طه مدثر صحيفة الجريدة
وهكذا رفع المعتزلة شعار "العقل قبل النقل" في مباحثهم ومجادلاتهم الفكرية والكلامية. فالإنسان بمحض عقله يعرف الله ويميز بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، من دون أن يرجع إلى الشريعة، بل بالعقل تكون معرفة الشرائع، وبه يكون الحكم عليها. وهذا التقديس والتمجيد للعقل جعلهم رواد النزعة العقلية في الإسلام، وهم الذين زجوا علم الكلام في الفلسفة فأصبحوا فلاسفة الإسلام الإلهيين. إن نزعتهم العقلية تجلت أيضاً في أصول الفقه، فقد أثبت فقهاؤهم المتفلسفون أن العقل حاكم شرعي، وصنفوا الأحكام الشرعية العملية وفق مبدأ أن الحسن والقبح عقليان. معنى ذلك أن الحسن عندهم حسن لا لأن الشرع قد أمر به، بل لأن الحسن وصف ذاتي فيه، والقبيح ليس قبيحاً لأن الشرع قد نهى عنه، بل القبح وصف ذاتي فيه. فهم يقولون إن العقل إنما يُستدل به على حسن الأفعال وقبحها، على معنى أنه يجب على الله الثواب والثناء على الفعل الحسن، ويجب عليه الملام والعقاب على الفعل القبيح، ولا يسعه غير ذلك. والسبب في هذا، أن الأفعال عندهم على صفة نفسية من الحسن والقبح، فإذا ورد الشرع بها كان مخبراً عنها لا مثبتاً لها. الذين انكروا مرتبة العلم والكتابة هم المعتزلة – اجياد المستقبل. (نهاية الإقدام في علم الكلام، ص 371). وعلى الرغم من هذا التفاني بقدرات العقل، فإن أبا هذيل العلاف يرى أنه يجب على المكلف أن يعرف الله بالدليل وليس بمحض العقل، فإن قصر في هذه المعرفة استوجب العقوبة، لأنه قادر على التمييز بين حسن الحسن وقبح القبيح.
[8] انظر: فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، (ص 151). [9] فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، (ص 139). [10] انظر: الحديث والمحدثون، (ص 332). [11] انظر: العقيدة والشريعة، جولد تسيهر (ص 100)؛ تراث الإسلام، جوزيف شاخت (ص 203)؛ دائرة المعارف الإسلامية، (ص 576). [12] انظر: أضواء على السنة، محمود أبو رية (ص 377)؛ السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام، (ص 122). [13] انظر: موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية، (2 /432)؛ منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، د. فهد الرومي (ص 120). المعتزلة… عقلنة الشريعة لإصلاح الخِلافة! 3 | Marayana - مرايانا. [14] انظر: موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية، (1 /122). [15] انظر: موقف المعتزلة من السنة النبوية ومواطن انحرافهم عنها، (ص 113) وما بعدها.
ويقوي هذا الحديث الحديث الموقوف على أبي مسعود البدري: " وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة " قال الحافظ ابن حجر: "وإسناده حسن"، والحديث الموقوف على عبد الله بن مسعود وهو أيضًا ثابت عنه: " ما رءاه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رءاه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح "، قال الحافظ ابن حجر: "هذا موقوف حسن". فالعقيدة الحقة التي كان عليها السلف الصالح هو ما عليه الأشعرية والماتريدية وهم مئات الملايين من المسلمين السواد الاعظم الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن جمهور أمته لا يضلون فيا فوز من تمسك بهم.
