لذلك نجد كليهما مهموم هميم ومضطرم القلب بالحكايات الجادة الأصيلة، وقبلها بالرسالة التعليمية التي تحملها الأحداث على أجنحتها…) ص5. وأحسب أن اقتفاء أثر هذين العالمين الألمانيين، فيلهلم وياكوب غريم، اللسانيين والفيلولوجيين والجامعين المصنفين للحكايات الخرافية في اللسان الألماني، من طرف هذين المؤلفين السودانيين، لا يمكن أن يعني سوى أن المتن الحكائي الذي أمامنا يتشكل هو الآخر من حكايات خرافية مما ظل أهل السودان يتداولونه، فيتناقلونه جيلا تاليا عن جيل سابق، وممن تكفلت النساء العواجيز والرجال الشيوخ بصيانته في الذاكرة وتواتره شفويا. وقد أكد المؤلفان نفساهما، عبد الله عثمان التوم ومحمد بدوي مصطفى، هذا الأمر حين سجلا في المقدمة أن ( كليهما مهموم هميم ومضطرم القلب بالحكايات الجادة الأصيلة)، وحين نبها إلى إسهام غيرهما في صياغة وتشكيل بعض نصوص هذا المجموع الحكائي، فقد أوردا في ص 42 أن حكاية "الطفلة آيبا" تمت (بالتعاون مع نورين شرف الدين)، وفي ص 159 ذكرا أن حكاية "أميناتا" جاءت (بالتعاون مع سلمى محمد بدوي). قصص قصيرة - صفحة 38. ثم إن قراءة متمعنة في النصوص الحكائية، التي يتشكل منها هذا المتن، تسعف على وضع اليد على الطبيعة الخرافية لهذه الحكايات الأربع عشرة.
منتدى القراء عن حكاية العائلة وتعليم النظام البيئي "قصص قصيرة من قلب إفريقيا" مؤلف سردي، صدرت طبعته الثانية عن دار بدوي للنشر والتوزيع في ألمانيا، مستهل السنة الحالية 2022. قصص رومانسية قصيرة عن الفراق. وقد وقف على إنجازه وإخراجه مؤلفا ورقيا، أعني نقله من الشفوية L'Oralité إلى الكتابة L'Ecriture الكاتبان الأستاذان: عبد الله عثمان التوم ومحمد بدوي مصطفى. ففي الإهداء الذي مهره باسميهما هذان الكاتبان، وتقدما به إلى (ملاكه الأصليين والذين حفظوا لنا هذا التراث القيم) كشفا لنا من خلال عبارتهم هذه وما سيليها أن النصوص السردية التي يتشكل منها متن هذا المؤلف تنتمي في الأصل إلى ما يتم تداوله من نصوص حكائية بين عموم ساكنة الشرق الإفريقي، مادام هذان المؤلفان ينتميان إلى هذا الصقع الإفريقي المعروف باسم السودان. ومعلوم أن ما يتم تداوله في عموم القارة الإفريقية لا يتوسل عادة سوى اللغات واللهجات المحلية، ولا يتقدم سوى شفويا، وهو ما نستفيده منطبقا على هذه المجموعة من النصوص الحكائية، لا سيما والمؤلفان يقران بجمعهم لها من لدن غيرهم ممن تكفلوا باحتضانها وحفظها مع سردها، ثم نجدهما يسمان هؤلاء (الملاك الأصليين) بأن (جلهم أميون لم يدخلوا عالم الكتابة والقراءة) ص3.
