• ومن الدعوات المستجابات دعوةُ المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، ففي الحديث الذي رواه مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ». ومن الدعوات المستجابات دعوةُ الولد الصالح؛ للحديث الذي رواه مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». الدرر السنية. وروى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ، فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ». ومن الدعوات المستجابات دعوةُ المضطر؛ لقول الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ [النمل: 62]. ومن الدعوات المستجابات عند نزول المطر والتقاء الجيوش وإقامةِ الصلاة، ففي الحديث الذي حسَّنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة يقول علية الصلاة والسلام: (اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة ونزول المطر).. ومن الدعوات المستجابات دعاءُ آخرِ ساعةٍ من يوم الجمعة، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: (فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ وهو يصلي يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه الله إياه).
وفي صحيح البخاري أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل مولى له على عملٍ من أعمال المسلمين، فقال له: اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ. بل إن الله تكفَّل بنُصرة المظلوم، وإجابة دعوته، ولو طال الزمن؛ قال صلى الله عليه وسلم كما أخرج ذلك الترمذي: دعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتُفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنَّك ولو بعد حين. ثلاث دعوات مستجابات. فسبحان الله كم بكت في تنعُّم الظالم عينُ أرملة، وكم احترق كبدُ يتيم، وكم جرت دمعةُ مسكين، وقد يستهزئ البعض من كثرة دعواتِ المظلوم على الظالم واستبطاء الإجابة. ولهؤلاء نقول: أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري ما صنع الدعاء سهام الليل لا تخطئ ولكن لها أمدٌ وللأمد انقضاء فدعوة المظلوم سلاحٌ على الظالمِ لا يُبقِي وإن طالَ الدهرُ؛ قال صلى الله عليه وسلم لمُعاذ بن جبلٍ رضي الله عنه حين بعثَه إلى اليمن: (واتَّقِ دعوةَ المظلومِ، فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ).
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في إكثارِ الدُّعاءِ في السَّفرِ؛ لأنَّه مستجابٌ. وفيه: التَّحذيرُ مِن الظُّلمِ والعقوقِ.