مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 22/11/2015 ميلادي - 10/2/1437 هجري الزيارات: 25560 تفسير قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33]. ﴿ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾؛ أي: بالرياء والشرك والمعاصي، وإبطالُ العمل: جَعْله باطلاً؛ أي: لا فائدة منه ولا ثواب، فالإبطال تتَّصف به الأشياء الموجودة، وكان الحسن البصريُّ يقول: ﴿ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ بالمعاصي، وما يُبطل العمل على الحقيقة هو أمور ثلاثة: الشرك، والرياء ، وأداء العمل على غير الوجه المشروع عليه. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون. قد سبق هذه الآية الكريمة قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 32]. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يخبر تعالى عمَّن كفر وصدَّ عن سبيل الله، وخالف الرسولَ وشاقَّه، وارتدَّ عن الإيمان من بعد ما تبين له الهدي - أنه لن يضرَّ الله شيئًا، وإنما يضرُّ نفسَه ويخسرها يوم معادِها، وسيُحبط اللهُ عملَه، فلا يُثيبه على سالفِ ما تقدَّم مِن عمله مثقالَ بعوضة من خير، بل يحبطه ويمحقه بالكلية، كما أن ﴿ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114].
رابعا: دلالة النظر الصحيح على حجية السنة: كون النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله ، يقتضي تصديقه في كل ما يخبر به ، وطاعته في كل ما يأمر به ، ومن المُسلَّم به أنه قد أخبر وحكم بأمور زائدة على ما في القرآن الكريم ، فالتفريق بينها وبين القرآن ، في وجوب الالتزام بـها ، والاستجابة لها ، تفريق بما لا دليل عليه ، بل هو تفريق باطل ، فلزم أن يكون خبره صلى الله عليه وسلم واجب التصديق ، وكذا أمره واجب الـطـاعة. حكم من أنكر حجية السنة أنه كافر لإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة. تفسير: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ...). أما السؤال الثاني وهو هل المسلم ملزم باتّباع مذهب معيّن فالجواب: لا يلزم ذلك ، وكل عامي من المسلمين مذهبه مذهب مفتيه ، وعليه أن يسأل من يثق به من أهل العلم والفتوى وإذا كان الشّخص طالب علم يميّز بين الأدلة والأقوال فعليه أن يتبّع القول الراجح من أقوال أهل العلم بدليله الصحيح من الكتاب والسنّة. هذا ويجوز للمسلم أن يتبع مذهبا معينا من المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة بشرط أنّه إذا عرف أنّ الحقّ في المسألة المعيّنة خلاف المذهب وجب عليه أن يخالف المذهب ويتّبع الحقّ ولو كان في مذهب آخر لأنّ المقصود هو اتّباع الحقّ الذي يُعرف بالكتاب والسنة ، والمذاهب الفقهية ما هي إلا طرق لمعرفة الأحكام الشرعية دالّة على أحكام الكتاب والسنّة وليست هي الكتاب والسنّة.
وأركان القياس أربعة، وهي: 1- المقيس: وهو الواقعة التي لم يُنَصَّ عليها. 2- والمقيس عليه: وهو الواقعة التي نُصَّ عليها. 3- العلة: وهي سبب تشريع الحكم، وقيل في تعريفها: "هي الوصف الظاهر المنضبِط المشتمل على حكمة تشريع الحُكْم". 4- والحكم.
