فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ. انا انزلناه في ليله القدر المحتوم. رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الدخان 3: 5. وهذه الليلة هي من ليالي شهر رمضان، بدليل قوله- تعالى: ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ). البقرة 185 ، ثم قال الله تعالى معظما لشأن ليلة القدر ، والتي أختصها بإنزال القرآن الكريم فيها: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) أي: ما أدراك ، وما علمك يا محمد منزلة هذه الليلة ؟ وما شأنها عند الله ؟ ، فكأن الحق تبارك وتعالى يستفهم عن شأن هذه الليلة تشويقا للسامعين إلى معرفة شأنها ، ومنزلتها عند الله سبحانه وتعالى ، وفيه أيضا تنويه بشرف هذه الليلة، وتفخيم لشأنها، حتى لكأن عظمتها أكبر من أن تحيط بها الكلمات والألفاظ. أ ي: وما الذي يدريك بمقدار عظمتها وعلو قدرها، إن الذي يعلم مقدار شرفها هو الله ، ثم قال سبحانه (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) أي أن ليلة القدر هي ليلة عظيمة الشأن والمنزلة ، وفيها العمل الصالح والعبادة تضاعف أضعافا كثيرة ، والعبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ، وهذا إن دل فإنما يدل على عظيم منزلتها عند الله ، وليلة القدر أفضل من ألف شهر، بسبب ما أنزل فيها من قرآن كريم يهدى للتي هي أقوم.
ويخرج الناس من الظلمات إلى النور، وبسبب أن العبادة فيها أكثر ثوابا، وأعظم فضلا من العبادة في أشهر كثيرة ليس فيها ليلة القدر. والعمل القليل قد يفضل العمل الكثير، باعتبار الزمان والمكان، وإخلاص النية، وحسن الأداء، ولله- تعالى- أن يخص بعض الأزمنة والأمكنة والأشخاص بفضائل متميزة. والتحديد بألف شهر يمكن أن يكون مقصودا. ويمكن أن يراد منه التكثير. عذرا، لقد تم حذف هذا الخبر من قبل المصدر. وأن المراد أن أقل عدد تفضله هذه الليلة هو هذا العدد. فيكون المعنى: أن هذه الليلة تفضل الدهر كله.
المطلب الأول: ليلةُ القَدرِ، فَضلُها، وما يُشرَع فيها، ووقتُها الفرع الأول: فضلُ ليلةِ القَدرِ وفي سبَبِ تَسمِيَتِها بليلةِ القَدرِ عِدَّةُ أقوالٍ؛ أهمها: أنَّها سُمِّيَتْ بلَيلةِ القَدرِ، مِنَ القَدْرِ وهو الشَّرفُ. وقيل: لأنَّه يُقَدَّرُ فيها ما يكون في تلك السَّنَة. انا انزلناه في ليله القدر 2014. وقيل: لأنَّ للقيامِ فيها قدْرًا عظيمًا. ينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/181)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/492). - أُنزِلَ فيها القُرآنُ: قال تعالى: إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر: 1] - يقَدِّرُ اللهُ سبحانه وتعالى فيها كُلَّ ما هو كائنٌ في السَّنَةِ: قال تعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [الدخان: 4-5] ففي تلك الليلةِ يُقَدِّرُ اللهُ سبحانه مقاديرَ الخلائِقِ على مدارِ العامِ وهو تقديرٌ ثانٍ؛ إذ إنَّ الله تعالى قد قدَّر كلَّ شيء قَبل أن يخلُق الخلائق بخمسين ألفَ سَنةٍ. ، ويُكتَبُ فيها الأحياءُ والأمواتُ، والنَّاجون والهالكونَ، والسُّعداءُ والأشقياءُ، والعزيزُ والذَّليلُ، وكلُّ ما أراده اللهُ سبحانه وتعالى في السَّنةِ المُقبلةِ، يُكتَبُ في ليلةِ القَدرِ هذه ((تفسير ابن جرير)) (16/480)، ((تفسير ابن كثير)) (4/469).
قال أبو سعيد الخدري: فمطرت السماء تلك الليلة ، وكان المسجد على عريش فوكف المسجد. قال أبو سعيد: فأبصرت عيناي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف وعلى جبهته وأنفه أثر ، الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين. ليلة القدر وعلاماتها - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية. وقال بعضهم: هي ليلة ثلاث وعشرين. [ ص: 489] أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا أحمد بن خالد الحمصي ، حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم ، حدثني عبد الله بن أنيس عن أبيه أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أكون ببادية يقال لها الوطأة وإني بحمد الله أصلي بهم ، فمرني بليلة من هذا الشهر أنزلها إلى المسجد فأصليها فيه ، فقال: " انزل ليلة ثلاث وعشرين فصلها فيه ، وإن أحببت أن تستتم آخر الشهر فافعل ، وإن أحببت فكف ". قال: فكان إذا صلى العصر دخل المسجد فلم يخرج إلا من حاجة حتى يصلي الصبح ، فإذا صلى الصبح كانت دابته بباب المسجد. وأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: تذاكرنا ليلة القدر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كم مضى من الشهر ؟ فقلنا: ثنتان [ وعشرون] وبقي سبع ، [ فقال: " مضى اثنتان وعشرون وبقي سبع] اطلبوها الليلة ، الشهر تسع وعشرون ".
