كم حسنة في رد السلام؟
باب كيفية السلام يُسْتَحَبُّ أنْ يَقُولَ المُبْتَدِئُ بالسلام: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فيأتي بِضَميرِ الجَمْعِ وَإنْ كَانَ المُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا, ويقول المُجِيبُ: "وَعَلَيْكُم السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ"، فَيَأتِي بِوَاوِ العَطْفِ في قَوْله: "وَعَلَيْكُمْ". 1/851- عن عِمران بن الحصين رضي الله عنهما قَالَ: جاءَ رجُلٌ إِلَى النَّبيِّ ﷺ فَقَالَ: "السَّلامُ عَلَيكُم"، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النبيُّ ﷺ: عَشْرٌ ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: "السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحْمَةُ اللهِ"، فَرَدَّ عليهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: عِشْرون ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: "السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُه"، فَرَدَّ عليهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: ثَلاثُونَ. "سلام عليكم أم السلام عليكم" أيهما أصح؟..تعرف على رأى لجنة الفتوى بالأزهر - اليوم السابع. رواه أَبُو داود والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ. 2/852- وعن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: قَالَ لي رسولُ الله ﷺ: هَذَا جِبرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامَ ، قالَتْ: قُلتُ: "وَعَلَيْه السَّلامُ ورَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ" متفقٌ عَلَيْهِ. وهكذا وقع في بعض رواياتِ "الصَّحيحين": "وَبَرَكَاتُهُ"، وفي بعضها بحذفِها، وزِيادةُ الثقة مقبولة.
اهـ وبهذا يتبين كيفية السلام والأجر المترتب عليه، وهو حاصل للمبتدئ والراد عليه، وإن كان الأدب أن يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير، كما ورد في حديث متفق عليه، ففي رواية عن البخاري: يسلم الصغير على الكبير. 283 من: (باب كيفية السلام). ولو حصل العكس أجزأ وحصل الأجر ولم يتضح لنا المراد من الحالتين اللتين ذكرتهما، ولعل في ما ذكرناه كفاية. وأما جواب السؤال الثاني فإنه يسن لمن فارق أخاه ثم لقيه أن يسلم عليه، ولو تكرر ذلك أكثر من مرة في الساعة الواحدة، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً. وأما إلقاء السلام عند دخول المسجد على القاعدين فيه فلا حرج فيه، كما بيناه في الفتوى رقم: 16214 ، ويندب للمصلي أن يرد السلام لكن بالإشارة دون اللفظ، كما في الحديث المذكور في الفتوى المحال عليها، فإن رد باللفظ بطلت صلاته، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: إذا سلم إنسان على المصلي لم يستحق جواباً لا في الحال ولا بعد الفرغ منها، لكن يستحب أن يرد عليه في الحال بالإشارة وإلا فيرد عليه بعد الفراغ لفظاً، فإن رد عليه في الصلاة لفظاً بطلت صلاته.
3/853- وعن أنسٍ : أن النَّبيَّ ﷺ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلمةٍ أعَادهَا ثَلاثًا حتَّى تُفْهَم عَنْهُ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيهم سَلَّم عَلَيهم ثَلاثًا. رواه البخاري. الدرر السنية. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه. أما بعد: ففي هذه الأحاديث بيان شرعية السلام على الداخل والردّ عليه، وأنه يكون بصيغة الجمع: "السلام عليكم"، هذا هو الأفضل، وإن قال: "السلام عليك يا فلان" فلا بأس، لكن بالجمع أفضل، كما جاء في بعض الروايات: "السلام عليك يا رسول الله"، لكن إذا سلَّم بالجمع فهو أفضل، وإذا كرره مرتين أو ثلاثًا يكون أفضل، ولهذا قال الله جل وعلا: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أحسن منها أن تردّ أكثر أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86] أن ترد ما قيل لك فقط. وفي الحديث الأول: أن رجلًا دخل وسلَّم وقال: "السلام عليكم"، فردَّ عليه النبيُّ وقال: عشرٌ ، ثم دخل آخر فقال: "السلام عليكم ورحمة الله"، فردَّ عليه ﷺ وقال: عشرون ، ثم دخل ثالثٌ فقال: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فقال: ثلاثون ، هذا يدل على أنَّ "السلام عليكم" بعشر حسنات، و"السلام عليكم ورحمة الله" بعشرين حسنة، و"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" بثلاثين حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فهذا ينبغي للمؤمن كذلك.
