وفي يوم حنين: { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ... } [التوبة: 25] حتى إن أبا بكر نفسه ليقول: لن نٌغلب اليوم عن قِلّة، فلما نظروا إلى قوتهم ونسُوا تأييد الله هُزِموا في بداية الأمر، ثم يحنّ الله عليهم، وتتداركهم رحمته تعالى، فينصرهم في النهاية. إذن: فلله الأمر من قبل ومن بعد، فإياك أن تظن أن انتصار الباطل جاء غصْباً عن إرادة الله، أو خارجاً عن مراده، إنما أراده الله وقصده لحكمة. ثم يقول سبحانه: { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ ٱللَّهِ... اعراب جملة لله الامر من قبل ومن بعد - إسألنا. } [الروم: 4-5] أيّ نصر الذي يفرح به الؤمنون؟ أيفرحون لانتصار الروم على الفرس؟ قالوا: بل الفرح هنا دوائر متشابكة ومتعالية، فهم أولاً يفرحون لانتصار أهل دين وأهل كتاب على كفار وملاحدة، ويفرحون أن بشرى رسول الله تحققتْ، ويفرحون لأنهم آمنوا برسول الله، وصدَّقوه قبل أن ينطق بهذه البشرى. إنهم يفرحون لأنهم أصابوا الحق، فكلما جاءت آية فرح كل منهم بنفسه؛ لأنه كان محقاً حينما آمن بالإله الواحد الذي يعلم الأمور على وفق ما ستكون واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم. إذن: لا تقصر هذه الفرحة على شيء واحد، إنما عَدِّها إلى أمور كثيرة متداخلة.
فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: [بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن]. لقد تحققت [الغثائية]، و[الوهن]، و[عدم المهابة]. وهذا من الإعجاز النبوي، فوضع [الأمة الإسلامية] اليوم، لا يختلف عما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أربعة عشر قرناً. وأصبح الإسلام شعاراً لكل طائفة ضالة مضلة. وكل هذه الترديات لا تحول دون التحرف لمنهج، وعمل يقيل عثرة الأمة. ودون تحيز لتوحيد الكلمة، والصف، والهدف، تحيز يقوي جانب الأمة، ويرفع عنها ذلة المسكنة، والضعف. العقلاء العالمون المجربون يودون لو أن [أولي الأمر] تدبروا، وفكروا، وقدروا، وخلَصُوا من هذه الأوضاع التي أخافت الآمنين، وشردت المقيمين، وهدمت البيوت، وأراقت الدماء، وانتهكت الحرمات، وأضاعت الأمن، والاستقرار، وأشاعت الخوف، والجوع في بلاد كانت مضرب المثل في الأمن، والثراء: [العراق]، و[سوريا]، و[اليمن]، و[ليبيا]، و[لبنان]. وها هي بوادر الشر يذر قرنها في [السودان]، و[الجزائر]. لا بد من تفكير سليم، وتحرف رشيد، لإيقاف هذا النزيف، وبدء رحلة العودة إلى ماض كنا نذمه، ونقسو في ذمه: [رُبَّ يَومٍ بَكَيتُ مِنهُ فَلَمّا... ما معنى الآية الكريمة : لله الأمر من قبل ومن بعد؟. صِرتُ في غَيرِهِ بَكَيتُ عَليه].
إن على الشعوب العربية بكافة مكوناتها السكانية، والحزبية، والطائفية أن تعي واقعها، وأن تواجه قدرها العصيب بما يقيل العثرة، ويحقن الدماء، ويجمع الكلمة. الشعوب العربية الواعية التفت حول قيادتها، وقوَّت لحمتها، وحالت دون اختراقها. وعلى الشعوب المنكوبة أن تتخذ القدوة، وتعود إلى رشدها. بسبب المشكلات الصحية.. الملكة إليزابيث تدير شؤون بلادها من غرفة نومها. فذلك هو العمل الناصح الرشيد: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
ثم يقول الحق سبحانه: { وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ... }.
