فينبغي أن تحل جملة هو أعلم بكم إلى آخرها استئنافا بيانيا لجملة إن ربك واسع المغفرة لما تضمنته جملة إن ربك واسع المغفرة من الامتنان ، فكأن السامعين لما سمعوا ذلك الامتنان شكروا الله وهجس في نفوسهم خاطر البحث عن سبب هذه الرحمة بهم فأجيبوا بأن ربهم أعلم بحالهم من أنفسهم فهو يدبر لهم ما لا يخطر ببالهم ، ونظيره ما في الحديث القدسي قال الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر خيرا من بله ما اطلعتم عليه. فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بكم. وقوله إذ أنشأكم ظرف متعلق ب " أعلم " ، أي: هو أعلم بالناس من وقت إنشائه إياهم من الأرض وهو وقت خلق أصلهم آدم. والمعنى: أن إنشاءهم من الأرض يستلزم ضعف قدرهم عن تحمل المشاق مع تفاوت أطوار نشأة بني آدم ، فالله علم ذلك وعلم أن آخر الأمم وهي أمة النبيء - صلى الله عليه وسلم - أضعف الأمم. وهذا المعنى هو الذي جاء في حديث الإسراء من قول موسى لمحمد عليهما السلام حين فرض الله على أمته خمسين صلاة إن أمتك لا تطيق ذلك وإني جربت بني إسرائيل ، أي: وهم أشد من أمتك قوة ، فالمعنى أن الضعف المقتضي لسعة التجاوز بالمغفرة مقرر في علم الله من حين إنشاء آدم من الأرض بالضعف الملازم لجنس البشر على تفاوت فيه ، قال تعالى وخلق الإنسان ضعيفا ، فإن إنشاء أصل الإنسان من الأرض وهي عنصر ضعيف يقتضي ملازمة الضعف لجميع الأفراد المنحدرة من ذلك الأصل.
ولا يجوز لمن يعمل الصالحات أن يذكرها بعد الفراغ منها، إلا تحديثا بنعمة ربه عليه: { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى- 11) ، أو ليرغب غيره فيقتدي به: "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها"، أو دفاعا عن نفسه أمام اتهام ألصق به وهو منه برئ، أو لغير ذلك من الأسباب الباعثة، وهذا مشروع لمن قوى باطنه في المعرفة بالله، وعدم الالتفات إلى ما سواه، وأمن على نفسه من تسلل آفتي العجب والرياء، ولم يكن قصده اكتساب محمدة الناس والمنزلة عندهم، وقل من يسلم من ذلك.. والله المستعان. فليحذر المسلم من إعجابه بنفسه، وما يقدمه من حسنات وصالحات، واعتقاده أنه وحده المفلح، وغيره من الخاسرين، أو أنه وجماعته هم "الفرقة الناجية" وكل المسلمين من الهالكين، أو أنهم وحدهم "الطائفة المنصورة" وغيرهم من المخذولين!. إن هذه النظرة إلى النفس هي "العجب المهلك"، وتلك النظرة إلى المسلمين هي "الاحتقار المردي". إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة النجم - قوله تعالى هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم- الجزء رقم28. وفي الحديث الصحيح: "إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم". روى الحديث بضم الكاف وبفتحها، ومعنى الضم: أنه هو "أهلكهم"، بمعنى أسرعهم وأشدهم هلاكا، لغروره بنفسه، وإعجابه بعمله، واحتقاره لغيره. ومعنى الرواية بالفتح "أهلكهم": أنه الذي تسبب ـ هو وأمثاله ـ في هلاكهم، بالاستعلاء عليهم، وتيئيسهم من روح الله.
فأولى الأشياء بالتعهد والمراقبة ومحاولة الإصلاح نفسك التي بين جنبيك، إذ تدور نجاة العبد على مدى صلاح نفسه وتقواها، والمؤمن في هذه الحياة لا يرى نفسه بمعنى أنه لا يرى لنفسه فضلا، بل يرى نفسه أهلا للمقت في ذات الله عز وجل؛ ولهذا فهو لا يزكي نفسه ولا يمدحها ولا يعجب بها. الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد: فأولى الأشياء بالتعهد والمراقبة ومحاولة الإصلاح نفسك التي بين جنبيك، إذ تدور نجاة العبد على مدى صلاح نفسه وتقواها. والمؤمن في هذه الحياة لا يرى نفسه بمعنى أنه لا يرى لنفسه فضلا، بل يرى نفسه أهلا للمقت في ذات الله عز وجل؛ ولهذا فهو لا يزكي نفسه ولا يمدحها ولا يعجب بها.
ومن الكلمات النيرة المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قوله: سيئة تسوؤك خير عند الله من حسنة تعجبك!. وقد أخذ هذا المعنى ابن عطاء الله السكندري في "حكمه" فقال: ربما فتح الله لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول، وربما قدر عليك المعصية، فكانت سببا في الوصول، معصية أورثت ذلا وافتقارا، خير من طاعة أورثت عجبا واستكبارا!. فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى. ولهذا حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من العجب وجعله من "المهلكات"، فروى عنه ابن عمر: "ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات.. فأما المهلكات، فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه".
ولا يجوز لمن يعمل الصالحات أن يذكرها بعد الفراغ منها، إلا تحديثا بنعمة ربه عليه: { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى- 11) ، أو ليرغب غيره فيقتدي به: " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها "، أو دفاعا عن نفسه أمام اتهام ألصق به وهو منه برئ، أو لغير ذلك من الأسباب الباعثة، وهذا مشروع لمن قوى باطنه في المعرفة بالله، وعدم الالتفات إلى ما سواه، وأمن على نفسه من تسلل آفتي العجب والرياء، ولم يكن قصده اكتساب محمدة الناس والمنزلة عندهم، وقل من يسلم من ذلك.. والله المستعان. «فلا تزكوا أنفسكم» - بوابة الأهرام. فليحذر المسلم من إعجابه بنفسه، وما يقدمه من حسنات وصالحات، واعتقاده أنه وحده المفلح، وغيره من الخاسرين، أو أنه وجماعته هم "الفرقة الناجية" وكل المسلمين من الهالكين، أو أنهم وحدهم "الطائفة المنصورة" وغيرهم من المخذولين!. إن هذه النظرة إلى النفس هي "العجب المهلك"، وتلك النظرة إلى المسلمين هي "الاحتقار المردي". وفي الحديث الصحيح: " إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم ". روى الحديث بضم الكاف وبفتحها، ومعنى الضم: أنه هو "أهلكهم"، بمعنى أسرعهم وأشدهم هلاكا، لغروره بنفسه، وإعجابه بعمله، واحتقاره لغيره. ومعنى الرواية بالفتح "أهلكهم": أنه الذي تسبب ـ هو وأمثاله ـ في هلاكهم، بالاستعلاء عليهم، وتيئيسهم من روح الله.
وأضاف أما سنة النبى صلى الله عليه وسلم فحافلة بالأحاديث والمواقف التى تنهى عن تزكية النفس. فقد كان النبى -صلى الله عليه وسلم يقول فى فاتحة خطبه: «ونعوذ بالله من شرور أنفسنا» ، فقد روى الإمام الطبرانى والبزار بسند حسن عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه» فنعوذ بالله من التعالى والأنفة، وتزكية النفس وكل هذه الأمراض المقيتة التى تسد عنا رحمة الله تعالى ومغفرته ، وعن خالد الحذاء عن عبدالرحمن بن أبى بكرة، عن أبيه قال:أثنى رجل على رجل عند النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: «ويلك قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك». فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقي. مرارا ثم قال: «من كان منكم مادحا أخاه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكى على الله أحدا أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه». وهذا عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه الذى ملأ الدنيا عدلا وقسطا والذى بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة الذى كان إذا سلك طريقا سلك الشيطان طريقا غير طريقه،والذى كان ينزل القرآن موافقا لرأيه وكلامه. يقول أبو موسى الأشعرى قال لى عمر بن الخطاب يوما: هل يسرك أن إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وشهادتنا وعملنا كله يرد علينا لقاء أن ننجو كفافا لا لنا ولا علينا فيجيبه أبو موسى قائلا لا والله يا عمر فلقد جاهدنا وصمنا وصلينا وعملنا خيرا كثيرا وإنا لنرجوا ثواب ذلك فيقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه ودموعه تنحدر من عينيه أما أنا فوالذى نفس عمر بن الخطاب بيده لوددت أن ذلك يرد علي، ثم أنجوا كفافا رأسا برأس.