ب- ورزق البدن بالرزق الحلال الذي لا تبعة فيه، فإن الرزق الذي خص به المؤمنين والذي يسألونه منه شامل للأمرين، فينبغي للعبد إذا دعا ربه في حصول الرزق أن يستحضر بقلبه هذين الأمرين، فمعنى ((اللهم ارزقني)) أي ما يصلح به قلبي من العلم والهدى والمعرفة ومن الإيمان الشامل لكل عمل صالح وخلق حسن ، وما به يصلح بدني من الرزق الحلال الهنيّ الذي لا صعوبة فيه ولا تبعة تعتريه. الرزاق الذى لا تنفد خزائنه ولم يفض ما في يمينه لا يشغله سمع عن سمع ولا تختلف عليه المطالب ولا تشتبه عليه الاصوات يرزق من هذه الدنيا ما يشاء من كافر ومسلم اموال واولاد ولا يرزق الآخرة الا لأهل طاعته واشرف الارزاق في هذه الدار هو الايمان والعلم والعمل والحكمة وتبين الهدى المستنير.
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (المتين) الدليل: قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: ٥٨]. المعنى: معنى المتين، أي: الشديد القوي، الذي لا تضعف قوتُه، ولا تلحقه في أفعاله مشقةٌ ولا كلفةٌ ولا تعبٌ، وقوته سبحانه تامة كاملة لا تتناقص ولا تضعف، وهذا يدل على التناهي في قوة الله تعالى. معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (المتين). قال أبو حامد الغزالي: "والمتانة تدل على شدة القوة لله تعالى". (المقصد الأسنى). مقتضى اسم الله المتين وأثره: مقتضى اسم الله المتين قريب مما ذُكِر في اسم الله القوي، لأن معنى المتين الشديد القوي، فيتقارب المقتضى والأثر لهذين الاسمين الجليلين.
وَتَعْرِيفُ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَالْإِتْيَانُ فِيهَا بِضَمِيرِ الْفَصْلِ ؛ لِإِفَادَةِ اخْتِصَاصِهِ سُبْحَانَهُ بِإِيصَالِ الرِّزْقِ إِلَى عِبَادِهِ. والرزاق وهو مبالغة من: رازق للدلالة على الكثرة. والرازق من أسمائه الله. ذكر القرآن: {إن الله هو الرزاق} وقال الله:{وما من دآبة في الأرض إلا على الله رزقها}. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو المسعِّر القابض الباسط الرازق)). إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ - ساحة القرآن الكريم العامة - أخوات طريق الإسلام. ورزقه لعباده نوعان: عام وخاص: 1) فالعام إيصاله لجميع الخليقة جميع ما تحتاجه في معاشها وقيامها، فسهل لها الأرزاق، ودبرها في أجسامها، وساق إلى كل عضو صغير وكبير ما يحتاجه من القوت، وهذا عام للبر والفاجر والمسلم والكافر، بل للآدميين والجن والملائكة والحيوانات كلها. وعام أيضاً من وجه آخر في حق المكلفين،فإنه قد يكون من الحلال الذي لا تبعة على العبد فيه، وقد يكون من الحرام و يسمى رزقاً ونعمة بهذا الاعتبار، ويقال (( رزقه الله)) سواء ارتزق من حلال أو حرام وهو مطلق الرزق. 2) وأما الرزق المطلق فهو النوع الثاني، وهو الرزق الخاص، وهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنيا والآخرة، وهو الذي على يد رسول الله وهو نوعان: أ- رزق القلوب بالعلم والإيمان وحقائق ذلك، فإن القلوب مفتقرة غاية الافتقار إلى أن تكون عالمة بالحق مريدة له متألهة لله متعبدة، وبذلك يحصل غناها ويزول فقرها.
