2 ـ العلم الذي يفتح له آفاق الحياة ـ من خلال حركة الفكر ـ في موارده ومصادره ومفرداته، ليعي ـ بواسطته ـ كيف يسلك الخطّ المستقيم في حياته. 3 ـ الالتزام الدقيق بأوامر الله ونواهيه في عباداته ومعاملاته وعلاقاته العامة والخاصة، وهذا ما يؤمّنه الخوف من الآخرة، والرجاء برحمة الله. وهذه الأمور يريد الله للإنسان أن يحركها في حياته، كي يحصل على النتائج الكبيرة في قضية المصير. الله يبادل الإحسان إحساناً وتأتي بعد ذلك آيةٌ حركيّةٌ أخرى يبلّغ الله فيها رسوله ليقول للمؤمنين الذين يعانون من المشركين التحديات الصعبة، سيما من جهة ما يتعرضون له من أساليب الإذلال والضغط النفسي والجسدي والعائلي: إن عليهم متابعة السير في خط الالتزام في ما يريدهم الله، وما يحسنون به لأنفسهم وللحياة من حولهم من الأعمال الصالحة والمواقف الكبيرة، سيبادلهم الله به إحساناً في الآخرة... اية قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. وإنَّ عليهم أن لا يخضعوا للضغوط القاسية التي تريد أن تحاصرهم وتضغط على إرادتهم، وذلك بالبحث عن الوسائل التي تحررهم منها. {قُلْ يا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُواْ} فجعلوا الإيمان عنوان سلوكهم العملي، باعتباره التجسيد لإيمانهم الفكري والروحي، {اتَّقُواْ رَبَّكُمْ} فإن التقوى تمثل موقف الصدق للإيمان، لأنها توحي بالعمق الروحي في مضمون الالتزام، بما تمثله من انضباطٍ شاملٍ؛ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا} بالعمل الصالح في مضمون تقوى الله ومراقبته في الفكر والحركة، {حَسَنَةٌ} قد تأخذ حجماً صغيراً محدوداً، وقد تأخذ حجماً كبيراً مضاعفاً، تبعاً لنوعية العمل في حجمه وروحيته.
إنما يتذكر ويعرف الفرق أصحاب العقول السليمة. وفي الوسيط لطنطاوي قال: أهذا الكافر الذي جعل لله أندادا ليضل عن سبيله أحسن حالا، أم الذي هو ملازم للطاعات آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه؟ ، ووصف القنوت بأنه في آناء الليل، لأن العبادة في تلك الأوقات أقرب إلى القبول وقدم السجود على القيام، لأن السجود أدخل في معنى العبادة. وقد أخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة: (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ « كَيْفَ تَجِدُكَ ». قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي. في رحاب قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} | المنتدى العالمي للوسطيه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ ». وفي تفسير القرطبي ( بتصريف): القانت: هو المطيع ، والخاشع في صلاته ، والداعي لربه ، وكل قنوت في القرآن فهو طاعة لله – عز وجل – وفي صحيح مسلم: (عَنْ جَابِرٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَفْضَلُ الصَّلاَةِ طُولُ الْقُنُوتِ ».
الفوائد: - أحوال المنادي المضاف لياء المتكلّم: 1- إن كان معتل الآخر (مقصورا أو منقوصا) ثبتت معه الياء مفتوحة، مثل: (يا فتاي، يا محاميّ). 2- إن كان صفة: أي (اسم فاعل، أو مبالغته، أو اسم مفعول) ثبتت معها الياء ساكنة أو مفتوحة تقول: (يا سامعي يا سامعي أجبني) (يا معبودي يا معبودي أغثني). 3- إن كان صحيح الآخر جاز فيه أربعة أوجه: أ- حذف الياء وإبقاء الكسرة قبلها دليلا عليها، كقوله تعالى في الآية التي نحن بصددها: (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ). ب- إبقاء الياء ساكنة (يا عبادي). ج- إبقاء الياء وفتحها (يا حسرتي على فلان). د- قلب الكسرة قبل الياء فتحة، وقلب الياء ألفا، مثل: (يا حسرتا). فإن كان المضاف أبا أو أما جاز فيه الأوجه الأربعة المتقدمة، وجاز وجه خامس، هو قلب الياء تاء مفتوحة، مثل: (يا أبت، يا أمّت)، ووجه سادس هو قلبها تاء مكسورة، مثل: (يا أبت) (يا أمت)، وتبدل هذه التاء هاء عند الوقف فتقول: (يا أبه، يا أمّه). وألحقوا بذلك (ابن عمي، ابنة عمي، ابن أمي، ابنة أمي) فجوّزوا فيها: إثبات الياء وحذفها، مع كسر الآخر أو فتحه: (يا بن عمّ، يا بن عمّ)، مع أن ياء المتكلم هنا لم يضف إليها منادى، وإنما أضيف إليها ما أضيف إليه منادى، فكان حقها الإثبات، لكنهم ألحقوها بما تقدم، بل حذفهم لها أكثر من الإثبات.