فَقُلْنَــا: لا فِــرَارَ ولا صُــدُودَا و " النعف " ، ما انحدر من حزونة الجبل. و " شطب " جبل في ديار بني أسد. (5) في المخطوطة: " من الناس " ، والصواب ما في المطبوعة. (6) انظر تفسير " مع " فيما سلف ص: 455 ، تعليق: 4 ، المراجع هناك. (7) في المطبوعة: " أصحاب رسول الله " ، وأثبت ما في المخطوطة. (8) في المطبوعة: " حربكم وجدكم " ، وهي في المخطوطة توشك أن تقرأ كما قرأها ، ولكن الكتابة تدل على أنه أراد " حدكم " ، و " الحد " بأس الرجل ونفاذه في نجدته. يقال: " فلان ذو حد " ، أي بأس ونجدة. قول الله تعالى ( واطيعوا الله واطيعوا الرسول ) تدل على - منبع الفكر. ولو قرئت: " وحدتكم " ، كان صوابًا ، " الحد " ، و " الحدة " ( بكسر الحاء) ، واحد. وانظر التعليق التالي. (9) في المطبوعة: " جدكم " ، بالجيم ، والصواب ما في سيرة ابن هشام ، وفيها " حدتكم " ، وفي مخطوطاتها " حدكم " ، وهما بمعنى ، كما أسلفت في التعليق قبله. (10) الأثر: 16169 - سيرة ابن هشام 2: 329 ، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16162.
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) القول في تأويل قوله: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: أطيعوا، أيها المؤمنون، ربَّكم ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه, ولا تخالفوهما في شيء = " ولا تنازعوا فتفشلوا " ، يقول: ولا تختلفوا فتفرقوا وتختلف قلوبكم (1) = " فتفشلوا ", يقول: فتضعفوا وتجبنوا, (2) = " وتذهب ريحكم ". * * * وهذا مثلٌ. واطيعوا الله واطيعوا الرسول واحذروا. يقال للرجل إذا كان مقبلا ما يحبه ويُسَرّ به (3) " الريح مقبلةٌ عليه ", يعني بذلك: ما يحبه, ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص: كَمَـا حَمَيْنَـاكَ يَـوْمَ النَّعْفِ مِنْ شَطَبٍ وَالفَضْـلُ لِلقَـوْمِ مِـنْ رِيحٍ وَمِنْ عَدَدِ (4) يعني: من البأس والكثرة. (5) * * * وإنما يراد به في هذا الموضع: وتذهب قوتكم وبأسكم، فتضعفوا ويدخلكم الوهن والخلل. * * * = " واصبروا " ، يقول: اصبروا مع نبيّ الله صلى الله عليه وسلم عند لقاء عدوكم, ولا تنهزموا عنه وتتركوه = " إن الله مع الصابرين " ، يقول: اصبروا فإني معكم.
ثم قال جل وعلا لعباده المؤمنين: ﴿ فَلَا تَهِنُوا ﴾؛ أي: لا تضعفوا عن الأعداء، ﴿ وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ﴾؛ أي: المُهادنة والمسالمة، ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم؛ ولهذا قال ﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ﴾؛ أي: في حال علوِّكم على عدوكم، فأما إذا كان الكفارُ فيهم قوة وكثرةٌ بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمامُ في المهادنة والمعاهدة مصلحةً، فله أن يفعلَ ذلك، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدَّه كفارُ قريش عن مكة ودعَوه إلى الصلح، ووضع الحربَ بينهم وبينه عشر سنين، فأجابهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك. وقوله جلَّت عظمته: ﴿ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ﴾ فيه بشارة عظيمة بالنصر والظفَر على الأعداء، ﴿ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 35]؛ أي: لن يحبطَها ويبطلَها ويسلبكم إيَّاها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئًا، والله أعلم [1]. [1] مختصر تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى - الصابوني ج 3 ص 338. أطيعوا الله وأطيعوا الرسول - السيد الصاوي. مرحباً بالضيف
2ـ عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: {إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان} رواه الشيخان. 3ـ عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: {اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة} رواه البخاري. 4ـ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدوع الأطراف. رواه مسلم. 5ـ عن أم الحصين - رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب في حجة الوداع يقول: {ولو استعمل عليكم عبد حبشي يقودكم بكتاب الله اسمعوا له وأطيعوا} رواه مسلم. 6ـ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {سيليكم ولاة بعدي فيليكم البر ببره والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعا في كل ما وافق الحق، وصلوا وراءهم، فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم} رواه ابن جرير 7ـ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: {كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون، قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: أوفوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم} رواه الشيخان.