الحديث الثاني وفي الحديث الثاني فضل عائشة، وأن جبرائيل طلب من النبي أن يُبلِّغها السلام، فقال: هذا جبريلُ يقرأ عليكِ السلام ، فقالت: "وعليه السلامُ ورحمة الله وبركاته"، وفي اللفظ الآخر: "ترى يا رسول الله ما لا نرى"، وفي حديثٍ آخر: أن خديجة قرأ عليها ربُّها السلام، فقال: إنَّ الله يقرأ عليكِ السلام يا خديجة ، قالت: "منه السلام، وإليه السلام" جلَّ وعلا، فهذا فيه فضل عائشة وفضل خديجة رضي الله عنهما. الحديث الثالث كذلك كان النبي إذا تكلَّم بكلمةٍ أعادها ثلاثًا حتى تُفْهَم عنه، وإذا سلَّم سلَّم ثلاثًا حتى يفهموا، فإذا كانوا جماعة كثيرين كرَّر السلام حتى يُبلغهم، وحتى يعمهم ويفهموا، فإذا سلَّم الإنسانُ على قومٍ وخشي ألا يكونوا بلغهم كرره ثلاثًا، أمَّا إذا بلغهم المرة الأولى وردُّوا فكفى؛ والحمد لله. وفَّق الله الجميع. الأسئلة: س: إذا لم يسمعوا السلامَ الأول فهل عليه أن يردّ السلام ثلاث مرات فقط؟ ج: يرد إذا سمع. س: إذا لم يكن في البيت أحدٌ فهل ترد الملائكةُ السلام؟ ج: ما بلغني شيء في هذا، إذا دخل البيت وفيه أحدٌ سلَّم، وإذا لم يكن فيه أحدٌ فلا يحتاج إلى سلامٍ. س: زيادة الثقة مقبولة مطلقًا؟ ج: إذا لم تُخالف مَن هو أوثق، يقول الحافظُ في "النُّخبة": "وزيادة راويهما –يعني: الصحيح والحسن- مقبولة ما لم تُخالف مَن هو أوثق".
ويجوز أن يقول المبتدئ بالسلام: سلام عليكم، أو سلام عليك، وقد بين الله تعالى أن تحية الملائكة لأهل الجنة: سلام عليكم، فقال: (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) الرعد/23، 24. وجاء السلام بهذه الصيغة، في قوله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) النحل/32. وروى ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا مَرَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال: سلامٌ عليكم. فقال: (عشر حسنات) ثم مَرَّ آخر فقال: سلامٌ عليكم ورحمة الله. فقال: (عشرون حسنة) ثم مَرَّ آخر فقال: سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال (ثلاثون حسنة) فقام رجل من المجلس ولم يسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أوشك ما نسي صاحبكم، إذا جاء أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، وإن قام فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة).
- أنَّ رجلًا مرَّ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وهوَ في مَجلِسٍ فقال السَّلامُ عليكُم فقالَ عشرُ حَسناتٍ فمرَّ رجلٌ آخرُ فقالَ: السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ فقالَ: عِشرونَ حسنةً. فمرَّ رجلٌ آخرُ فقال: السَّلامُ عليكُم و رحمةُ اللهِ و بركاتُه ، فقالَ: ثلاثونَ حَسَنةً فقامَ رجلٌ من المجلِسِ و لَم يُسَلِّمْ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى عليهِ و سلم ما أوشَكَ ما نَسيَ صاحبُكم! إذا جاء أحدُكُم المجلِسَ فليُسَلِّمْ ؛ فإن بَدا لهُ أن يجلسَ فليجلِسْ ، و إذا قامَ- و في روايةٍ: فإن جلَسَ ثمَّ بدا لهُ أن يقومَ قبلَ أن يتفرَّقَ المجلِسُ- فليُسَلِّمْ ، ما الأُولَى بأحقَّ مِنَ الآخرةِ الراوي: أبو هريرة | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم: 757 | خلاصة حكم المحدث: صحيح كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحُثُّ أصحابَه على اغتِنامِ الحَسَناتِ وزِيادةِ الأَجرِ، ويُشجِّعُهم على التَّسابُقِ في مَرْضاةِ اللهِ عَزَّ وجلَّ والتَّسارُعِ إلى جَنَّتِه.