وقوله: (وحملها الانسان) أي اشتمل على صلاحيتها والتهيؤ للتلبس بها على ضعفه وصغر حجمه (انه كان ظلوما جهولا) أي ظالما لنفسه جاهلا بما تعقبه هذه الأمانة لو خانها من وخيم العاقبة والهلاك الدائم. وبمعنى أدق لكون الانسان خاليا بحسب نفسه عن العدل والعلم قابلا للتلبس بما (٣٥٠) الذهاب إلى صفحة: «« «... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355... » »»
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ ظَلُوماً جَهُولًا فِي فِطْرَتِهِ ، أَيْ فِي طَبْعِ الظُّلْمِ، وَالْجَهْلِ ؛ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لَهُمَا ، مَا لَمْ يَعْصِمْهُ وَازِعُ الدِّينِ، فَكَانَ مِنْ ظُلْمِهِ وَجَهْلِهِ أَنْ أَضَاعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الْأَمَانَةَ الَّتِي حَمَلَهَا " انتهى من "التحرير والتنوير" (22/ 129). فليس المعنى أنه ظلوم جهول لأنه اختار تحمل الأمانة، بل لأنه لم يف بها. وبكل حال: فهذا تحمل تشريف وتوفيق وكرامة ، وليس هو من عدم التوفيق والخذلان ، ولكن من تحمل الأمانة فأداها فقد وفق حقا ورزق خيري الدنيا والآخرة ، ومن تحملها فلم يؤدها: فهذا هو المخذول غير الموفق. فعدم التوفيق في عدم أداء الأمانة ، لا في تحملها. والتوفيق كل التوفيق في تحملها وأدائها. تفسير قوله تعالى عن الأمانة : ( وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) .. قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ 97. قال ابن كثير رحمه الله: " هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه من ذكر أو أنثى من بني آدم ، وقلبه مؤمن بالله ورسوله ، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله - بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة ، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت" انتهى من "تفسير ابن كثير" (4 /601).
نعم. فتاوى ذات صلة
وآخذ القرض قد يستفيد أيضًا فيما اقترض لأجله، في شراء سيارة يستعملها، في تزوج، في عمارة، في قضاء دين عليه قد أشغله صاحبه، إلى غير ذلك، قد يستفيد هذا وهذا، فكل منهما مستفيد، وإن كان بعض أهل الدين قد يكون مضطرًا، قد يكون محتاجًا إلى الدين، وإلى الزيادة التي يسمونها الفائدة، لكن هو مستفيد، وذاك مستفيد، كلاهما مستفيد. فالذي أعطى المال ويعطى الفائدة هو مستفيد، والبنوك مستفيدة فائدة أكثر؛ لأنها تتصرف تصرفات كثيرة بأموال عظيمة، ويحصل لها فوائد كثيرة، فهي أيضًا مستفيدة. الحكمة من تحريم الربا - موسوعة. والربا محرم، سواء استفاد هذا أو هذا أو كلاهما، علينا أن نلتزم ما قاله الله ورسوله، وأن نحذر ما حرم الله ورسوله، وأما مراعاة الحكمة وتحققها وعدمها فهذا شيء آخر، إذا تحققت فنور على نور، وإذا تحققت الحكمة أو لم تعرف الحكمة لم يضرك ذلك، والحكمة في هذا واضحة؛ لأنهم يتساهلون في هذه الأمور ما دام يرجو هذه الفائدة، فهو يعطي الأموال الكثيرة، يرجو هذه الفائدة، وقد ينزل الله بها بأسه، فتتلف عليه أمواله، وتنزل العقوبة بصاحب المال، فيفلس وتذهب الأموال الكثيرة هدرًا من غير فائدة لهذا الذي وضع المال؛ فيخسر هذا وهذا، نسأل الله العافية. ثم لو قدرنا أنه ربح ربحًا كثيرًا، وأنه أراد الربح؛ فليس هذا علة في الربا، بل هذا مما يحرم الربا، إذا كان المضطر يمنع من الربا وهو مضطر ومحتاج، فكيف بالذي هو متساهل يريد الزيادة، ويريد الفضل، ويريد التمتع بالزيادات وليس مضطرًا إليها؟!