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ كتبه/ على جاد الكريم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: القوة: هي التمكن من الفعل بلا ضعف ودليلها قوله تعالى: { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} (7) المتين: الشديد القوة. والفرق بينها وبين القدرة أنها أخص من القدرة من وجه وأعم من وجه فهي بالنسبة للقادر ذي الشعور أخص لأنها قدرة وزيادة وهي بالنسبة لعموم مكانها أعم لأنها يوصف بها ذو الشعور وغيره فيقال للحديد مثلا:قوي ولا يقال له:قادر. تَضَمَّنَتْ الآية إِثْبَاتَ اسْمِهِ الرَّزَّاقِ ، وَهُوَ مُبَالَغَةٌ مِنَ الرِّزْقِ ، وَمَعْنَاهُ: الَّذِي يَرْزُقُ عِبَادَهُ رِزْقًا بَعْدَ رِزْقٍ فِي إِكْثَارٍ وَسَعَةٍ. وَكُلُّ مَا وَصَلَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ مِنْ نَفْعٍ إِلَى عِبَادِهِ فَهُوَ رِزْقٌ ؛ مُبَاحًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ لَهُمْ قُوتًا وَمَعَاشًا ؛ قَالَ تَعَالَى: { وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبَادِ} وَقَالَ: { وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}. إِلَّا أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي تَنَاوُلِهِ ؛ فَهُوَ حَلَالٌ حُكْمًا ، وَإِلَّا كَانَ حَرَامًا ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ رِزْقٌ.
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا و أشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين السلام عليكم و رحمة الله و بركاته قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (168) سورة البقرة. وقال تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (69) سورة الأنفال. وقال تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (114) سورة النحل. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام؟}.
إلى أن قال تعالى: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً) (الأحزاب: 25). فردَّهُم اللهُ تعالى خَائبين، وظَهَر أمر الله وهُمْ كارهون، فسُبحانَ مَنْ له القُوة والجبروت. 3- كثيراً ما ينسى الإنسان نفسه وضعفه وحاجته، ويُبارز ربَّه العَدَاء، ويشرك به ما ليس له به علم، ويُظاهر عليه، ويفسد في الأرض؛ ويَتكبّر فيها بغير الحق، وخُصُوصاً إذا حَبَاه الله تعالى بالنّعمة، والملك والجاه، والمال والولد. وقد حكى الله لنا في كتابه عن أممٍ عَتَتْ عن أمره ورسله، فحاسبها حساباً شديداً؛ وعذَّبها عذاباً نكرا ً. قال تعالى: (أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (غافر: 21، 22).
وقوله:"كنزٌ مِنْ كنوز الجنة" قال النووي: ومعنى الكنْز هنا أنه ثوابٌ مُدَّخَر في الجنة، وهو ثوابٌ نفيس؛ كما أنّ الكنز أنْفس أموالكم. وقال الحافظ: وحاصله أنّ المراد أنها من ذخائر الجنة، أو مِنْ محصلات نفائس الجنة. قال النووي: قال العلماء: سببُ ذلك أنها كلمةُ اسْتسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا رادَّ لأمره، وأنَّ العبد لا يملك شيئاً من الأمر. ثم قال: قال أهل اللغة:"الحول" الحركة والحيلة، أي: لا حركة ولا استطاعة، ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى. وقيل معناه: لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله. وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكي هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه وكله متقارب. من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي
فقال: ألم أشرح لك صدرك ؟ قلت: بلى ، قال: ألم أرفع لك ذكرك ؟ قلت: بلى قال: [ ص: 199] ألم أصرف عنك وزرك ؟ قلت: بلى ، ألم أوتك ما لم أوت نبيا قبلك وهي خواتيم سورة البقرة ؟ ألم أتخذك خليلا كما اتخذت إبراهيم خليلا ؟ " فهل يصح هذا الحديث. قلنا: طعن القاضي في هذا الخبر فقال: إن الأنبياء عليهم السلام لا يسألون مثل ذلك إلا عن إذن ، فكيف يصح أن يقع من الرسول مثل هذا السؤال. ويكون منه تعالى ما يجري مجرى المعاتبة.
