فَمَلأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ". قالوا: يا رسول الله، وإنَّ لنا في البهائم أجرًا؟ قال: "فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ"[11]. بل إن الرسول أعلن لأصحابه أن الجنة فَتَحَتْ أبوابها لزانية تحرَّكَتِ الرحمة في قلبها نحو كلب! فقال: "بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ[12]بِرَكِيَّةٍ[13]كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ[14]مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا[15]، فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ"[16]. الرحمة في الإسلامية. وإن المرء ليدهش: وما كلب ارتوى إلى جانب جريمة زنا؟! لكن الحقيقة تكمن فيما وراء الفعل، وهي الرحمة التي في قلب الإنسان، والتي على ضوئها تأتي أفعاله وأعماله، ومدى أثرِ وقيمةِ ذلك في المجتمع الإنساني بصفة عامَّة. الرحمة بالحيوان الأعجم والطيور الصغيرة وممَّا جاء به الإسلام من الرحمة، دعوته إلى رحمة الحيوان الأعجم من أن يُجوَّع أو يُحمَّل فوق طاقته! فقد قال في رحمة بالغة حين مَرَّ على بعير قد لحقه الهزال: "اتَّقُوا اللهَ في هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْـمُعْجَمَةِ... فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً"[17].
وقد أقسم الرسول في حديث آخر قائلاً: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يَضَعُ اللهُ رَحْمَتَهُ إِلاَّ عَلَى رَحِيمٍ". قالوا: يا رسول الله، كلنا يرحم. قال: "لَيْسَ بِرَحْمَة أَحَدِكُمْ صَاحِبَهُ؛ يَرْحَمُ النَّاسَ كَافَّةً"[8]. أهمية الرحمة في الإسلام - سطور. فالمسلم يرحم الناس كافَّة، أطفالاً ونساءً وشيوخًا، مسلمين وغير مسلمين. وقال أيضًا: "ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ"[9]. وكلمة "مَنْ" تشمل كل مَن في الأرض. وهكذا هي الرحمة في مجتمع المسلمين، تلك القيمة الأخلاقية العملية التي تُعَبِّرُ عن تعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان، بل هي رحمة تتجاوز الإنسان بمختلف أجناسه وأديانه إلى الحيوان الأعجم، إلى الدواب والأنعام، وإلى الطير والحشرات! فقد أعلن النبي أن امرأة دخلت النار لأنها قَسَتْ على هِرَّةٍ ولم ترحمها، فقال: "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا؛ فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ"[10]. كما أعلن أن الله غفر لرجل رحم كلبًا فسقاه من العطش، "بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ؛ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي.
"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى". الرحمة بالحيوان روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض". الرحمة في الاسلام. الرحمة بالحيوان الأعجم والطيور الصغيرة وممَّا جاء به الإسلام من الرحمة، دعوته إلى رحمة الحيوان الأعجم، فقد قال صلى الله عليه وسلم حين مَرَّ على بعير قد لحقه الهزال: "اتَّقُوا اللهَ في هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْـمُعْجَمَةِ… فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً "( أبو داود، وصححه الألباني). وقال رجل: يا رسول الله، إنِّي لأرحم الشَّاة أن أذبحها. فقال: "وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ" (رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني). وأيضا الرحمة بالطيور الصغيرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم يقول في عصفور: "مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا عَجَّ إِلَى اللهِ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ فُلاَنًا قَتَلَنِي عَبَثًا، وَلَمْ يَقْتُلْنِي لِمَنْفَعَةٍ! "
و عن ابن عبّاس: الرداء الّذي يستر من فوق الى أسفل ، و قيل الملحفة و كلّ ما يتستّر به من كساء أو غيره، قال ابو زبيد: مجلبب من سواد الليل جلبابا. و عن ابن سيرين سألت عبيدة السلمانيّ عن ذلك؟ فقال: أن تضع رداءها فوق الحاجب ثمّ تديره حتّى تضعه على أنفها. و عن السدّي: أن تغطّي إحدى عينيها و جبهتها و الشقّ الآخر إلّا العين. البيضاوي- { مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]: يغطّين وجوههنّ و أبدانهنّ بملاحفهنّ إذا برزن لحاجة. و التحقيق أنّ الأصل الواحد في كلمة الجلب: هو السوق من جانب الى جانب آخر و الإتيان بشيء من محلّ الى محلّ آخر. و هذا المعنى تختلف خصوصيّاته بالصيغ و بضميمة الحروف، فيقال جلب الشيء أي ساقه. و جلبت عليه أي استحثّه للعدو. و أجلبه أي أعانه. ما معنى جلباب مغربي. فانّ على تدلّ على الاستعلاء و التسلّط، و صيغة إفعال على التعدية أي جعله جالبا و هو معنى التقوية و الاعانة. وامّا الجلبة: فهي فعلة بمعنى ما يجلب كالقشرة المطلوبة في الجرح حتّى يتحقّق البرء، و الجلدة تجعل على القتب لمحافظته فهي ما يجلب حصولها بعد تماميّة القتب أو الرحل. وأمّا الجلباب: فهو مصدر كدحراج، و أصل جلبب ثلاثيّ ثم الحق بتكرير اللام بالرباعي، و تكرير اللام يدلّ على دوام الجلب و استمراره، الى أن يلازم من يجلبه، و هذا هو معنى الجلباب.