توتا 05-10-2007 05:46 AM بواسطة خديجه 3 2, 164 adham-55 05-10-2007 01:13 AM بواسطة sami_ali 39 14, 549 ABUMOHANAD 05-09-2007 09:58 PM بواسطة entsaar 3 2, 303 lana03 05-09-2007 08:10 PM بواسطة lana03 3 5, 347 NABD 05-09-2007 08:03 PM بواسطة جوجوي 51 9, 648 نبيل المجهول 0 2, 353 sas2000 05-09-2007 12:58 PM بواسطة sas2000 0 1, 295 نسائم 05-08-2007 10:30 PM بواسطة تبسم 6 2, 271 FR! END 05-08-2007 08:43 PM بواسطة FR! END 0 3, 897 osama ali 05-08-2007 12:10 PM بواسطة osama ali 13 4, 038 الداعية 41 6, 944 jaafar14 05-07-2007 03:25 PM بواسطة jaafar14 3 1, 223 silva 1 1, 428 نبيل المجهول 1 1, 442 fares alsunna 13 3, 053 نبيل المجهول 4 1, 496 lovehatika 09-18-2006 07:08 PM بواسطة lovehatika 4 2, 017 جمال الحسينى 1 1, 571 snipy 04-23-2006 09:55 PM بواسطة snipy 4 1, 410
في الحكايات المذكورة آنفا كانت الجدات هن الساردات، وفي حكاية "الثعلب الوديع" قام بالسرد الجد (… على مسمع ومرأى حفيدته تونا التي تربعت عرشها بجانبه، اتكأت على جنبها الأيسر وغرست راحة يدها اليسرى في خدها وامتطت ساعتئذ براق الحكايات وسبحت تحلق في آفاق قصة جدها…)ص132. وكل هذا يفيد الدلالة على أن الكبار في السن هم من يتكفل بالحكي، وبذلك يقومون بتربية الصغار، فيعلمونهم أولا "حسن الإصغاء"، ألم يوص به أحد البلاغيين ابنه، حين سأله عن أول درجات البلاغة، فالصغار في الحكايات يأتون بصخبهم وتعاركهم، حتى إذا شرع الجد، أو الجدة، في الحكي التزموا الصمت وأحسنوا الإصغاء، وانطلقوا متفاعلين مع ما يحكى، وصائغين أسئلتهم التي تكشف لهفتهم وتعطشهم للمعرفة. إن قراءة متمعنة في نصوص هذا المتن الحكائي تسعف على وضع اليد على الطبيعة الخرافية لهذه الحكايات الأربع عشرة، وتمكن من تأكيد الرسالة التي أراد الأخوان (عبد الله عثمان التوم ومحمد بدوي مصطفى) إبلاغها إلى متلقي متنهما الحكائي هذا. لقد استهدف المؤلفان نقل ما كان يتداول شفويا عند أهلهم خوفا عليه من الضياع والتبدد بسبب النسيان وما تستجلبه الحياة المعاصرة والحديثة من انشغال عما توارثه الأخلاف عن الأسلاف، وبذلك راما تأكيد أن أفريقيا تمتلك ثقافة وحضارة تخصها وتشترك فيها الشعوب التي تعيش فوق ثراها متعايشة، مهما اختلفت إثنياتها وتباينت معتقداتها، ومهما تباعدت أصقاعها وتنوعت أنظمتها وأنساقها السياسية.
أسرع "جوليان" إلى المقبرة قبل شروق الشمس, فدفن التابوت الفارغ, حتى لا يدري بسرهما أحد.. ولزمت" فيكتورين" مسكن "جوليان" عدة أيام حتى استرجعت صحتها كاملة موفورة.. ومع إخلاص "جوليان" النادر اتفقت معه على السفر الى أمريكا حيث يبدآن حياة جديدة.وبعد عشرين سنة كاملة عادا الى باريس لقضاء إجازة قصيرة.. وفي إحدى الحفلات, وقفت "فيكتورين" بين المدعوين, وفجأة تولتها رعشة عنيفة, شاهدت عينين ثاقبتين تطيلان التحديق فيها.. إنهما عينا "رينل" زوجها السابق الذي تقدم لها قائلاً: إنك تشبهين كثيراً سيدة أعرفها! !أفزعها الموقف.. وظنت أنه يشك في أنها هي زوجته.. وأمام صمتها الرهيب ظل "رينل" يصعد بنظراته حتى توقف عند ذراعها الأيسر.. فتجمد الدم في عروقها لأنها تذكرت أنه قذفها مرة بقطعة حديد أصابت ذراعها هذا بجرح عميق ترك أثراً بعد التآمه.. فصاح"رينل": "فيكتورين"!!!
في العنوان، الذي تكلل به هذا المجموع الحكائي، اختار المؤلفان اصطلاح (قصص قصيرة) لتعيين النوع الأدبي الذي يرومان أن تنتمي إليه النصوص المشكلة لهذا المتن. والحال أن (قصص قصيرة) اصطلاح أدبي حديث دخل لغتنا وأدبنا العربيين الحديثين والمعاصرين، ويقوم إلى جانب اصطلاحات أدبية أخرى، هي: الأقصوصة، والقصة القصيرة جدا، والنوفيلا، ثم الرواية بمختلف نماذجها. ووجد كل واحد من هذه الاصطلاحات لوسم وتمييز نوع من أنواع الإبداع الأدبي النثري، إذ كلها تندرج تحت جنس أدبي واحد هو السرد. وللحق، فإن ما يتضمنه هذا المؤلف من نصوص سردية يتعذر إدراجه ضمن أحد الأنواع المذكورة، بقدر ما يتحقق له الوجود الشرعي والانتماء الأصيل إلى نوع أدبي قديم قدم الإبداع النثري. وهو النوع الأدبي السردي والنثري الذي نلفيه حاضرا بقوة في كل الثقافات والحضارات الإنسانية منذ أقدم العصور، والذي اتفق على تسميته "الحكاية الخرافية". ويتمثل مبرر إنمائنا لهذه النصوص إلى ما يعرف باسم "الحكاية الخرافية " في كون المؤلفين يصرحان في المقدمة بأنهما يحاولان (…في هذه المجموعة القصصية الفريدة، وبكل تواضع، أن يقتفيا ويلمسا أثر الكاتبين الألمانيين "الأخوين غريم".