ذات صلة ملخص قصير عن السيرة النبوية بحث عن السيرة النبوية تعريف بالسيرة النبوية تُعرّف السيرة في اللُغة أنّها الهيئة أو الطريقة أو السُنَّة، وفي الاصطلاح هي الترجمة المأثورة لحياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سواء كانت أقوالاً، أو أفعالاً، أو تقريراً، أو صفاتٍ خَلقيّة أو خُلقيّة، قبل البعثة أو بعدها، فتشمل حياته كُلها من ولادته حتى وفاته، وعند إطلاق لفظ السيرة النبويّة فإنّ المقصود منها سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- بجميع تفاصيلها في المرحلة المكيّة أو المدنيّة. [١] ومن المؤلّفات في ذلك: السيرة النبويّة لابن إسحاق، والسيرة النبويّة لابن حزم، والسيرة النبويّة لابن عساكر، وغيرها، وتُسمّى بكُتب السيرة، [١] كما أنّ السيرة النبويّة تشمل حياة الصحابة الكرام الذين كانوا مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاهدوا معه، وتشمل أيضاً تاريخ انتشار الدين الإسلامي ودُخول الناس فيه. [٢] يتلخّص مما سبق أنّ السيرة النبوية تعني حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ بأقواله وأفعاله وصفاته وتقريراته، منذ ولاته وحتى وفاته. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣١٠. خصائص السيرة النبوية إنّ للسيرة النبوية العديد من الخصائص، وهي كما يأتي: [٣] ربانيّة المصدر بمعنى أنّ صاحبها هو النبي -عليه الصلاة والسلام- المُرسل من الله -تعالى-، لقوله -سبحانه-: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) ، [٤] واختصّ النبيّ على غيره من الأنبياء بدعوته للنّاس كافة.
وثالثها: أن من كان له أب أو أم كان اعتماده عليهما ، فسلب عنه الوالدان حتى لا يعتمد من أول صباه إلى آخر عمره على أحد سوى الله ، فيصير في طفوليته متشبها بإبراهيم عليه السلام في قوله: حسبي من سؤالي ، علمه بحالي ، وكجواب مريم: ( أنى لك هذا قالت هو من عند الله) [آل عمران: 37]. ورابعها: أن العادة جارية بأن اليتيم لا تخفى عيوبه بل تظهر ، وربما زادوا على الموجود فاختار تعالى له اليتم ، ليتأمل كل أحد في أحواله ، ثم لا يجدوا عليه عيبا فيتفقون على نزاهته ، فإذا اختاره الله للرسالة لم يجدوا عليه مطعنا. وخامسها: جعله يتيما ليعلم كل أحد أن فضيلته من الله ابتداء لأن الذي له أب ، فإن أباه يسعى في تعليمه وتأديبه. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الضحى - الآية 8. وسادسها: أن اليتم والفقر نقص في حق الخلق ، فلما صار محمد عليه الصلاة والسلام مع هذين الوصفين أكرم الخلق ، كان ذلك قلبا للعادة ، فكان من جنس المعجزات. السؤال الثاني: ما الحكمة في أن الله ذكر هذه الأشياء ؟ الجواب: الحكمة أن لا ينسى نفسه فيقع في العجب. السؤال الثالث: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سألت ربي مسألة وددت أني لم أسألها ، قلت: اتخذت إبراهيم خليلا ، وكلمت موسى تكليما ، وسخرت مع داود الجبال ، وأعطيت سليمان كذا وكذا ، وأعطيت فلانا كذا وكذا ، فقال: ألم أجدك يتيما فآويتك ؟ ألم أجدك ضالا فهديتك ؟ ألم أجدك عائلا فأغنيتك ؟ قلت: بلى.