واتضح خلال الأيام الماضية إهدار بعض الصواريخ على أهداف غير مهمة مثل طائرات منسقة وليست عاملة وذلك يعني خطأ على مستوى الاستخبارات قبل الحرب للتأكد من الأهداف، على حد قوله. وتابع: "لم تتم عملية تحييد وتدمير الدفاعات الجوية بالشكل الكامل بسبب أغلب المنظومات الأوكرانية للدفاع الجوي مرنة جدا وتغير مواقعها بطريقة مستمرة مثل منظومات الـ sa11/22/8/9 وأيضا بسبب عدم الاستخدام الكافي للذخائر الموجهة ويرجع ذلك بسبب إرادة الروس بعدم الاستهلاك الكلي للمخزون الخاص بهم أيضا اقتصرت هذه النوعية فقط على أسراب طائرات السو ٣٤ فقط". وبيّن أنه لذلك فهم أكثر الطيارين خبرة بين الأسراب الأخرى كما أنه من المعروف أن التكتيكات الروسية في تدمير الدفاعات الجوية تعتمد على الذخائر غير الموجهة على ارتفاعات منخفضة وهي تكتيكات تتحمل نسبة خسائر حتمية وهو تم برهنته في الأيام الماضي وفي القتال بجانب أيضا عدم امتلاك مقاتلات مخصصة لهذه المهمة ولكن الاعتماد على مفارز صغيرة في كل سرب قاذف على عكس القوات الجوية الغربية فهناك نسخ مخصصه لذلك مثل طائرات wild weasel وال Growler". في السياق ذاته، يوجد دعم قوي جدا من الناتو للأوكران على مستوى صواريخ الدفاع الجوي المحمولة كتفيا والتي ستظل خطرا كبيرا حتى وإن تم تدمير وحدات الدفاع الجوي المتحركة وهي بدورها تمنع أي إنزال جوي أو دعم جوي قريب من القاذفات أو الهليكوبتر الذي يطير منخفضا على ارتفاعات قليلة.
إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً). الثالث عشر: سبب لعلو الهمة في العبادة. قال تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ). الرابع عشر: الخوف يجعل العبد سائراً على طريق الهداية. قال ذو النون المصري: الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف فإذا زال عنهم الخوف ضلوا عن الطريق. الخامس عشر: الخوف يضفي المهابة على صاحبه. قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله خاف من كل شيء. وقال يحيى بن معاذ الرازي: على قدر حبك لله يحبك الخلق، وعلى قدر خوفك من الله يهابك الخلق. السادس عشر: الخوف من أسباب قبول الدعاء: قال تعالى (وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمت الله قريب من المحسنين). السابع عشر: الخوف من أسباب الانتفاع بكلام الله تعالى. قال تعالى (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد).
والله أعلم.
فالإنسان إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يستجب المأمور لا يكون جليسه ولا أكيله حتى يستجيب، إذا كان المنكر باقيًا يُشاهده الناس فالواجب إنكاره، وعدم مجالسة صاحبه، فلا تكن صاحبًا له، أكيلًا له، شريبًا له؛ لأنَّك إذا فعلتَ هذا كأنَّك لم تُنكر، لكن يجب الإنكار والهجر عند الحاجة إذا لم يمتثل؛ لأنَّ هذا أردع. شرح الحديث النبوي الشريف كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم - فذكر. ولهذا لما تخلَّف كعبُ بن مالكٍ وصاحباه عن غزوة تبوك بغير عذرٍ هجرهم النبيُّ عليه الصلاة والسلام خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم، نزلت توبتهم من عند الله عز وجل. فالواجب على أهل الحل والعقد والمسؤولين أن يهتموا بهذا الأمر، وأن يعنوا بإزالة المنكرات، والقضاء عليها بالمنع، فمَن لم يستجب فبالأدب، وما فيه حدٌّ فهو فيه حدٌّ. وهكذا المؤمن مع إخوانه: يُنكر المنكر، ويأمر بالمعروف بلسانه وبيده وبقلبه: بيده إذا كانت عنده قدرة، كالأمير والهيئة التي لها سلطة وأشباههم ممن لهم سلطة، والإنسان مع أهل بيته يُنكر باللسان وبالفعل، وما سواهم ليس لهم إلا اللسان، يُنكر بلسانه، فإن عجز فبقلبه.