أبو الأسود الدؤلي ( 16 ق. هـ. - 69 هـ) هو ظالم بن عمرو بن سفيان, ولد في الكوفة ونشأ في البصرة, من سادات التابعين وأعيانهم، صحب علي بن أبي طالب عليه السلام، وشهد معه وقعة صفين ، ويعتبر أول من وضع علم النحو, و شكّل المصحف. وكان من أكمل الرجال رأياً وأسدهم عقلاً. وهو من وضع النقاط على الأحرف العربية وأول من ضبط قواعد النحو، فوضع باب الفاعل، المفعول به، المضاف و حروف النصب والرفع و الجر و الجزم. إسمه ونسبه ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة ابن عدي بن الديل بن بكر الديلي، ويقال: الدؤلي، وفي اسمه ونسبه ونسبته اختلاف كثير. والديلي: بكسر الدال المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها لام، والدؤلي: بضم الدال المهمة وفتح الهمزة وبعدها لام، هذه النسبة إلى الدئل بكسر الهمزة، وهي قبيلة من كنانة، وإنما فتحت الهمزة في النسبة لئلا تتوالى الكسرات، كما قالوا في النسبة إلى نمرة نمري-بالفتح-وهي قاعدة مطردة، والدئل: اسم دابة بين ابن عرس والثعلب. وحلس: بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وبعدها سين مهملة. ولادته المُرجّح عند المؤرخين أنه ولد في الجاهلية قبل الهجرة النبوية بـ ( 16) عاماً. إسلامه كان أبو الأسود ممن أسلم على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) ، وغالب الظن أن أبا الأسود دخل الإسلام بعد فتح مكة وانتشاره في قبائل العرب ، وبعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم) انتقل إلى مكة والمدينة.
تلامذته هناك بعض الأفراد أخذوا العلم من أبي الأسود ، ودرسوا على يَدَيه ، وخاصة علم النحو والعربية ، وقراءة القرآن الكريم ، وقد رووا عنه أيضاً بعض الروايات الشريفة. يقول ابن الأثير في ( الكامل) ، في حوادث سنة تسعين من الهجرة: وفيها توفي نصر بن عاصم الليثي النحوي ، وقد أخذ النحو عن أبي الأسود الدؤَلي. ويقول أيضاً في حوادث سنة تسع وعشرين ومِائة: وفيها مات يحيى بن يعمر العدوي بـ ( خُرَاسان) ، وكان قد تعلَّم النحو من أبي الأسود الدؤَلي ، وكان من فُصحاء التابعين ، وغيرهما من النحاة والقُرّاء الذين كان لهم دورهم الثقافي آنذاك. وفي ( الروضات): وقيل أن أبا الأسود خَلَّف خمسة من التلامذة ، منهم عطاء ، والآخر أبو حرب – وهما ابناه – ، وثلاثة آخرين ، وهم: عنبسة ، وميمون ، ويحيى بن النعمان العداوني. وفي ( بهجة الآمال): وبالجملة ، لأبي الأسود تلامذة فُضَلاء ، منهم سعد بن شداد الكوفي النحوي المُضحِك ، المعروف بـ ( سعد الرابية). سيرته رغم توجه أبو الأسود واهتمامه الكبير بالمجالات الثقافية نراه قد شارك في الكثير من الحوادث والأنشطة السياسية والاجتماعية لتلك الفترة الحاسمة من تاريخ الإسلام. ومن الجدير به أن يشارك في مثل هذه الممارسات ، لِمَا كان يملكه من خصائص ومؤهلات ، فقد وُصِف بالعقل ، والذكاء ، والتدبير ، والفقاهة ، وغيرها مما يوجِّه له الأنظار.
ومما يفرض على ولاة الأمور أن يسندوا إليه بعض المهام التي تتلاءم ومؤهلاته ، وأكثر ما وصفه مترجموه أنه كان مُتَّسِما بالعقل ، وأنه من العقلاء. ولعل مرادهم من هذا التعبير حُسن التصرف والتدبير ، والحِنْكة في إدارة الأمور ومعالجة القضايا. وقد نشأ ذلك من مواهب ذاتية ، ومن تربية جيدة ، ومن خلال تجاربه في الحياة كما صَرَّح بذلك نفسه. أقوال العلماء فيه: لو راجعنا كتب الرجال – سواء عند الشيعة أو أهل السنة – لرأينا أكثرها متفقة على مدح أبي الأسود بمختلف التعابير التي تدل على مدحه ، ولو أردنا استعراض أقوالهم وآرائهم في ذلك لطال المجال. فقد ذكره الشيخ الطوسي في عدة مواضع من رجاله مكتفياً بأنه من أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين ( عليهم السلام) وأنه مِمَّن رَوى عنهم. وفي كتاب ( اختيار معرفة الرجال): ( أبو الأسود الدؤَلي من أصفياء أصحاب أمير المؤمنين والسبطين والسجاد ( عليهم السلام) وأجِلاَّئهم). وهذه الألفاظ تدل على مدحه إنْ لم نَقُل أنها تدل على توثيقه. ويقول الشيخ المامقاني في ( تنقيح المقال) بعد ترجمة موسعة له: ( ثُمَّ لا يُخفى أن الرجل من الحسان لكونه شيعياً ممدوحاً بما سَمعتُ).
بقلم: محمد أمين نجف 1-ينظم في حبّه للنبي وآله(عليهم السلام) 2- ينظم في حرب الجمل 3-ينظم في ذم عبيد الله بن زياد 4-ينظم في رثاء الإمام الحسين(ع) 5- ينظم في رثاء الإمام علي(ع) 6-ينظم في رثاء بني هاشم 7-ينظم موعظة