وفي ترجمة الزبير أنه خلف لأولاده ألف ألف لكل واحد، يعني مليون درهم، أو دينار، وكم تساوي في ذالك الزمان. وقد كان ابن المبارك ، وهو من هو في الزهد والعبادة، حتى قيل إنه لا يحسن يعصي الله، كان من أكبر أغنياء زمانه، وقصص جوده منثورة في ترجمته. ومن نكد زماننا أنا احتجنا إلى بيان البيّن، وإظهار الظاهر، والاحتجاج على الثابت، وإلا فمن سيدعم حلق الذكر والتحفيظ، ومن سيدعم الدعوة إلى الله، ومن سينفق على الأرملة والمسكين، ومن الذي سيبني المساجد ويغيث الناس في مدلهمات الخطوب إلا الأغنياء. ومن سيجهز الغزاة، ومن سيخلفهم في أهليهم بخير؟ ولا أخال ذلك محتاجا إلى نصب الأدلة على فضله، وسبقِ من وفقه الله لينفق من ماله في سبيله، ولهذا قدم الجهاد بالمال على النفس في كل موضع إلا في موضعين من كتاب الله تعالى. ونخلص من هذا إلى أن تزهيد الناس في المال، كتزهيدهم في الدنيا، يجر على الأمة ويلات، ويجعلهم دوما في آخر الصفوف، لا يتقدمون ، ولا يغتنون، ولا يمكن لداعية أن يصدح بحق وهو محتاج! والذي يتعين هو الحرص على أن يكون المصدر حلالا، ولا يهم كم يبلغ بعد ذلك، فبركة الله لا حد لها. وفي البخاري بينا أيوب عليه السلام يغتسل عريانا، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك.
الخميس 27 جمادى الأول 1433 هـ - 19 ابريل 2012م - العدد 16005 في هذه الآية منة من الله سبحانه على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، ضمن منن عددها عليه في سورة أكرمه بها في أوائل تنزيل الوحي، وهي سورة الضحى. بين فيها سبحانه منزلة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن ثم عدد بعض مننه عليه، وهي الإيواء بعد اليتم، والهداية بعد الضلال، والغَنَاء بعد العيلة. وأتحدث عن هذه المنة بالذات لأن مفهوم الفقر والعيلة قد تشوه عند كثيرين، حتى ظن بعض الأخيار أن الفقر هو سمة المؤمن، ودثار المسلم، وأنه خير من الغنى، وسمعت وقرأت كثيرا من المقولات والكلمات التي تشوه الغنى، حتى إن البخاري رحمه الله، بوب في صحيحة (باب فضل الفقر)! وربما ذكرت قصصا عن أغنياء أصيبوا بمرض كذا، وأنهم يعيشون على الأدوية، يعانون الأمراض، الجسدية والنفسية، وأن الغنى شر محض يقود للطغيان، وهو أحد أهم أسباب العصيان. وايم الله إن هذا لا يصح، فالغنى منة الله على نبيه كما قرأت في الآية، ومن غير الجائز أن يمتن الله على نبيه بما ليس بنعمة، وبما لا نفع فيه في دين أو دنيا، كيف والغنى ظاهر النفع دينا ودنيا. فأما الدنيا فيكفيك من الغنى أن يرفع نفسك عن سؤال الناس والحاجة إليهم، وقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو على المنبر، وذكر الصدقة والتعفف والمسألة: اليد العليا خير من اليد السفلى، فاليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة.
قوله تعالى: " ألم يجدك يتيما فآوى " الآية وما يتلوها من الآيتين إشارة إلى بعض نعمه تعالى العظام عليه صلى الله عليه وآله فقد مات أبوه وهو في بطن أمه ثم ماتت أمه وهو ابن سنتين ثم مات جده الكفيل له وهو ابن ثمان سنين فكفله عمه ورباه. وقيل: المراد باليتيم الوحيد الذي لا نظير له في الناس كما يقال: در يتيم، والمعنى ألم يجدك وحيدا بين الناس فآوى الناس إليك وجمعهم حولك. قوله تعالى: " ووجدك ضالا فهدى " المراد بالضلال عدم الهداية والمراد بكونه صلى الله عليه وآله وسلم ضالا حاله في نفسه مع قطع النظر عن هدايته تعالى فلا هدى له صلى الله عليه وآله وسلم ولا لاحد من الخلق إلا بالله سبحانه فقد كانت نفسه في نفسها ضالة وإن كانت الهداية الإلهية ملازمة لها منذ وجدت فالآية في معنى قوله تعالى: " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان " الشورى: (٣١٠) الذهاب إلى صفحة: «« «... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315... » »»