تحريم الربا في الكتاب والسنة قال تعالى نصوصُا صريحة وواضحة عن تحريم الربا ومنها قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً" ( آل عمران / 130)، وقال عز وجل " وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" ( البقرة / 275)، وكذلك قال جل وعلى " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس" ( البقرة / 275). كما ورد بالكتاب نصوص واضحة عن تحريم الربا فلم تخلو السنة من أحاديث تتحدث في نفس الإطار فقال صل الله عليه وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا، يا رسول الله ، وما هن ؟ قال، الشرك بالله، و السحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"، كما روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه". و عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال، قال النبي صلّ الله عليه وسلّم "رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فَرُدَّ حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت، ما هذا؟ فقال، الذي رأيته في النهر آكل الربا".
اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا تعريف ربا النسيئة هو نوع من أنواع البيوع الربوية ويُقصد به بيع الأموال الربوية من جنسها أو غيرها متماثلة أو متفاضلة بشرط تأجيل ثمن المبيع أو تأجيل السلعة؛ كمن باع صاع تمر بصاع أو بصاعين مع الاتفاق على أن يكون الثمن إلى أجَل يزيد بزيادة الأجل، وعلّة ربا النسيئة هو التأجيل عن مجلس العقد. [١] الأدلة على تحريم ربا النسيئة لا خلاف بين أهل العلم في تحريم ربا النّسيئة وعدّه من كبائر الذنوب، وقد استدل أهل العلم على تحريمه باستقراء النّصوص الشرعية من الكتاب والسنّة، وفيما يلي بعض تلك الأدلة من النّصوص الشّرعية: [٢] من القرآن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ* وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. [٣] وقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ فإنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}.
وثالثها: قيل: السبب في تحريم عقد الربا، أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض... ورابعها: هو أن الغالب أن المقرض يكون غنياً، والمستقرض يكون فقيراً، فالقول بتجويز عقد الربا تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالاً زائداً، وذلك غير جائز برحمة الرحيم. وخامسها: أن حرمة الربا قد ثبتت بالنص، ولا يجب أن يكون حكم جميع التكاليف معلومة للخلق، فوجب القطع بحرمة عقد الربا، وإن كنا لا نعلم الوجه فيه). التفسير الكبير للإمام الرازي (3/74) عند تفسير الآية رقم (275) من سورة البقرة. وانظر التحرير والتنوير لابن عاشور (3/85). وأما قولك: بأن بعض الذين يتعاطون الربا، وخاصة الصور البنكية منه، ويتعللون بأن أخذ القروض الربوية لا يضر أي طرف فيجاب عنه بأن هذا تعليل باطل، والضرر حاصل، والمفاسد ظاهرة من محق البركة، ومحاربة المرابي لله ورسوله، وتكدس الأموال في يد حفنة قليلة من الناس دون غيرهم، وأخذ أموال الناس بالباطل، إضافة إلى غضب الله وسخطه على المرابين، ويكفي أن نذكر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه" رواه الحاكم وصححه. وبقوله صلى الله عليه وسلم: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية" رواه أحمد.
وفي ذلك يقول الشيخ الدكتور القرضاوي: الإسلام حين شدد في أمر الربا وأكد حرمته، إنما راعى مصلحة البشرية في أخلاقها واجتماعها واقتصادها. وقد ذكر علماء الإسلام في حكمة تحريم الربا وجوها معقولة، كشفت الدراسات الحديثة وجاهتها وأكدتها وزادت عليها. ونكتفي بما ذكره الإمام الرازي في تفسيره: أولا: أن الربا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض. لأن من يبيع الدرهم بدرهمين يحصل له زيادة درهم من غير عوض ومال الإنسان متعلق بحاجته، وله حرمة عظيمة، كما في الحديث: "حرمة مال الإنسان كحرمة دمه" فوجب أن يكون أخذ ماله من غير عوض محرما. ثانيا: أن الاعتماد على الربا يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد، نقدا كان أو نسيئة، خف عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق. ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعات والعمارات. (ولا شك أن هذه الحكمة مقبولة من الوجهة الاقتصادية) ثالثا: أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض؛ لأن الربا إذا حرم طابت النفوس بقرض الدرهم واسترجاع مثله، ولو حل الربا لكانت حاجة المحتاج تحمله على أخذ الدرهم بدرهمين، فيفضي ذلك إلى انقطاع المواساة والمعروف والإحسان.