ومن أتى زوجته في نهار رمضان؛ فإن صومه فاسد, وعليه القضاء والكفارة المغلظة؛ لأنه أتى كبيرة من كبائر الذنوب, فمن يأتي زوجته في رمضان عالماً ذاكراً؛ فعليه عتق رقبة, فإن لم يجد صيام شهرين متتابعين, فإن لم يستطع يطعم ستين مسكيناً. ومن المفطرات: القي عمداً, أما إذا خرج بدون عمد فلا يفطر. ومنها: خروج المني منه لشهوة كالعادة السرية المحرمة؛ فإنها تفطر الصائم, وعليه القضاء. ووفقنا الله لما يرضيه, وتقبل منا الصيام والقيام, أقول ما سمعتم, وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدي ولوالديكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على نبيه, وعلى آله وصحبه ومن تبعه, وبعد: وهناك أمور لا تؤثر في الصوم؛ منها: الاحتلام في النوم وإن خرج منياً؛ فإنه بغير اختيار النائم, فالصيام صحيح ولا قضاء عليه. وأيضاً: خروج الدم اليسير من الفم بالسواك أو الأنف بالرعاف, أو دم قلع الضرس أو جروح خفيفة؛ فلا يؤثر ذلك في الصوم. خطبة عن فقه الصيام - موضوع. كذلك: استعمال قطرة العين والأذن, أما قطرة الأنف فإنها تدخل للحلق وتفطر الصائم, فالواجب تأخيرها عند الإفطار. كذلك: أخذ تحليل دم يسير, واستعمال الإبر في العضل لا يؤثر في الصوم, واستعمال السواك لا يؤثر في الصوم.
ومن فضائل صيام التطوع: اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على صيام أيام من غير الفريضة تطوّعاً لله تعالى وكذلك كان يفعل صلى الله عليه وسلم، وعندما يتبع المسلم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل على الكثير من الأجر والثواب. ومن فضائل صيام التطوع: المحافظة على الصحة الجسدية والنفسية، فالصيام يقي الجسم من الكثير من الأمراض والعاهات كما أثبتت الدراسات والبحوث العلمية حتى أنّه في بعض الحالات كان الطبيب ينصح بترك الطعام والشراب لفترات محدّدة كطرق للعلاج، ويؤدّي الصيام إلى الشعور بالراحة النفسيّة والروحية. الصوم جنة (خطبة). ومن فضائل صيام التطوع: تحقيق التكافل الاجتماعيّ؛ فالإنسان الغنيّ عندما يحرم نفسه من الطعام والشراب يشعر بشعور أخيه الفقير الذي قد لا يجد ما يسدّ به جوعه فيعطف عليه ويساعده، كما أنه في الجهة المقابلة يؤدي ذلك الى تحرير نفس الفقير من الحقد والحسد لأخيه الغنيّ. ومن فضائل صيام التطوع: يدخل المسلم في حال وفاته وهو صائم من باب الجنة المسمّى باب الريان المخصّص للصائمين في حال أخلص النية لله تعالى وأدّى شروط الصوم. وفي هذا الحديث فوائد كثيرة ومتعددة ، ومن هذه الفوائد التي يمكن استنباطها من هذا الحديث: الفائدة الأولى: فضيلة الصيام على وجه العموم.
الخُطْبَةُ الأُولَى: الحمد لله رب العالمين, حمدا كثيرا مباركا فيه, يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. خطبه عن الصيام في رمضان. وبعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-؛ ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71]. عباد الله: إن تفقه المسلم في دينه أمر مطلوب؛ حتى يعبد الله على بصيرة, قال -صلى الله عليه وسلم-: " من يرد الله به خيراً؛ يفقهه في الدين "(رواه البخاري ومسلم), ونذكر في هذه الخطبة شيئاً من أحكام الصيام. المسلم البالغ العاقل المقيم, القادر على تحمل الصيام, والسالم من كل الموانع؛ أوجب الله عليه صيام رمضان, وهو أحد أركان الإسلام؛ ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[البقرة: 185], فالصغير غير البالغ لا يطالب به فرضاً, ولكنه يرغب فيه؛ حتى يتعود على الصيام, أما فاقد العقل فإنه رفع القلم عن المجنون حتى يفيق. وأما الكبير الذي أعجزه الصيام, أو أنه مصاب بمرض أعجزه عن الصيام, فإن الله -تعالى- قال: ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)[البقرة: 184], فهذا يطعم عنه كل يوم مسكيناً, بمقدار نصف صاع؛ أي: كيلو ونصف تقريبا من طعام البلد؛ ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الحج: 78].
ومن أحكام الصيام أنه يباحَ للصائم أن يصبح جنباً: فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم) [متفق عليه] بمعنى أنه يكون جنبا قبل أذان الفجر؛ فإذا أذّن المؤذنُ أمسك لصيامه واغتسل من الجنابة ثم صلى سنة الفجر ثم خرج ليصليَ بالناس الفريضة. • وكذلك مما يباح للصائم ويبقى على تأكيده السواك: قال صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وُضوء) [متفق عليه]. ومما لا حرج على الصائم فيه المضمضة والاستنشاق، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق وهو صائم، وإنما منع الصائمَ من المبالغة فيهما، قال صلى الله عليه وسلم: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) [صحيح أبي داود]. ومما لا حرج على الصائم فيه تحليل الدم وضرب الإبر والحقن العلاجية التي لا يقصد بها التغذية: فإنها ليست من المفطرات، لأنها ليست مغذية ولا تصل إلى الجوف يعني البطن. خطبه عن احكام الصيام. ومما لا حرج على الصائم فيه قلع السنِّ، وعليه أن يمج الدم الذي ينـزل بسبب ذلك. ومما لا حرج على الصائم فيه الكحل وقطرتا العين والأذن. ومما يشرع للصائم تعجيلُ الفطر؛ فهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها مخالفةٌ لليهود والنصارى، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) [متفق عليه].