تستحضرني هنا قصّة تروى عن أخوت شانَاي والأمير بشير الشهابي الثاني، كما تُروى عن آخرين بالمضمون إياه. عندما ذاق الأمير بشير متبل الباذنجان للمرة الأولى، أعجب بهذه الأكلة، فسأل عن سرها فقال له أخوت شاناي "الباذنجان لحم بلا شحم، وسمك بلا حسك، يُؤكل مقلياً ومشوياً ومطبوخاً. مفيد للباه وللبشرة والمعدة والدم وطول العمر"! سال لعاب الأمير وصار يتذوّق أطباق الباذنجان يوماً تلو آخر إلى أن جاءه طبقٌ كاد أن يتقيأ من مذاقه، فأمر باستحضار أخوت شاناي وعاتبه عتاباً شديداً على ما قاله في وصف الباذنجان. فأجابه أخوت شانيه: "دققت في الأمر، فتبين أن الباذنجان ثقيل وغليظ ونفَّاخ وأسود، وفيه ما فيه من مكونات لا تفيد الجسم". قال له الأمير "إحترت في أمرك. تقول الشيء وعكسه في أمر واحد". أجابه أخوت شاناي "أنا أعمل عندك سيدي الأمير وليس عند الباذنجان". عندما يصبح رجال الدين عبيداً لمذاهبهم ومعتقداتهم، يصبح الله أسير هواجسهم وسجين مصالحهم وعنوان جهلهم ومُنقاداً لإرادتهم، فتختلط الأمور عليهم، فيصبحوا هم الآلهة ويصبح الله خليقتهم. ويصبح من السهل البطش بإسمه، والقتل بإسمه، والتكفير بإسمه، والتحليل والتحريم بإسمه، والإستقواء على الضعيف بإسمه، ومساندة الظالم بإسمه.
وقد قامت بدعة الاعتزال على أصول خمسة: الأصل الأول: التوحيد ، فقاسوا الخالقَ - عزَّ وجلَّ - على المخلوق، فنفوا عنه صفات الكمال التي أثْبتها لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله، فتوحيدهم على الحقيقة تعطيل صفات الباري - عزَّ وجلَّ. الأصل الثاني: العدل، ويقصدون به نفْي القدَر، فلم يقدِّر الله شيئًا على عباده، ولم يقْضِ عليْهم بشيء؛ بل هم يخلقون أفعالهم. الأصل الثالث: الوعد والوعيد، فيجب على الله عندهم - تعالى عن ذلك - أن يُثيب الطائعين على طاعتِهم وليس له إخْلاف ذلك، فالمطيع مستحقّ الثواب على الله، كما أنَّه يجب عليه تعْذيب العاصين على معصِيَتِهم وليس له إخلاف الوعيد، فالمؤمن إذا خرج من الدُّنيا من غير توْبة عن الكبيرة التي ارْتكبها فإنَّه خالدٌ مُخلَّد في النَّار؛ لأنَّ الله توعَّده بذلك، لكنَّ عقابه أخفُّ من عقاب الكافر؛ فنفَوا عفْو الله عن أهل الكبائر والشَّفاعة لهم. الأصل الرابع: المنزلة بين المنزِلتين، وهذا الأصْل هو البذْرة التي نشأ عليها الاعتِزال، ويقصدون بِهذا الأصل أنَّ مرتكِب الكبيرة من الموحِّدين ليس بِمؤمنٍ ولا كافر، فهو في برْزخ بين الإسْلام والكُفْر، هذا حكمُه في الدُّنيا، أمَّا في الآخِرة فإذا مات ولم يتُب فهو خالدٌ في النَّار.
