أو يكون عاصيًا غير كافر على القول المرجوح؛ فإن كان كذلك فإن التوبة أيضًا تجب ما قبلها، لا سيما وإيجاب قضاء الصلاة الفائتة لمدة أعوام فيه تعسير للتوبة على الناس. والراجح عندنا -والعلم عند الله- عدم وجوب قضاء الصلوات الفائتة: قال أبو محمد بن حزم في (المحلى): "من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبداً، فليكثر من فعل الخير وصلاة التطوع؛ ليُثَقِّل ميزانه يوم القيامة ؛ وليَتُبْ وليستغفر الله عز وجل. وبرهان صحة قولنا قول الله تعالى: { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4،5] وقوله تعالى: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [ مريم:59]، فلو كان العامد لترك الصلاة مُدرِكاً لها بعد خروج وقتها لما كان له الويل، ولا لَقِيَ الغي؛ كما لا ويل، ولا غي؛ لمن أَخَّرَها إلى آخر وقتها الذي يكون مدركاً لها. حكم من ترك ركن من اركان الصلاة عمدا - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية. وأيضاً فإن الله تعالى جعل لكل صلاة فرضٍ وقتاً محدودَ الطرفين، يدخل في حين محدود؛ ويَبطُلُ في وقت محدود، فلا فرق بين من صلاها قبل وقتها، وبين من صلاها بعد وقتها؛ لأن كليهما صلَّى في غير الوقت ، وأيضاً فإن القضاء إيجاب شرع، والشرع لا يجوز لغير الله تعالى على لسان رسوله..... ونقول لمن خالفنا: قد وافقتمونا على أن الحج لا يجزئ في غير وقته، وأن الصوم لا يجزئ في غير النهار؛ فمن أين أجزتم ذلك في الصلاة، وكل ذلك ذو وقت محدود أوله وآخره، وهذا ما لا انفكاك منه؟!
فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر من فاتته الصلاة بعذر كالنوم والنسيان بقضائها حين يستيقظ أو يذكر، هذا وهو صاحب عذر وغير آثم، فمن باب أولى أن تاركها عامداً يلزمه القضاء. وأيضاً استدلوا على وجوب قضاء الصلاة على من تركها عمداً بأن الله تعالى قال: " أٌقيموا الصلاة " فلم يفرق بين أن يكون في وقتها أو بعدها، والأمر هنا يقتضي الوجوب، فقضاء الصلاة واجب. وأيضاً أن هذه الصلاة المتروكة دَيْنٌ في ذمة تاركها فلا يبرأ إلا بقضائها أما صفة القضاء وكيفيته: فهو أن يبادر المسلم فوراً لأداء ما فاته من الصلوات، بحسب استطاعته، في أي وقتٍ من يومه، وإن كان عليه قضاء أكثر من صلاة فعليه مراعاة الترتيب، بحيث يصلي الفجر ثم الظهر ثم العصر.. كتاب الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة عمدا - ويكي مصدر. وهكذا وإذا لم يضبط عدد الصلوات الفائتة التي عليه قضاؤها فيظل يقضي صلوات كثيرة حتى يغلب على ظنه أنه قضاها جميعاً، ويعتقد براءة ذمته. أكرمنا الله جميعاً بإقامة الصلوات على وقتها، والمبادرة إلى قضائها والتوبة لله تعالى إن فاتتنا.
السؤال: ما حكم من فاتته صلوات كثيرة ولم يعرف عددها؟ الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإنه لا خلاف بين العلماء في وجوب قضاء الصلاة الفائتة بعذرٍ شرعي من نسيان أو نوم، ونحو ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " مَن نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها " (متفق عليه). ما حكم ترك الأذان والإقامة عمداً من الجماعة - موقع محتويات. وقوله صلى الله عليه وسلم: " من نسي صلاة فَلْيُصَلِّ إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك، { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} " (رواه البخاري) وغيره. واختلفوا في وجوب القضاء على العامد؛ فَذَهَبَ الجمهور إلى وجوب القضاء، واستدلَّوا بالحديث السابق قالوا: "لأنه يدل على وجب القضاء على الناسي، مع سقوط الإثم ورفع الحرج عنه؛ فالعامد أولى". وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ، وأبو محمد بن حزم، وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الصلاة المتروكة عمداً لا يجب قضاؤها، ولا تُقْبَل ولا تصح؛ لأنها صُلِِّيَت في غير وقتها، وكان تأخيرها عنه لغير عذرٍ شرعي؛ فلم تُقْبَل، واحتجوا بأن الأمر بالأداء ليس أمراً بالقضاء، بمعنى أن قضاء الفوائت يحتاج لأمرٍ جديدٍ، وبأن تارك الصلاة لا يخلو من حالتين، إما أن يكون كافراً فإذا عاد إلى الإسلام، فإن الإسلام يَجُبُّ ما قبله، كما ثبت في الأحاديث الصيحة؛ فيكون غير مُطَالَبٍ بقضاء صلاة أو صوم؛ لأنه بمثابة داخل جديد في الإسلام.
