مولده سلام الله عليه في جوف الكعبة في يوم الجمعة 13 رجب قبل البعثة بـ 10 سنوات وبعد عام الفيل بـ 30 سنة، وقيل لم يولد قبله ولا بعده مولودٌ في الكعبة، وهذا أول تكريم وأول وسام له من الله، ويذكر الزركلي في الأعلام أن مولده عليه السلام سنة 23 قبل الهجرة، وفي تحديد اليوم بالميلادي يذكر الناطق بالحق أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني أنه في يوم 7 أيلول/سبتمبر، وبحسب سنة الزركلي يكون مولده في العام 600 ميلادي. يقول الرواة أن أبوطالب عليه السلام خرج يوماً يمشي هوناً، فزوجته فاطمة بنت أسد تتلوى من ألم المخاض، وعندما شاهده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سأله عن السبب، فأخبره بالأمر، فأشار عليه بأخذها الى الكعبة، علّ الله يخفف عنها الألم، وجاءت الى الكعبة تسأل من الله تخفيف الألم وتسهيل الولادة، وما أسرع ما أنجبت وليدها المبارك، فسماه والده "علياً"، وعمّت الفرحة قلب والده وابن عمه محمد الصادق الأمين، ورفعت أمه رأسها الى السماء، تشكر ربها على هذه المكرُمة التي خصّها ووليدها بها. ومن لطيف ما يُروى أن فاطمة بنت أسد عليها السلام عندما وصلت الى الكعبة فُتح لها الباب، وفي رواية انشق لها الجدار فدخلت الى البيت الحرام ووضعت مولودها، ومكثت داخله ثلاثة أيام، وهذه مكرُمة إلهية، اختص الله بها هذا المولود المبارك دون سائر الناس، لحكمة أرادها الله.
فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن ذكور أولادهم،حتى لا يكون ما يريدون. وفرق بين الرجال والنساء،وحبس الرجال في المحابس،فلما وضعت أم موسى بموسى نظرت إليه،وحزنت عليه،واغتمت وبكت وقالت: يذبح الساعة. فعطف الله عز وجل قلب الموكّلة بها عليه،فقالت لأم موسى: ما لك قد أصفر لونك؟! فقالت: أخاف أن يذبح ولدي. فقالت: لا تخافي. مولد الامام علي عليه السلام في. وكان موسى لا يراه أحد إلاّ أحبه وهو قول الله: ( وألقيت عليك محبة مني)(5) فأحبته القبطية الموكلةبه،وأنزل الله على أم موسى التابوت، ونوديت: ضعيه في التابوت،فألقيه في اليم،وهو[البحر] ( ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)(6). فوضعته في التابوت وأطبقته عليه وألقته في النيل. وكان لفرعون قصر على شط النيل متنزه،فنظر من قصره ومعه آسيه امرأته،إلى سواد في النيل ترفعه الرياح،والأمواج تضربه حتى جاءت به إلى باب قصر فرعون،فأمر فرعون بأخذه،فأخذ التابوت ورُفِع إليه،فلما فتحه وجد صبياً فقال: هذا إسرائيلي. فألقى الله في قلب فرعون محبة شديدة وكذلك في قلب آسية. وأراد فرعون أن يقتله فقالت آسيه: ( لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً وهم لا يشعرون)(7) أنه موسى (8). إذن فليس بعجب أن يخفي الله حمل المهدي وولادته صوناً له وحفظاً لحياته،كما فعل جل وعلا ذلك من قبل بموسى إلى أن ولدته أمه،ثم مكّن له أن يعيش في بيت فرعون وتحت رعايته.
وأسرع البشير إلى أبي طالب وأهل بيته فأقبلوا مسرعين والبشر يعلو وجوههم ، وتقدّم من بينهم محمّد المصطفى ( صلّى اللّه عليه وآله) فضمّه إلى صدره ، وحمله إلى بيت أبي طالب - حيث كان الرسول في تلك الفترة يعيش مع خديجة في دار عمه منذ زواجه - وانقدح في ذهن أبي طالب أن يسمّي وليده « عليّا » وهكذا سمّاه ، وأقام أبو طالب وليمة على شرف الوليد المبارك ، ونحر الكثير من الأنعام [4]. [1] نهج البلاغة « صبحي الصالح »: الخطبة 57 ص 92 ، وأمالي الطوسي: ص 364 الرقم 765 ، ومناقب آل أبي طالب: 2 / 107 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد: 4 / 114 ، وبحار الأنوار: 41 / 217. [2] خصائص أمير المؤمنين للشريف الرضي: 39 ، والغدير للأميني: 6 / 22 ، والمستدرك للحاكم النيشابوري: 3 / 483 ، والكفاية للحافظ الكنجي الشافعي والخريدة الغيبيّة في شرح القصيدة العينيّة للآلوسي صاحب التفسير ، ومروج الذهب للمسعودي ، والسيرة النبوية ، وموسوعة التاريخ الإسلامي: 1 / 306 - 310. ولادة الإمام عَلِيّ بن مُحَمَّد الهَادِيّ (عليهما السَّلَام) | مؤسسة علوم نهج البلاغة. [3] علل الشرائع للصدوق: ص 56 ، وروضة الواعظين للفتال النيسابوري: ص 67 ، وبحار الأنوار: 35 / 8 ، وكشف الغمة للأربلي: 1 / 82. [4] بحار الأنوار: 35 / 18.