بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رقم الفتوى (3081) ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي: ما هي موانع الرجوع في الهبة؟ وماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الراجع في هبته؟ الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعُودُ فِي عَطِيَّتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى إِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ فَأَكَلَهُ) (1). شرح المفرادات (2): (العَطِيَّة): الهبة. (قَاءَ): تقيَّأ. أرشيف الإسلام - شرح وتخريج حديث ( العائد في هبته كالعائد في قيئه ... ) من صحيح البخاري. ( اَلَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ): أي: العائد في هبته إلى الموهوب. معنى الحديث: ضرب مثل سيء لمن يعود في عطيته كرجوع الكلب في قيئه، والحديث في الصحيحين باختلاف بعض الألفاظ: فعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ) (3). وفي رواية عَنْه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ, الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ) (4). يقول ابن حجر: ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ اَلسَّوْءِ) أَي: لَا يَنْبَغِي لَنَا مَعْشَرَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْ نَتَّصِفَ بِصِفَةٍ ذَمِيمَةٍ يُشَابِهُنَا فِيهَا أَخَسُّ اَلْحَيَوَانَاتِ فِي أَخَسِّ أَحْوَالِهَا, قَالَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ( لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى), وَلَعَلَّ هَذَا أَبْلَغُ فِي اَلزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ, وَأَدَلُّ عَلَى اَلتَّحْرِيمِ مِمَّا لَوْ قَالَ مَثَلًا: لَا تَعُودُوا فِي اَلْهِبَة (5).
السؤال: ما حكم من رجع في هبته، وهو أنه أعطى رجلًا مبلغًا من المال على سبيل الهبة ثم رجع فيه؟ الجواب: حكمه أنه آثم، وعليه التوبة من ذلك، ورد الهبة إلى صاحبها؛ لقول النبي ﷺ: العائد في هبته كالكلب، يقيئ ثم يعود في قيئه [1] وقول النبي ﷺ: لا يحل لمسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده [2] والله ولي التوفيق. [3] رواه البخاري في (الهبة)، باب (هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها)، برقم: 2589، ومسلم في (الهبات)، باب (تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض)، برقم: 1622. رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، باقي مسند عبدالله بن عمر، برقم: 5469، والترمذي في (الولاء والهبة)، باب (ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة)، برقم: 2132. من ضمن الأسئلة المقدمة لسماحته من جريدة (المسلمون)، وأجاب عنه في 5/6/1419هـ. أحكام الهبة - موضوع. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 20/67). فتاوى ذات صلة
لكن هذا الاختلاف لا يضرّ بصحة الحديث، فالحكم لمن وصل، ولذلك أخرج الحديث الشيخان في "صحيحيهما ". واللَّه تعالى أعلم بالصواب. شرح حديث عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: "العائد في هِبَتِهِ، كالعائد في قَيْئِهِ". وفي لفظ: "فإن الذى يعود في صدقته: كالكلب يَقِئ ُثم يعود في قيئه". .... ٣٧٢٨ - (أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَخْزُومِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ (١), قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ (٢) رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ, كَالْكَلْبِ يَقِيءُ, ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»). قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الَإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده، وهو أبو عبد الرحمن السجزيّ، نزيل دمشق المعروف بخيّاط السنّة، ثقة حافظ [١٢] ١٨٩/ ١١٦١. و"إسحاقُ ": وابن راهويه. و" المخزوميّ": هو المغيرة (١) ووقع في نسخة: "أخبرنا وهب، وهو غلطٌ، والصواب "وُهيب" مصغّرًا. (٢) وفي نسخة: "عن".
وأصحاب النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – هم خيرة المتعففين. ونهاه أن يعوج في صدقته، لا بالشراء ولا بأي حيلة من الحيل، فقد سد عليه أبواب الرجوع كلها، ونفره منه بالمثل الذي ضربه، وهو مثل مقزز منتزع من أبشع حالات الكلب. والمثل من أهم وسائل التوضيح والبيان. وما سمى المثل مثلاً إلا لأنه يحفر له في الذهن مكاناً، فيظل ماثلاً فيه، يستذكره صاحبه عند الحاجة إليه، وتستدعيه المعاني كلما غمض الأمر أو حدث فيه إشكال أو إجمال. وبقى لنا أن نعرف حكم الرجوع في الهبة عند الفقهاء بإيجاز: قلت في كتابي الفقه الواضح من الكتاب والسنة: ذهب جمهور العلماء إلى حرمة الرجوع في الهبة إذا كانت بلا عوض، إلا ما كان من الوالد لولده، فإنه يجوز له أن يستردها منه ما لم يكن قد تصرف فيها، أو زادت عنده زيادة كبيرة، أو استدان بسببها أو تزوج؛ فإن الناس لم يزوجوه أو لم يسلفوه إلا لما حصل عنده من الهبة السخية، ولا شك أن في استردادها منه حينئذ ضرر عليه وعلى من أسلفه أو زوجه، وضرر على من تزوجته. والأصل في الهبة أن لا يرجع فيها الواهب على من وهبها له، ولكن لما كان للوالد في مال ولده شبهة حق جوز له المالكية ومن وافقهم رجوعه فيها بالشروط المتقدمة.
285 - الحديث السادس: عن عمر رضي الله عنه قال { حملت على فرس في سبيل الله ، فأضاعه الذي كان عنده ، فأردت أن أشتريه ، [ ص: 537] فظننت أنه يبيعه برخص. فسألت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: لا تشتره. ولا تعد في صدقتك ، وإن أعطاكه بدرهم. فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه}. عرض الحاشية وفي لفظ { فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه} هذا " الحمل " تمليك لمن أعطي الفرس ، ويكون معنى كونه " في سبيل الله " أن الرجل كان غازيا. فآل الأمر بتمليكه: إلى أنه في سبيل الله ، فسمي بذلك باعتبار المقصود. فإن المقصود بتمليكه: أن يستعمله فيما عادته أن يستعمله فيه. وإنما اخترنا ذلك; لأن الذي حمل عليه أراد بيعه. ولم ينكر ذلك. ولو كان الحمل عليه: حمل تحبيس ، لم يبع ، إلا أن يحمل على أنه انتهى إلى حالة لا ينتفع به فيما حبس عليه. لكن ذلك ليس في اللفظ ما يشعر به ، ولو ثبت أنه حمل تحبيس لكان في ذلك متعلق لمسألة وقف الحيوان ، ومما يدل على أنه حمل تمليك: قوله عليه الصلاة والسلام " ولا تعد في صدقتك " وقوله " فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ". وفي الحديث دليل: على منع شراء الصدقة للمتصدق ، أو كراهته. وعلل ذلك بأن المتصدق عليه ربما سامح المتصدق في الثمن ، بسبب تقدم إحسانه إليه بالصدقة عليه ، فيكون راجعا في ذلك المقدار الذي سومح به.