ثم ذكر المقسم عليه، وهو أن نقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو يعمنا الله بعقاب من عنده حتى ندعوه فلا يستجيب لنا. نسأل الله العافية. وقد سبق لنا عدة أحاديث كلها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتحذير من عدمه، فالواجب علينا جميعًا أن نأمر بالمعروف، فإذا رأينا أخًا لنا قد قصَّر في واجبٍ أمرناه به وحذَّرناه من المخالفة، وإذا رأينا أخًا لنا قد أتى منكرًا نهيناه عنه وحذرناه من ذلك، حتى نكون أمَّة واحدة؛ لأننا إذا تفرقنا وصار كل واحدٍ منَّا له مشرب؛ حصل بيننا من النزاع والفرقة والاختلاف ما يحصل، فإذا اجتمعنا كلنا على الحق؛ حصل لنا الخير والسعادة والفلاح. وفي هذا الحديث دليلٌ على جواز القسم دون أن يُطلب من الإنسان أن يقسم، ولكن هذا لا ينبغي إلا في الأمور التي لها أهمية ولها شأن، فهذه يقسم عليها الإنسان، أما الشيء الذي ليس له أهمية ولا شأن، فلا ينبغي أن تحلف عليه إلا إذا استحلفت للتوكيد فلا بأس. الدرر السنية. فهذا دليلٌ على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو فرض، وهو من أهم واجبات الدين وفروضه، حتى إن بعض العلماء عدَّه ركنًا سادسًا من أركان الإسلام. والصحيح أنه ليس ركنًا سادسًا، لكنه من أهم الواجبات وأفرض الفروض.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي عضو: عبدالله بن غديان. حكم من تكلم بعيوب شخص في وجهه: السؤال السادس عشر من الفتوى رقم (5276) س16: ما حكم من تكلم في وجه شخص وأخبره بعيوبه وهو يسمع هل هو جائز؟ ج16: يجوز إذا كان على وجه النصح له والإنكار عليه؛ ليرتدع عن المعصية، ويكون بأسلوب حسن حتى يقبل النصح، أما إذا كان على وجه الشماتة أو التعيير والإساءة، أو التشهير به ونحو ذلك فلا يجوز. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي عضو: عبدالله بن غديان عضو: عبدالله بن قعود. شرح وترجمة حديث: والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر؛ أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم - موسوعة الأحاديث النبوية. حكم المتلبس ببعض المخالفات مثل إسبال الثياب حلق اللحية الغيبة النميمة: السؤال الأول من الفتوى رقم (6632) س1: ما حكم الشخص الذي تتوفر فيه كل من المخالفات الآتية: إسبال الثياب، وحلق اللحية، ومشاهدة أفلام الفيديو الخليعة، الغيبة والنميمة، التواليت وتطويل الأظافر للرجال، الكسل عن أداء الصلاة في المسجد، اختلاط الرجال بالنساء في المسارح والحفلات، من أكل وشرب بشماله لغير عذر في يمينه؟ ج1: يعتبر بذلك عاصيا ويشرع نصحه وتوجيهه؛ لعل الله أن يهديه، وحثه على التوبة النصوح وكثرة الأعمال الصالحة والاستغفار؛ عسى الله أن يتوب عليه ويغفر له
وفَّق الله الجميع. الأسئلة: س: صاحب السلطة يبدأ بالقول والحجة والإقناع أم يبدأ فورًا بالتغيير باليد؟ ج: يبدأ بالكلام أولًا، فإن نفع الكلام فالحمد لله، فالإنسان في بيته ينصح أولاده وزوجته بالكلام، وهكذا السلطان، وهكذا الأمير، فإذا لم يرتدعوا إلا بالفعل أدَّب، إلا ما فيه حدٌّ، فالحدُّ يُقام. س: شابٌّ يُعرِض عن الزواج، يعني: تزوَّج وأنجب ثم طلَّق، ثم يقول: لو تزوجتُ سيشغلني كثيرًا عن طلب العلم، وهو يُحبّ طلبَ العلم، هل يعرض عن الزواج ويتفرغ للعلم؟ ج: هذا يختلف، إن لم تكن عنده رغبة ولا يخاف على نفسه فلا بأس، وإن كانت عنده رغبة في النكاح فعليه أن يبادر بالزواج ويطلب العلم، يجمع بينهما؛ لأن الزواج لا يمنع من طلب العلم.
