ومن الفوائد: أنه إذا تعدد الأولياء، يعني صار له أولياء تعددوا، صاموا عنه جميعاً حتى ينهوا ما عليه، فلو كان عليه عشرة أيام، وصام أولياؤه في يوم واحد عنه هذه الأيام العشرة قضوا ما عليه. ومن الفوائد: أنه إذا مات الميت قبل أن يتمكن من القضاء، فلا يصوم عنه وليه، كأن يموت وهو في أثناء السفر أو يكون مريضاً ولم يشفى، فيموت في مرضه، فهذا لا يصوم عنه وليه، لأنه لم يتمكن من القضاء، فيسقط عنه بعدم التمكن. ومن الفوائد: أن الصيام الذي يُقضى عن الميت هو الصيام الواجب، النذر وصيام رمضان، أما صيام التطوع فهذا لا يُقضى عن الميت. التفريغ النصي - شرح سنن النسائي - كتاب الأيمان والنذور - (باب النذر فيما لا يراد به وجه الله) إلى (باب من مات وعليه نذر) - للشيخ عبد المحسن العباد. أيضاً: أمر النبي صلى الله عليه وسلم: « من مات وعليه صيام، صام عنه وليه » هو أمر للاستحباب. ومن الفوائد أن الديون التي على الإنسان ينبغي أن يحرص على أدائها وعلى قضائها، فدين الله تعالى أحق بالقضاء، وأحق بالوفاء، وإذا مات الميت وعليه ديون سواء كانت في حق الله تبارك وتعالى كالصيام أو النذر أو الزكاة، أو ديون للآدميين كالحقوق المالية، فيجب أن تُقضى عنه، وأولى من يتولى ذلك هم أقرباؤه وورثته، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من مات وعليه صيام، صام عنه وليه »، ومن هو الولي؟ الولي هو قريبه ووارثه، الوارث الذي ينتفع بمخلفات الميت هو الذي يصوم عنه كما ذكر ذلك أهل العلم.
شرح حديث: من مات وعليه صيامٌ صامَ عنه وليُّه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن مات وعليه صيامٌ ، صامَ عنه وليُّه))؛ متفق عليه [1]. يتعلق بهذا الحديث فوائد: الفائدة الأولى: مَن أفطر في رمضان لعذرٍ شرعي؛ كالمرض أو السفر أو غيرهما، فإنه يجبُ عليه قضاء ما أفطره بعدد الأيام التي أفطر؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]. الفائدة الثانية: وقت القضاء موسَّع من نهاية رمضان إلى رمضان من السَّنة التي تليها؛ بحيث يكون بينه وبين رمضان الثاني بعددِ الأيام التي عليه، ولا يجوز تأخير القضاء بعد رمضان الآخر بدونِ عذرٍ. حكم من مات وعليه صيام قضاء أيام - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية. ومما يدل على سَعَة وقت القضاء قولُ عائشة رضي الله عنها: "كان يكون عليَّ الصومُ من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان"؛ متفق عليه [2]. والأفضل المبادرة بالقضاء؛ لأن هذا من تعجيل الخير، والإسراع لبراءة الذمة، وخشية من عروض العوارض أو النسيان، ولكي يصحَّ له صيام ستة أيام من شوال؛ لأنها لا تُصام إلا بعد القضاء، وله أن يصوم القضاء متتابعًا، وله أن يصومه مفرقًا.