08/12/2021 11/02/2022 170 - تعريف المعتزلة المعتزلة: اسم يطلق على فرقة ظهرت في الإسلام في أوائل القرن الثاني، وسلكت منهجاً عقلياً متطرفاً في بحث العقائد الإسلامية. والمعتزلة هم أصحاب واصل بن عطاء الغزال الذي اعتزل عن مجلس الحسن البصري. - نشأة المعتزلة اختلف الباحثون في وقت ظهور المعتزلة والأكثرية من الباحثين. يرى أن رأس المعتزلة هو واصل بن عطاء وقد كان ممن يحضر مجلس الحسن البصري في زمان فتنة الأزارقة ، فثارت في ذلك العصر مسألة مرتكبي الكبيرة، وذلك أنه دخل رجل على الحسن البصري في حلقته في مسجد البصرة، وبين له مذهب الخوارج في الكبيرة، ومذهب المرجئة، وطلب منه بيان الحكم في ذلك، ففكر الحسن، وقبل إجابته قال واصل بن عطاء: أنا أقول أن صاحب الكبيرة ليس بمؤمن بإطلاق، ولا كافر بإطلاق، بل هو في منزلة بين منزلتي الإيمان والكفر، فطرده الحسن واعتزل في ناحية من المسجد يقرر ما أجاب به على أصحابه. - أبرز ملامح الاعتزال 1- تأثرهم ب الفلسفة اليونانيةفالمعتزلة قوم فتنوا بالفلسفة اليونانية، وبالمنطق اليوناني 2-ينبوع المعرفة عند المعتزلة يتلخص في تقديم العقل على الأدلة الشرعية، وجعل العقل حاكماً لا محكوماً.
والذين كفروا عما أنذروا معرضون ، في بداية هذا المقال سوف نتناول موضوع القرآن الكريم، أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لهداية البشرية ولإخراجهم من الظلمات والكفر إلى طريق الحق والنور والإيمان. وكتاب القرآن الكريم يعتبر معجزة خالدة ويصلح لجميع الأجيال والأزمان. تنقسم سور القرآن الكريم إلى سور مكية وسور مدنية، ويجدر الذكر بأن السور المكية هي السور التي نزلت في مكة المكرمة، أما السور المدنية هي السور التي نزلت في المدينة المنورة، في ختام هذا المقال ذكرنا أقسام السور في القرآن الكريم وفسرنا سبب تسميتها. والذين كفروا عما أنذروا معرضون - موقع بنات. الإجابة هي/ هذه الآية من سورة الأحقاف وتعتبر سورة مكية تشمل معاني كثيرة كما بين الله فيها جزاء المعاندين في الكفر وطغيانهم.
ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي فقال: { اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا} الكتاب يدعو إلى الشرك { أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} موروث عن الرسل يأمر بذلك. من المعلوم أنهم عاجزون أن يأتوا عن أحد من الرسل بدليل يدل على ذلك، بل نجزم ونتيقن أن جميع الرسل دعوا إلى توحيد ربهم ونهوا عن الشرك به، وهي أعظم ما يؤثر عنهم من العلم قال تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وكل رسول قال لقومه: { اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} فعلم أن جدال المشركين في شركهم غير مستندين فيه على برهان ولا دليل وإنما اعتمدوا على ظنون كاذبة وآراء كاسدة وعقول فاسدة. يدلك على فسادها استقراء أحوالهم وتتبع علومهم وأعمالهم والنظر في حال من أفنوا أعمارهم بعبادته هل أفادهم شيئا في الدنيا أو في الآخرة؟ ولهذا قال تعالى: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} أي: مدة مقامه في الدنيا لا ينتفع به بمثقال ذرة { وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} لا يسمعون منهم دعاء ولا يجيبون لهم نداء هذا حالهم في الدنيا، ويوم القيامة يكفرون بشركهم.
مرحبًا بك إلى حلول الجديد، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين....
وههنا قول آخر في تفسير قوله تعالى: ( أو أثارة من علم) وهو ما روي عن ابن عباس أنه قال: ( أو أثارة من علم) هو علم الخط الذي يخط في الرمل ، والعرب كانوا يخطونه ، وهو علم مشهور ، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه خطه علم علمه) ، وعلى هذا الوجه فمعنى الآية: ائتوني بعلم من قبل هذا الخط الذي تخطونه في الرمل يدل على صحة مذهبكم في عبادة الأصنام ، فإن صح تفسير الآية بهذا الوجه كان ذلك من باب التهكم بهم وبأقوالهم ودلائلهم ، والله تعالى أعلم.
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} هذا ثناء منه تعالى على كتابه العزيز وتعظيم له، وفي ضمن ذلك إرشاد العباد إلى الاهتداء بنوره والإقبال على تدبر آياته واستخراج كنوزه.