قال: فبكى أبو سعيد وقال: قد - والله - رأينا أشياء ، فهبنا. وفي حديث إسرائيل: عن محمد بن حجادة ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ". رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وقال ابن ماجه: حدثنا راشد بن سعيد الرملي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي غالب عن أبي أمامة قال: عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل عند الجمرة الأولى فقال: يا رسول الله ، أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه. فلما رمى الجمرة الثانية سأله ، فسكت عنه. فلما رمى جمرة العقبة ، ووضع رجله في الغرز ليركب ، قال: " أين السائل؟ " قال: أنا يا رسول الله ، قال: " كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر ". تفرد به. وقال ابن ماجه: حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبد الله بن نمير وأبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحقر أحدكم نفسه ". قالوا: يا رسول الله ، كيف يحقر أحدنا نفسه؟. قال: " يرى أمرا لله فيه مقال ، ثم لا يقول فيه. فيقول الله له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس ، فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى ".
وسمع ابن مسعود رضي الله عنه رجلا يقول هلك من لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر. فقال ابن مسعود: هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر. يشير إلى أن معرفة المعروف والمنكر بالقلب فرض لا يسقط عن أحد, فمن لم يعرفه هلك. وأما الإنكار باللسان واليد فإنما يجب بحسب الطاقة. وفي سنن أبي داود عن العرس بن عميرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ** إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها, ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها **. قال الحافظ ابن رجب: فمن شهد الخطيئة فكرهها بقلبه كان كمن لم يشهدها إذا عجز عن إنكارها بلسانه ويده, ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها, لأن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب وهو مرض على كل مسلم لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال. فأفهمنا كلامه رضوان الله عليه بأن قولهم إنكار المنكر فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقي على ما أسلفنا بأن مرادهم الإنكار باليد واللسان اللذين يحصل تغيير المنكر بهما أو بأحدهما, وأما الإنكار بالقلب ففرض عين على كل مسلم. وهذه فائدة ينبغي التفطن لها. وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ** من حضر معصية فكرهها فكأنه غاب عنها, ومن غاب عنها فأحبها فكأنه حضرها ** وهذا مثل الذي قبله.
، ولهذا لا يثبت في هذا ولا يجترئ عليه إلا من له قلب ثابت ويقين راسخ وشجاعة، قد يذهب الكثير إلى ساحات المعارك ويقاتلون، لكن لو طُلب من هؤلاء أن يذهبوا إلى سلطان فيأمرونه وينهونه فإن عامة هؤلاء لا يستطيعون ذلك، بل أقل من هذا قد لا يستطيع أن يذهب إلى جاره فينكر عليه المنكر، يقول له: نحن لا نراك تصلي معنا في المسجد، أو يقول له: يا فلان أنا رأيت ابنتك متبرجة، وهذا لا يليق بكم، لا يجرؤ على جاره، ولا يملك حولاً ولا طولا، فكيف يجرؤ على سلطان وهو يشعر أنه بين يديه فقد يفتك به، وقد يعاقبه بألوان العقوبات وقد انفرد بذلك؟! ، لا شك أن هذا أمر عظيم، ولهذا كان هذا أفضل الجهاد كما قال النبي ﷺ. وكذلك في حديث أبي عبد الله طارق بن شهاب البجلي الأحمسي وهو من مخضرمي الصحابة، شهد الجاهلية والإسلام وعمر طويلاً حتى مات في حدود سنة ثلاث وثمانين للهجرة. يقول: أن رجلاً سأل النبي ﷺ وقد وضع رجله في الغَرْز -سيركب الدابة- فقال: أي الجهاد أفضل؟، قال: كلمة حق عند سلطان جائر. رواه النسائي وهذا يؤكد الحديث السابق، والغَرْز: ركاب كَوْر الجمل إذا كان من جلد أو خشب، وقيل: لا يختص بذلك، ويكون عليه شيء يجلس عليه الراكب، ويكون فيه شيء من ناحيتيه يضع الراكب فيه رجله من أجل أن يركب عليه، وهو بمنزلة السرج من الفرس، يقال له: ركاب، هذا، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.