عباءة الإسلام تسع الجميع وتجعل من قلب المؤمن خيمة كبيرة لكل مسلم على وجه الأرض (يوالي فيها كل مسلم ويتبرأ فقط من كل مخالفة مع بقاء الولاء العام للإسلام والمسلمين). وقاعدة أخرى جليلة تستفاد من الآيات وهي اتباع الوحي دون غيره {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}, وعلى نفس الامتداد كان حض رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على اتباع الوحي في كل عمل «خذوا عني مناسككم» وإن اقترف العبد ما اقترف فباب التوبة مفتوح {وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} قاعدة الرجوع إلى الله والتوبة مهما بلغ عظم الذنب وارتفع يامن عدا ثم اعتدى ثمّ اقترف ثم استحى ثم انتهى ثم اعترف! وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل. أبشر بقول الله في آياته: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} ثم كانت القاعدة الخاتمة في آيات دعاء إبراهيم وهي الإيمان بالرسل وخاصة خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ودعوة الخلق إلى التعلم منه واتباعه ونصرته ونشر دينه وتزكية أنفسهم وتطهيرها بما ينزل عليه وحي وحكمة. {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)} [البقرة]
لا توجد أحاديث صحيحة تتحدث عن بناء الكعبة قبل إبراهيم - عليه السّلام - وكل ما يعتمد عليه أنصار القول الأول، إنما هو أخبار وروايات لم تثبت ولم تصح حديثياً، ولذلك لا تعتمد ولا تدل على ما يراد بها في موضوع النزاع.
وبذلك فالأرجح أن البيت قد بُني قبل إبراهيم – عليه السلام – وأن آدم – عليه السلام – هو الذي بناه، وبعد الطوفان جُهِلَ مكانه، إلى أن جاء إبراهيم – عليه السلام – فأعلمه الله مكانه وأمره ببنائه ورفعه إبراهيم وإسماعيل – عليهما السلام -. يخبرنا الله سبحانه أن إبراهيم وإسماعيل – عليهما السلام – كانا وهما يرفعان القواعد في البيت يسألان الله سبحانه: أ. أن يتقبل عملهما خالصاً لوجهه الكريم فهو سبحانه سميع الدعاء العليم بإخلاص النية فيه. ب. أن يجعلهما مسلمَيْن لله خاضعَيْن لأمره سبحانه وأن يجعل من ذريتهما أمةً مسلمةً كذلك. ج. أن يعلمهما مناسك الحج التي قاما ببناء البيت لأجلها ليكونا أول من يطوف بهذا البيت ويتم المناسك. د. آية ومعنى : "وإذْ يرفعُ إبراهيمُ القواعدَ من البيتِ وإسماعيلُ" - منتدى الكفيل. وأن يتوب عليهما إنه سبحانه التواب الرحيم. هـ. وأن يبعث سبحانه في الأمة المسلمة من ذريتهما رسولاً منهم يعلمهم القرآن والسنة، ويطهرهم من الشرك فإنه سبحانه العزيز القوي الذي لا يعجزه شيء، والحكيم الذي يُحكم تدبيره ويفعل ما يريد. ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا) (مِنْ) هنا للتبعيض فلم يدعُ إبراهيم لكل ذريته لأنه علم من الله سبحانه أنه سيكون من ذريته ظالمون ( قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
صحيفة تواصل الالكترونية