فثبت يقيناً أنه لا يمكن القضاء فيها أبداً. وممن قال بقولنا في هذا عمر بن الخطاب وابنه عبد الله، وسعد بن أبي وقاص وسلمان وابن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وبديل العقيلي، ومحمد بن سيرين ومُطَرِّفِ بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم". اهـ باختصار وتَصَرُّف يسير. وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية؛ حيث قالت: من ترك الصيام والصلاة عمداً وهو مُكَلَّف فلا يقضي ما فاته، ولكن عليه التوبة والرجوع إلى الله جل وعلا، والإكثار من التقرب إليه بالأعمال الصالحة والدعاء والصدقات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " التوبة تَجُبُّ ما كان قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله "،، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ موقع الألوكة 113 19 588, 072
فصل في حكم تارك الصلاة وقال ابن شهاب الزهري وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وابو حنيفة وداود بن علي والمزاني يحبس حتى يموت أو يتوب ولا يقتل واحتج لهذا المذهب بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» رواه البخاري. وعن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة». أخرجاه في الصحيحين. قالوا ولأنها من الشرائع العملية فلا يقتل بتركها كالصيام والزكاة والحج قال الموجبون لقتله قال الله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ فأمر بقتلهم حتى يتوبوا من شركهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ومن قال لا يقتل تارك الصلاة يقول متى تاب من شركه سقط عنه القتل وإن لم يقم الصلاة ولا آتى الزكاة وهذا خلاف ظاهر القرآن.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ثم قد حرمت علي دماؤهم وأموالهم وحسابهم على الله». رواه الإمام أحمد المسند وابن خزيمة في صحيحه رقم فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه امر بقتالهم إلى أن يقيموا الصلاة وأن دماءهم وأموالهم إنما تحرم بعد الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فدماؤهم وأموالهم قبل بل هي مباحة. وعن أنس بن مالك قال لما توفي رسول الله ارتد العرب فقال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل العرب فقال أبو بكر إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة». رواه النسائي وهو حديث صحيح. وتقييد هذه الأحاديث يبين مقتضى الحديث المطلق الذي احتجوا به على ترك القتل مع أنه حجة عليهم فإنه لم يثبت العصمة للدم والمال إلا بحق الإسلام والصلاة آكد حقوقه على الاطلاق. وأما حديث ابن مسعود وهو لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث البخاري رقم مسلم رقم فهو حجة لنا في المسألة فإنه جعل منهم «التارك لدينه» والصلاة ركن الدين الأعظم ولا سيما إن قلنا بأنه كافر فقد ترك الدين بالكلية وإن لم يكفر فقد ترك عمود الدين.
وروى الإمام أحمد والشافعي في مسنديهما مسند الإمام أحمد ومسند الإمام الشافعي رقم من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلا من الأنصار حدثه أنه اتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أليس يشهد أن لا إله إلا الله» فقال الأنصاري: بلى يا رسول الله ولا شهادة له قال: «أليس يشهد أن محمدا رسول الله» قال: بلى ولا شهادة له قال: «أليس يصلي الصلاة» قال: بلى ولا صلاة له قال: «أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم» فدل على أنه لم ينهه عن قتل من لم يصل. في صحيح مسلم عن ام سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن انكر فقد بريء ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع» فقالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم فقال: «لا ما صلوا». وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله». فوجه الاستدلال به من وجهين أحدهما أنه أمر بقتالهم إلى أن يقيموا الصلاة الثاني قوله: «إلا بحقها» والصلاة من أعظم حقها.