مواضيع ذات صلة
الدليل الثالث: آية الحجاب الثانية الآمرة بإدناء الجلابيب على الوجوه: قال الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا} [الأحزاب: 59]. ما معنى جلباب تونسي. قال السيوطي رحمه الله تعالى: ((هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن )) انتهى . وقد خصَّ الله سبحانه في هذه الآية بالذكر أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبناته؛ لشرفهن ولأنهن آكد في حقه من غيرهن لقربهن منه، والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} [التحريم: 6] ، ثم عمم سبحانه الحكم على نساء المؤمنين، وهذه الآية صريحة كآية الحجاب الأولى، على أنه يجب على جميع نساء المؤمنين أن يغطين ويسترن وجوههن وجميع البدن والزينة المكتسبة، عن الرجال الأجانب عنهن، وذلك الستر بالتحجب بالجلباب الذي يغطي ويستر وجوههن وجميع أبدانهن وزينتهن، وفي هذا تمييز لهن عن اللائي يكشفن من نساء الجاهلية، حتى لا يتعرضن للأذى ولا يطمع فيهن طامع . والأدلة من هذه الآية على أن المراد بها ستر الوجه وتغطيته من وجوه، هي: الوجه الأول: معنى الجلباب في الآية هو معناه في لسان العرب وهو: اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن، وهو بمعنى: الملاءة والعباءة، فتلبسه المرأة فوق ثيابها من أعلى رأسها مُدنية ومرخية له على وجهها وسائر جسدها، وما على جسدها من زينة مكتسبة، ممتدًا إلى ستر قدميها .
كل عام وأنتم بخير... وتقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال نتائج البحث عن (جِلْبَابِ) 1-المعجم الوسيط (الجِلْبابُ) [الجِلْبابُ]: القميص. و- الثوب المشتمل على الجسد كله. و- الخِمار. و- ما يُلْبَس فوق الثِّيابِ كالمِلْحفة. و- المُلاءَة تَشتمل بها المرأَة. (والجمع): جلابيبُ. ما معنى جِلْبابٌ / جِلِبّابٌ في معجم اللغة العربية القاموس - البيت العربي. وفي التنزيل العزيز: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]. المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م 2-شمس العلوم (الجِلباب) الكلمة: الجِلباب. الجذر: جلب. الوزن: فِعْلَال. [الجِلباب]: الرداء، وكل ما تغطيت به من ثوب؛ وفي حديث النبي، عليه السلام: «من ألقى جِلبابَ الحياء فلا غيبةَ له». قال: والعيش راخٍ كَنَفا جلبابه شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م 3-معجم متن اللغة (الجلباب) الجلباب: الملحفة: القميص، وهو الجلباب "كسنمار عن سيبويه". أو ثوب أوسع من معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م 4-المعجم العربي لأسماء الملابس (الجلباب) الجِلْبَاب: بكسر فسكون ففتح كسِرْداب: ثوب أوسع من الخمار دون الرداء تغطى به المرأة رأسها وصدرها. وقيل: هو ثوب واسع دون الملحفة تلبسه المرأة.