[٦] وينقسم الصيام الواجب إلى قسمين؛ الأول ما أوجبه الله على عباده وهو صيام شهر رمضان، والثاني ما يوجبه العبد على نفسه مثل صيام النذر والكفارات، والحديث يشمل هذين النوعين لما ذمر فيه فقال: (صوم) بحيث جعلها نكرة. ثمّ قال بأن من مات وعليه قضاء صيام فيصوم عنه وليّه، والوليّ هو القريب، من الأبناء والبنات والزوجات، فلو قسّموا الأيام الواجب على الميت صيامها بين أبناءه وبناته وزوجاته، لأجزأ ذلك، [٦] وإن صام غير أقرباء الميت عنه كصاحبه مثلاً جاز ذلك، لكنه ذكر في الحديث وليّه كون الوليّ أكثر شفقةً على الميت وأقرب إليه. من مات وعليه صيام صام عنه وليه للشيخ عبد السلام الشويعر - YouTube. [٧] حكم قضاء الصيام عن الميّت تعددّت الأقوال فيما يتعلق بصحة صيام الوليّ عمّن مات وعليه قضاء صيام، وسواء أكان الصيام من شهر رمضان، أم من النذور والكفارات، فالبعض من أهل العلم فرّق بين النذر ورمضان، فقالوا يقضي عنه النذر ولا يقضي عنه رمضان، ومنهم من قال لا يقضي عنه أيّ منهما سواء أكان صيام نذر أم صيام رمضان، لكن العموم في نص الحديث يدل على أنّه يشمل الاثنين معاً. [٨] وبعد أن تمّ شمول الحديث لصيام النذر وصيام رمضان؛ ينظر في حال من مات قبل موته وفقاً لما يأتي: [٩] إن كان قادراً على أداء ما عليه من الصيام لكنه لم يصم، فيصوم عنه وليّه أو مجموعة من أولياؤه، لكن إن صام عنه مجموعة من أولياؤه يجب ألا يكون صيامهم معاً في ذات اليوم؛ بل يتتابعون في الأيام.
وقال: ( إنه نذر)، وهذا محل الشاهد في إيراد الحديث، والحديث ورد في البخاري ، لكن ليس فيه ذكر النذر، والشيخ الألباني قال: إنه صحيح دون ذكر النذر، لكن لو ثبت فإن ذلك لا يوفى به، وعليه أن يكفِّر كفارة يمين، على خلاف في ذلك بين أهل العلم. وقد سبق الحديث في الطواف في كتاب الحج، وفيه أن للطائف أن يتكلم وهو يطوف، ويأمر بمعروف وينهى عن منكر؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام غيَّر هذا المنكر وهو يطوف، وقال له: ( قده بيدك)، وأرشده إلى ما ينبغي أن يفعل، وهو أن يقوده بيده، ثم النهي عن قيادته بالحبل؛ لأنها مثل هيئة قيادة الحيوان، ولا يصلح أن يشبه الإنسان بالحيوان فيقاد كما تقاد البهيمة.
فالحاصل: أن نذر المشي إلى بيت الله هو نذر طاعة، وإن كان قادراً فعليه أن يفي، وإن كان غير قادر، فإنه يمشي إذا قدر، ويركب إذا عجز، وعليه الكفارة، أما إذا تمكن من المشي، واستطاع أن يمشي، فليس عليه كفارة؛ لأنه وفى بنذره، ومن المعلوم أن الناس يختلفون في المشي، فمنهم من يمشي، ومنهم من يستطيع المشي المسافات الطويلة الشاسعة على رجليه ولا يركب، ومنهم من يعجز، يلزم نفسه بالشيء ثم يعجز عنه، كالذي حصل لأخت عقبة بن عامر التي جاء ذكرها في هذا الحديث. تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن عامر: (نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله... فقال: لتمش ولتركب) إذا حلفت المرأة لتمشي حافيةً غير مختمرة شرح حديث عقبة بن عامر: (سأل النبي عن أختٍ له نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة... ) من طريق أخرى قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذا حلفت المرأة لتمشي حافية غير مختمرة. أخبرنا عمرو بن علي و محمد بن المثنى ، قالا: حدثنا يحيى بن سعيد عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زحر وقال عمرو: إن عبيد الله بن زحر أخبره عن عبيد الله بن مالك: أن عقبة بن عامر رضي الله عنه أخبره أنه: ( سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أختٍ له نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام)].