أن أفارق الحياة حتى يتحقق هذا الهدف " نفس واثق مثابر وفرض صريح لهذه الإرادة يصل حد الفدائية. عبثية السلطة الرابعة ينزل توصيف محمد عبده دقيقاً على واقع جوانبٍ اجتماعية وتنظيمية حالية أخرى، لكن ما يعنينا هنا هو فهم شخصية هذا النظام ومسار خطاه المضطردة لينكشف العبث الذي يكتنف محتوى إعلامه. الدولة السعودية الرابعة. الإعلام أو السلطة الرابعة التي لم تضف لدولته الراعية قوة معتبرة في عالم الإعلام المحلي ولا الدولي، ولم يبن قدراً يعتد به من المصداقية، بل في كل أزمة يضرب مصداقية النظام في مقتل، ولم يصنع نفوذاً يعتد به رغم مئات الملايين من المتابعين، حيث تعتاش أغلب هذه المحطات على الجوانب الترفيهية والفنية التي تحصد متابعين يُخلِصون في تسلية أنفسهم عبرها وتدمير هوياتهم فقط. لكنها في الوقت ذاته لا تعمل على استخدام هذه المساحة من القبول في بناء وعي خاص بها يستوجب كافة نواحي الامتداد الفكري، بل على العكس عملت على تهميش وتهشيم الجانب الفكري لدى المتابع وتحييده في الجوانب المتاحة لعقله العربي.
بعد عام، قُتل المنشق السعودي "جمال خاشقجي"، الذي كان ينتقد مشروع رؤية 2030 "لمحمد بن سلمان" وأسلوب قيادته، بوحشية في القنصلية السعودية في إسطنبول. كان "محمد بن سلمان" يعلم أن أعضاء بارزين في العائلة المالكة السعودية عارضوا صعوده إلى العرش واعتبروه مندفعًا وغير متعاطف. لم يكن يريد أن يواجه نفس المصير الذي واجهه عمه الملك "سعود"، الذي أطيح به في عام 1964 من قبل تحالف من كبار الأمراء ورجال الدين. وهكذا، أنشأ "محمد بن سلمان" جهازًا أمنيًا شخصيًا خارج نطاق القانون وخارج نطاق القضاء لتعقب المعارضين السعوديين في الخارج. الدولة السعودية الرابعة - الخليج الجديد. ولأنه مهووس بفكرة أن العائلة المالكة السعودية ستعتبره غير لائق للحكم، فهو مصمم على منع ظهور حركة أمراء أحرار أخرى، على غرار تلك التي أنشأها الأمير "طلال بن عبدالعزيز" في عام 1958. وقد ظهرت وسط صراع على السلطة بين الملك "سعود" وولي العهد الأمير "فيصل"، وطالبت الحركة بتحويل السعودية إلى ملكية برلمانية دستورية. وقد انتهت بعد أن تولى "فيصل" الملك عام 1964 ونال ولاء العائلة المالكة والمؤسسة الدينية. دولة سعودية جديدة لضمان عدم الطعن في حكمه بطريقة مماثلة، فرض "محمد بن سلمان" عدة تغييرات بدعم من والده.
لكن الأهم من ذلك هو أن أفراد العائلة المالكة الآخرين منعوا من الوصول إلى الأصول العامة. (بالرغم من أن أفراد العائلة المالكة السعوديين لا يكشفون عن مواردهم المالية، إلا أن "محمد بن سلمان" هو ملياردير بكل المقاييس. فقد اشترى لوحة "ليوناردو دافنشي"، "سالفاتور موندي"، مقابل 450 مليون دولار ويختًا فاخرًا مقابل 550 مليون دولار. من المفهوم أن سياساته الاجتماعية، بما في ذلك إلغاء الرقابة الوهابية الصارمة، جعلت "محمد بن سلمان" يتمتع بشعبية بين الشباب والنساء السعوديين. ومع ذلك، فإن دعمهم يتوقف على نجاح خطط التحديث الاقتصادي الخاصة به. يكمن فخ التنمية الاقتصادية في أنها تؤدي حتماً إلى تزايد المطالب بالمشاركة السياسية، بالرغم من أنه من غير المرجح أن يتسامح "محمد بن سلمان" مع مثل هذه الدعوات. يشكك الكثيرون أيضًا في مستقبل مشروع "نيوم" العملاق، وهو خطة بقيمة 500 مليار دولار لتحويل السعودية إلى دولة حديثة. بعد 5 سنوات من إعلانه عن رؤية 2030، وهو برنامج آخر لجعل السعودية قوة اقتصادية عالمية، لا تزال الإيرادات غير النفطية تمثل جزءًا صغيرًا فقط من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ما جعل جميع وظائف الدولة الأساسية في يديه ضمن رؤية مركزية للهيمنة على صنع القرار السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري في السعودية.
* نقلاً عن " عكاظ " تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.