َوتابع قائلًا فى إحدى تسجيلاته: "أما فريضة الصيام فقد أوضح لنا سبحانه وتعالي الحكمة من فرضها في قوله سبحانه وتعالي " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" ، أي أن الصيام قد فرض عليكم أيها المؤمنون كما فرض علي الأمم الأخرى لعلكم تنالون درجة التقوى التي هي من أعلي وأسمي الدرجات وأرفع المنازل وأعظمها، وبذلك تكونون ممن رضي الله عز وجل عنهم ورضوا عنه. واختتم أن العلماء قد أفاضوا في بيان فوائد الصيام، أنه يهذب الروح، ويساعد النفس علي الاستقامة والصفاء ، ويعين القلب علي التطهر والنقاء، لأن الصائم يكون أكثر مراقبة لله عز وجل، فالصيام زكاة للنفس ورياضة للجسم، وصفاء للقلب. برنامج(حديث الصيام)، يذاع عبر إذاعة القرآن الكريم، إعداد وتقديم محمدعبد الحق.
وفي هذا من التكريم والخصوصية ما لا مزيد عليه، ومن هذه الفوائد أن شهر الصيام تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم، وتصفد فيه الشياطين، كما جاء في البخاري، ومنها أن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وقد ورد في فضلها وعظم شأنها حديث البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. وهكذا نرى أن الله تعالى جعل شهر الصوم موسماً سنوياً تكرم به على عباده ليكون لهم مناسبة يحطون فيها عنهم الأوزار والآثام، فيخرجون منها بصحائف بيض، ولكنه تعالى خص بهذه التحفة عباده الذين يصومون بجميع جوارحهم عما حرم الله فيجمعون بين صوم الظاهر والباطن، فيستحقون ما لا يستحقه غيرهم، يقول الرسول صلى الله عليه سلم: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. أخرجه البخاري. الشيخ عطية صقر يشرح الحكمة من مشروعية الصيام. ومن فوائد الصيام أنه مدرسة خلقية كبرى متعددة الجوانب يتدرب فيها المؤمن سنوياً على كثير من الخصال الحميدة، منها: جهاد النفس ومقاومة الأهواء، وخلق الصبر على ما قد يُحْرَم منه، وتدريبه على الأمانة، ومراقبة الله في ظاهره وباطنه، إذ لا رقيب على الصائم إلا الله، وكفى به رقيباً.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كانَ أوَّلُ ليلةٍ من شَهْرِ رمضانَ: صُفِّدَتِ الشَّياطينُ ومرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِّحَت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ويُنادي مُنادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِرْ وللَّهِ عُتقاءُ منَ النَّارِ، وذلكَ كلُّ لَيلةٍ) [6]. أحكام الصيام – الحكمة للعلوم التكاملية. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ) [7]. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) [8]. عن سهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ ، لا يَدْخُلُ معهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ ؟ فَيَدْخُلُونَ منه ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أَحَدٌ) [9].
والصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا، يكسر شهوة البطن والفرج، فيكون معنى الآية فرضت عليكم الصيام، لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في كتابي، وإن الله عز وجل إنما فرض الصوم ليكون عاملاً مهماً في تحقيق التقوى في نفس المؤمن. ويذكر القرآن أن التقوى، هي ثمرة الصوم العظمى، فإن التزام المسلم بكل الأحكام والآداب المتعلقة بشهر رمضان، واجتهاده في التحلي بها، لا بد ستكون ثمرتُه التقوى، فالصوم يمنعه من الرفث والجهل وقول الزور، وسائر المعاصي، والصائم يجتهد في الصبر والصفح والكف عمّا وُجِّه نحوه من سب أو شتم أو اعتداء، ويُعينه على ذلك تذكّره لحقيقة أنه صائم، وفي ذلك وقايةٌ من مجاراة السفهاء والمعتدين، فالصيام مشروع لتكوين إنسان مثالي، تتمثل التقوى في شعوره وأخلاقه وسلوكه، وتتحقق ثمرة طبيعية للصيام، فحالة الصائم الذي إذا كان مخلصا فيه، فحتماً سوف تنتج منه ثمرة التقوى، بما يتناسب مع درجة صيامه وإخلاصه والتزامه. ومن تمام التقوى أن يدع الإنسان بعض الحلال مخافة الوقوع في الحرام، فالمؤمن التقي ورع لا يحوم حول الحمى، ولا يدنو من الشبهات، ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، والصيام عبادة كتبها الله على المؤمنين، لغاية مقدسة كسائر الفروض والتشريعات، وهي تربية التقوى في نفس المؤمن.
شاهد أيضًا: هل يوجد جن في رمضان وهل جميع الشياطين تصفد في رمضان أحاديث من هدي النبي في شهر رمضان من أبرز الأحاديث القصيرة عن شهر رمضان الكريم هي: [10] عن زيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره ، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا) [11]. عن عائشة أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن مَاتَ وعليه صِيَامٌ صَامَ عنْه ولِيُّهُ) [12]. عن سهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ) [14]. عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فَصْلُ ما بيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الكِتَابِ ، أَكْلَةُ السَّحَرِ) [15] عن حفصة أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يبيِّتِ الصِّيامَ قبلَ الفَجرِ ، فلا صيامَ لَهُ) [16]. أحاديث صحيحة عن ليلة القدر من أهم الأحاديث التي وردت عن فضل ليلة القدر نذكر: [17] عن عائشة أم المؤمنين قالت: (يا رَسولَ اللهِ، إنْ وافَقتُ لَيلةَ القَدرِ بِمَ أدعو؟ قال: قولي: اللَّهمَّ إنَّكَ عَفوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي) [18]. عن عبد الله بن العباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى) [19].
تاريخ النشر ٢١:٢٤:٠٩ – ٢٠٢٠/٠٥/٠٤ تحت عنوان (حكمة مشروعية الصيام) تحدث الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الراحل، موضحًا أنه من شأن العقلاء من الناس أن يتلقون التكاليف التي كلفهم بها الخالق عز وجل بالسمع والطاعة، وذلك تصديقًا لقول الله عز وجل " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا".
وفي الصيام تخليص للإنسان من رِق الشهوة والعبودية للمادة، وتربية عملية على ضبط الغرائز والسيطرة عليها، وإشعار للإنسان بأن الحريات مقيدة لخير الإنسان وخير الناس الذين يعيش معهم، هذا جهاد شاق يعود الصبر والتحمل، ويعلم قوة الإرادة ومضاء العزيمة. الصيام جنة والإنسان إذا تحرر من سلطان المادة اتخذ لنفسه جنة ـ بضم الجيم ـ قوية تحصنه ضد الأخطار التي ينجم أكثرها عن الانطلاق والاستسلام للغرائز والأهواء ،يقول النبي صلى الله عليه وسلم (الصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم) رواه البخاري ومسلم. والصائم الذي يمتنع عن المحرمات وعن الحلال الذي تدعو له الشهوة إنسان عزيز كريم، يشعر بآدميته وبامتيازه عن الحيوانات التي تسيرها الغرائز. والصيام أيضا يعود التواضع وخفض الجناح ولين الجانب، إن الصيام إلى جانب ما فيه من صحة النفس فيه صحة بدنية أسهب المختصون في بيانها وتأكيد آثارها الطيبة، ففي الحديث: "صوموا تصحوا"رواه الطبراني عن رواة ثقات، والصوم يعود النظام والتحري والدقة، وذلك بالتزام الإمساك عند وقت معين وحرمة الإفطار قبل حلول موعده، قال تعالى:( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل).