المرأة وبناء الأسرة والمجتمع إنَّ المرأة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع وهي العامل الأساسي فيه، وهل يستطيع أحد أن يتخيّل شكل الحياة دون المرأة؟ نعم هي لن تكون الحياة سوى كومة من المشكلات التي لا تنتهي، لقد خلق الله الرجل والمرأة حتى تنشأ أسرة سعيدة متعاونة وليس حتى يتسلّط الرجل على المرأة سواء كانت أمًا أم أختًا له، وخاصة أنّ دور المرأة في بناء الأسرة والمجتمع عظيم ومهم جدًا. فالأخ هو ليس ذلك السيف المُسلّط على رقبة أخته بل هو حاميها والسند الأول لها وقوّتها ويجب نفي تلك العادات التي تنص أنّ المرأة هي المُستضعَفة في بيت أخيها أو أبيها أو زوجها على العكس من ذلك، بل المرأة عماد المجتمع فلو صلحت هي لصلحت الأسرة ومن ثم لصلح المجتمع ولصلحت بعدها الحياة، والرجل لا يكون له ذلك الدور العظيم في تربية الأبناء بل يقع ذلك على عاتق المرأة التي خلق الله لها الرجل حتى يعينها على ما حملت من الأعباء. المرأة هي ذلك المخلوق التي تهز العالم بيمينها بينما تهز طفلها بشمالها، هي تلك المخلوقة التي دائمًا ما تنسى نفسها من أجل غيرها، ومن أجل أطفالها الذين لا يشعرون بالأمان إلا عندما يدخلون إلى المنزل فيقولون أمي، وهنا يأتي ذلك الصوت الحاني الذي اعتاده الطفل منذ أن كان جنينًا في بطن أمه ييحبو في ذاكرتها وتعيش فيه وفي دمه ومجرى نفسه وروحه.
كذلك فإنّه من حقّ المرأة أن تعمل في العمل الذي يُناسبها ويُناسب طبيعتها الأنثوية؛ كأن تكون طبيبة أو معلمة أو مهندسة أو كاتبة أو ممرضة وغيرها من الأعمال التي تليق بالأنثى وطبيعتها التي جبلها الله عليها، أمَّا من يدّعي أنَّ تحرير المرأة يكون في مُساواتها بالرجل بشكل تام فهو مفهوم خاطئ، وذلك ليس معناه أنَّ عدم مساواتها بالرجل يعني إنقاصًا منها على العكس من ذلك، فإنّ عدم مساواتها بالرجل هو العدل عينه. لأنَّ طبيعة الرجل الخشنة تُمكّنه من فعل ما لا تمكنها منه طبيعها الرقيقة الأنثوية، ولو أرادت المرأة أن تُساوي نفسها بالرجل يا بني لحمَّلت نفسها ما لا تطيق من الأعباء الكبيرة، إذ المقصود في حقوق المرأة هو العدالة بينها وبين الرجل وليس المساواة. دعني أُقرّب لك المثال أكثر، فلو كان أمامك سنجاب وزرافة في غابة وعمَّرت حائطًا بطول أربعة أمتار بحيث يفصل ما بين الزرافة والسنجاب وبين الجهة الأخرى من الغابة، ووضعت كرسيان طولهما نصف متر وأوقفت عليهما كلًا من السنجاب والزرافة وطلبت منهما أن يصفا ما يجري وراء الحائط هل سيستطيع السنجاب رؤية ما وراء الحائط بحجمه الصغير؟بالطبع لا، لن يستطيع فالزرافة وحدها مَن تستطيع ذلك.
وهذه هي المساواة التي يتحدّث عنها المُطالبين بحقوق المرأة بأن يجعلوها كالرجل تمامًا، وأمَّا العدالة فهي أن يؤتى للسنجاب بكرسي يمكنه من رؤية ما وراء الحائط حتى تتحقق العدالة، نعم لا يُمكن على الإطلاق المُساواة بين شيئين اختلفا في طبيعتهما، وحقوق المرأة قد حفظها الله في شريعته ودينه. وأهم حق للمرأة أن يترك لها الخيار في حياتها الشخصية فلا يتم إجبارها على ما لا ترضى به، ولا يتم إجبارها على الزواج من الشخص الذي لا تريد، حتى ولو كان الأهل يرون مصلحة ابنتهم مع فلان وغيرهم إلا أنَّه لا يصح لهم إجبارها على ذلك، وتتوقف مهمتهم على تقريب الأمور لها وتوضيح الصورة بين يديها، لكنَّ إجبار الفتاة على الزواج هو أمر غير وارد في الشريعة الإسلامية ولا في القوانين الوضعية. ومن أهم حقوق المرأة أن تكون متساوية مع الرجل في قانون الدراسة وغيره من المنح التي تقدم، فلا يكون الأمر مقتصرًا على الرجل، ففي بعض الدول وحتى هذه اللحظة يقدمون الرجل على المرأة في مثل تلك القضايا وهو عين الخطأ، والصواب أن يتم التفاضل في هذه الأمور بناء على كفاءة كل منهما سواء كانت العلمية أو الدرجات التي استطاع كل منهما تحصيلها عبر السنين الفائتة.