ويعفى أيضًا عندهم عن دم البراغيث، والقمل، ونحوهما، مما ليست له نفس سائلة، فيعفى عنه في الثوب، والبدن؛ لعسر التحرز منه عادة، هذا هو ملخص مذاهب الأئمة الأربعة -رحمهم الله تعالى- في الدم. فقد اتفقوا في الجملة على نجاسة الدم المسفوح. كما اتفقوا على العفو عما يصعب التحرز منه من الدماء، إلا ما تقدم عن الحنابلة من عدم العفو عن أي شيء مما خرج من سبيلي الآدمي، أو من الحيوان النجس. وذهب بعض أهل العلم إلى طهارة دم الآدمي غير الخارج من السبيلين؛ لعدة أمور، منها: أولًا: أن الأصل في الأشياء الطهارة؛ حتى يقوم دليل النجاسة، ولا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الدم، إلا دم الحيض، مع كثرة ما يصيب الإنسان من جروح، ورعاف، وحجامة، وغير ذلك، ولو كان نجسًا؛ لبيّن ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لدعاء الحاجة إلى بيانه. ثانيًا: أن المسلمين ما زالوا يصلون في جراحاتهم في القتال، وقد يسيل منهم الدم الكثير، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمرهم بغسله، ولم يرد أنهم كانوا يتحرزون منه تحرزهم من النجاسات. هل الدم نجس للصلاة. ثالثًا: أن ميتة الآدمي طاهرة، وأجزاؤها طاهرة، فلو قطعت يده، لكانت طاهرة، مع أنها تحمل دمًا، وربما كان كثيرًا، وإذا كانت ميتة الآدمي طاهرة، أو جزؤه الذي هو ركن في بنيته، فإن الدم من باب أولى.
السؤال: ما رأي فضيلتكم في الدم الخارج من الإنسان هل هو نجس؟ وهل هو ناقض للوضوء؟ الإجابة: الدم الخارج من الإنسان إن كان من السبيلين القبل أو الدبر، فهو نجس وناقض للوضوء قلَّ أم كَثُر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بغسل دم الحيض مطلقاً، وهذا دليل على نجاسته، وأنه لا يُعفي عن يسيره، وهو كذلك فهو نجس لا يُعفي عن يسيره وناقض للوضوء قليله وكثيره. وأما الدم الخارج من بقية البدن: من الأنف أو من السِّن أو من جرح أو ما أشبه ذلك، فإنه لا ينقض الوضوء قلَّ أو كثر، هذا هو القول الراجح أنه لا ينقض الوضوء شيء خارج من غير السبيلين من البدن سواء من الأنف أو من السن أو من غيره وسواء كان قليلاً أو كثيراً، لأنه لا دليل على انتقاض الوضوء به، والأصل بقاء الطهارة حتى يقوم دليل على انتقاضها. وأما نجاسته فالمشهور عند أهل العلم أنه نجس، وأنه يجب غسله إلا أنه يُعفي عن يسيره لمشقة التحرُّز منه، والله أعلم. هل دم السمك نجس؟... دار الإفتاء تجيب. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب نواقض الوضوء. محمد بن صالح العثيمين كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 22 0 63, 080
أما الدم الذي يبقى في الحيوان الحلال بعد تذكيته تذكيةً شرعية فإنه يكون طاهراً حتى لو انفجر بعد فصده، فإن بعض العروق يكون فيها دمٌ بعد الذبح وبعد خروج الروح بحيث إذا فصدتها سال منها الدم، هذا الدم حلالٌ وطاهر. وكذلك دم الكبد ودم القلب وما أشبهه، كله حلال وطاهر. وأما الدم الخارج من الإنسان فالدم الخارج من الإنسان إن كان من السبيلين من القبل أو الدبر فهو نجسٌ وناقضٌ للوضوء، قلَّ أم كثر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بغسل دم الحيض مطلقاً، وهذا دليلٌ على نجاسته، وأنه لا يعفى عن يسيره، وهو كذلك فهو نجس لا يعفى عن يسيره وناقض للوضوء قليله أو كثيره. وأما الدم الخارج من بقية البدن من الأنف أو من السن أو من جرحٍ بحديدة أو بزجاجة أو ما أشبه ذلك فإنه لا ينقض الوضوء قل أو كثر، هذا هو القول الراجح، أنه لا ينقض الوضوءَ شيءٌ خارجٌ من غير السبيلين من البدن سواءٌ من الأنف أو من السن أو من غيره سواءٌ كان قليلاً أو كثيراً. وأما نجاسته فالمشهور عند أهل العلم أنه نجس، وأنه يجب غسله، إلا أنه يعفى عن يسيره لمشقة التحرز منه، والله أعلم.
وإذا كانت التلاوة والقراءة هي البريد للتدبر فإن التدبر هو الأصل في تثبيت المحفوظ، وهي الأصل في العمل، وعلى هذا هناك نوع من تبادل الأدوار بين القراءة والتدبر، فالقراءة والتلاوة موصلة إلى التدبر، والتدبر يثبت الحفظ في القلب.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّا صَعُبَ عَلَيْنَا حِفْظُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، وَسَهُلَ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنَّ مَنْ بَعْدَنَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ الْقُرْآنِ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِهِ[12]. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا ونور صدورنا، اللهم علمنا منه ما جهلنا وذكرنا منه ما أنسينا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النار على الوجه الذي يرضيك عنا. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) (السلسلة الصحيحة برقم [ 1575]). (2) (السعدي). (3) (تفسير البقاعي). (4) (صحيح البخاري). (5) متفق عليه. (6) (لطائف المعارف). (7) (صحيح الجامع برقم [3882]). (8) (التبصرة لابن الجوزي). (9) (التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا). (10) (التبيان في آداب حملة القرآن للنووي). (11) (تفسير ابن كثير). شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدي للناس. (12) (تفسير القرطبي). أيمن الشعبان المصدر: طريق الاسلام 11 0 76, 709
معظم الناس في رمضان لا تستطيع ترك المصحف من يدها، فتراها مقبلةً عليه وعلى قراءته بشدة في المواصلات العامة، وفي أماكن العمل، في المنزل، وفي المسجد، تراهم يعددون من الختمات ولكن بلا فائدة؛ فقراءته ليس فيها تدبر أو تفاعل مع آيات الله، فيخرج من رمضان وكأنه لم يقرأ شيئًا، فلم تتفاعل نفسه مع آيات القرآن، ولم تلامس قلبه وكأنه كالآلة التي تعمل بضغطة إصبع وتنطفئ بضغطة إصبع.