ولذلك قال الإمام أحمد في رواية ثالثة عنه قال: يخير بينهما ولا تفريط، وكذلك قال ابن المنذر: لم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، وهو مخير في ذلك. إذاً: نستطيع أن نقول: إن الأقوال في وضع اليدين في الصلاة أربعة: الأول: أنه يضعهما على الصدر. الثاني: أنه يضعهما فوق السرة وتحت الصدر. الثالث: أنه يضعهما تحت السرة. الرابع: أنه مخير في ذلك، وهذه رواية عن الإمام أحمد اختارها ابن المنذر. وضع اليدين في الصلاة عند المذاهب الأربعة. الرواية الأخيرة التي ذكرها المصنف أيضاً ونسبها لـ أحمد و أبي داود و الترمذي و ابن حبان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم، قال: فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها).
وله شواهد أخرى، لكنها في الواقع ليست صريحة في هذا الباب. يعني: حديث وائل ومرسل طاوس بمجموعهما، يعني: يكون أصح ما ورد في المسألة عن النبي صلى الله عليه وسلم في وضع اليدين على الصدر. في الحديث مسألتان: وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة مكان وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة المسألة الثانية من المسائل الفقهية هي مسألة: أين يضع يديه؟ عرفنا أن مذهب جماهير أهل العلم، هو أن يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، لكن بقي أين يضعهما؟ هل يضع يديه على صدره، أو يضعهما فوق السرة، أو يضعهما تحت السرة؟ ثلاثة أقوال. القول الأول: أنه يضع يديه على صدره، يضع اليمنى على اليسرى على صدره في الصلاة، كما هو مقتضى حديث وائل بن حجر ومرسل طاوس.. وغيرهما من الأدلة. وهو مذهب إسحاق بن راهويه من فقهاء المحدثين، كما ذكر المروزي في مسائله، قال: كان إسحاق بن راهويه رحمه الله يوتر بنا ويضع يديه على ثدييه أو تحت ثدييه. أين توضع اليدان أثناء القيام في الصلاة؟. فهذا يدل على مذهب إسحاق بن راهويه. وحجته: حديث وائل بن حجر وحديث طاوس ، وهما أصح ما ورد في الباب. القول الثاني في المسألة: هو أن يضع يديه تحت صدره وفوق سرته، يضعهما في أعلى بطنه، تكون اليدان تحت الصدر وفوق السرة، يعني: بين السرة والصدر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فتحريك الأصبع في الصلاة, ووضع اليد اليمنى على اليسرى وتعيين محل وضعهما من المسائل الخلافية المشهورة بين أهل العلم، وقد قرروا أنه لا إنكار في مسائل الخلاف بضوابط معينة، قال السيوطي رحمه الله في الأشباه والنظائر: القاعدة الخامسة والثلاثون: لا ينكر المختلف فيه -وإنما ينكر المجمع عليه- ويستثنى صور، ينكر فيها المختلف فيه: إحداها: أن يكون ذلك المذهب بعيد المأخذ، بحيث ينقص. ومن ثم وجب الحد على المرتهن بوطئه المرهونة، ولم ينظر لخلاف عطاء. الثانية: أن يترافع فيه الحاكم، فيحكم بعقيدته، ولهذا يحد الحنفي بشرب النبيذ، إذ لا يجوز للحاكم أن يحكم بخلاف معتقده. الثالثة: أن يكون للمنكر فيه حق، كالزوج يمنع زوجته من شرب النبيذ، إذا كانت تعتقد إباحته، وكذلك الذمية على الصحيح. وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة. انتهى. والمسائل التي نحن بصدد الحديث عنها من المسائل التي قوي فيها الخلاف فلا ينكر على المخالف فيها، وعليه.. فليس للإمام المذكور أن ينكر هذا الأمر فضلاً عن أن يحكم ببطلان صلاة من يحرك أصبعه في الصلاة أو يحرض عليه العامة ويوغر صدورهم عليه، كما لا ينبغي للشباب أن يوهموا الناس أن ما هم عليه هو السنة المحضة، وأن ما عليه الإمام ومن وافقه مخالفون لها, بل ينبغي أن يسود بين الجميع الحب والمودة، وأن الخلاف في مثل هذه المسائل لا يفسد الود ولا يفرق الكلمة.
اهـ. وقال ابن المنذر في " الأوسط ": "واختلفوا في المكان الذي توضع عليه اليد من السرة؛ فقالت طائفة: تكونان فوق السرَّة، وروي عن علي أنه وضعهما على صدره، وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: فوق السرَّة، وقال أحمد بن حنبل: فوق السرَّة قليلاً، وإن كانت تحت السرَّة فلا بأس. وقال آخرون وضع الأيدي على الأيدي تحت السرَّة، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وإبراهيم النخعي، وأبي مجلز... ، وبه قال سفيان الثوري وإسحاق، وقال إسحاق: تحت السرَّة أقوى في الحديث، وأقرب إلى التواضع. وقال قائل: ليس في المكان الذي يضع عليه اليد خبر يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن شاء وضعهما تحت السرَّة، وإن شاء فوقها. وضع اليدين في الصلاة. وقد روي عن مهاجر النبَّال أنه قال: وضع اليمنى على الشمال ذلٌّ بين يدي عزٍّ". وهذا الكلام الذي نقله ابن المنذر عن قائله الذي لم يسمِّه كلام دقيق يظهر أنه صدر بعد تتبع؛ لأننا لم نجد حديثاً ثابتاً في المكان الذي توضع فيه اليدان، وجميع ما ورد فيه معلول. ومن ذلك: ما روى ابنُ خزيمة في " صحيحه " عن وائل بن حجْر -رضِي الله عنْه- قال: "صليت مع رسول الله -صلَّى الله عليْه وسلَّم- ووضَع يده اليُمنى على يدِه اليُسرى على صدره".
بتصرّف. ↑ سَعيد بن محمد بَاعَليّ بَاعِشن الدَّوْعَنِيُّ (2004)، شَرح المُقَدّمَة الحضرمية المُسمّى بُشرى الكريم بشَرح مَسَائل التَّعليم (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج للنشر والتوزيع، صفحة 235-236، جزء 1. بتصرّف.