فدلًت الآية على وجوب الإيمان بجميع الرسل عليهم الصلاة والسلام دون تفريق، فلا نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض كحال اليهود والنصارى. «وقال صلى الله عليه وسلم عن الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره» (١). وإن ما تعانيه الدول - التي يسمونها دولا متقدمة ومتحضرة - من أنواع الاضطراب والهموم والشقاء والتفكك، إنما هو بسبب الإعراض عن الرسالة. [معنى الإيمان بالرسل] ب- معنى الإيمان بالرسل: هو التصديق الجازم بأن الله بعث في كل أمة رسولا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن الرسل كلهم صادقون مصدّقون، أتقياء أمناء، هداة مهتدون، وأنهم بلّغوا جميع ما أرسلهم الله به، فلم يكتموا ولم يغيّروا، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفا ولم ينقصوه، كما قال سبحانه: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النحل: ٣٥] (٢). (١) أخرجه مسلم. 002 الفصل الثاني: الإيمان بالرسل معناه وأهميته والصلة بينه وبين الإيمان بالله - الموسوعة العقدية. (٢) سورة النحل آية: ٣٥.
المبحث الأول: معنى الإيمان بالرسل. المبحث الثاني: أهمية الإيمان بالرسل. المبحث الثالث: الصلة بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل. المبحث الرابع: ما يجب علينا نحو الرسل. المبحث الخامس: وجوب الإيمان بجميع الرسل. المبحث السادس: ثمرات الإيمان بالرسل.
(الإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور):الأول: الإيمان بأن رسالتهم حقّ من الله تعالى، فمن كفر برسالةِ واحد منهم فقد كفر بالجميع. الثاني: الإيمان بكل من سمى الله من الأنبياء، مثل: محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام، وأما من لم نعلم اسمه منهم فنؤمن به إجمالًا. معنى الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام؟ - أسهل إجابة. الثالث: تصديق ما صحَّ من أخبار الرسل. الرابع: العمل بشريعة الرسول الذي أرسل إلينا وهو أفضلهم وخاتمهم محمد ﷺ. (آيات الرسل ومعجزاتهم): هي أمور خارقة للعادة يظهرها الله تعالى على أيدي أنبيائه ورسله على وجه يعجز البشر عن الإتيان بمثله، ومن أمثلة تلك المعجزات والآيات: إخبار عيسى عليه السلام قومَهُ بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم، ومثل تحويل عصا موسى عليه السلام حية، ومثل انشقاق القمر لنبينا محمد ﷺ. (من صفات الرسل):1/ أنهم بشر، يأكلون ويشربون، ويمرضون ويموتون، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾ [الأنبياء: 7] لكنهم بلغوا الكمال في الخِلقة الظاهرة، كما بلغوا الذروة في كمال الأخلاق، كما أنهم خير الناس نسبًا ولهم من العقول الراجحة، واللسان المبين ما يجعلهم أهلًا لتحمل تبعات الرسالة والقيام بأعباء النُبوَّة.
وأول الرسل بعد الاختلاف: نوحٌ عليه السلام؛ لأن أمته التي بُعِث إليها كانت أول مَن اختلف وغيَّر وبدَّل وكذب؛ قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ... ﴾ [غافر: 5].
2/ أن الله خصهم بالوحي دون بقية الناس، كما قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الكهف: 110]. 3/ أنهم معصومون فيما يبلِّغون عن الله، فهم لا يخطئون في التبليغ عن الله، ولا يخطئون في تنفيذ ما أوحى الله به إليهم. الإيمان بالرسل. 4/ الصدق، فالرسل عليهم السلام صادقون في أقوالهم وأعمالهم، قال تعالى: ﴿ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 52]. 5/ الصبر، فالرسل كانوا مبشِّرين ومنذرين، يدعون إلى دين الله تعالى، وقد أصابتهم صنوف الأذى وأنواع المشاق، ومع ذلك فقد صبروا وتحمَّلوا في سبيل إعلاء كلمة الله، قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]. (خصائص الرسالة المحمدية):1/ أنها خاتمة للرسالات السابقة، قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب: 40]. 2/ أنها ناسخة للرسالات السابقة، فلا يقبل الله من أحد دينا إلا باتباع محمد ﷺ، ولا يصل أحد إلى نعيم الجنة إلا من طريقه، فهو ﷺ أكرم الرسل، وأمته خير الأمم، وشريعته أكمل الشرائع، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١) ﴾ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن يقاتلكم أهلُ الكتاب من اليهود والنصارى يهزَموا عنكم، فيولوكم أدبارهم انهزامًا. فقوله:"يولوكم الأدبار"، كناية عن انهزامهم، لأن المنهزم يحوِّل ظهره إلى جهة الطالب هربًا إلى ملجأ وموئل يئل إليه منه، خوفًا على نفسه، والطالبُ في أثره. فدُبُر المطلوب حينئذ يكون محاذي وجه الطالب الهازِمِِة. ="ثم لا ينصرون"، يعني: ثم لا ينصرهم الله، أيها المؤمنون، عليكم، لكفرهم بالله ورسوله، وإيمانكم بما آتاكم نبيكم محمد ﷺ. لأن الله عز وجل قد ألقى الرعب في قلوبهم، فأيدكم أيها المؤمنون بنصركم. [[في المطبوعة: "قد ألقى الرعب في قلوب كائدكم"، وهو تصحيح لما في المخطوطة: "قد ألقى الرعب في قلوب فأيدكم"، وظاهر أن"قلوب" صوابها"قلوبهم"، واستقام الكلام على ما في المخطوطة. ]]. لن يضروكم الا أذى (وجدنيات ) - الشيخ وجدي غنيم - الطريق إلى الله. وهذا وعدٌ من الله تعالى ذكره نبيه محمدًا ﷺ وأهل الإيمان، نصرَهم على الكفرة به من أهل الكتاب. وإنما رفع قوله:"ثم لا ينصرون" وقد جَزم قوله:"يولوكم الأدبار"، على جواب الجزاء، ائتنافًا للكلام، لأن رؤوس الآيات قبلها بالنون، فألحق هذه بها، كما قال: ﴿وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [سورة المرسلات: ٣٦] ، رفعًا، وقد قال في موضع آخر: ﴿لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا﴾ [سورة فاطر: ٣٦] إذْ لم يكن رأس آية.
"وَلَا تطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهمْ" جاءت الأية في اتباع سبيل الله والبعد عن المشركين. وإن كان في الاستطاعة أذيتهم ابتعد عنهم فحسابهم عند الله. "وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ" جاءت الأية في قول الرسل لأقوامهم أن يثقوا بالله وبدفاعه عنهم. وأنهم أتبعوا طريق النجاة من عذاب الله والصبر على أذى المشركين لهم جراء دعوتهم للإسلام. "فَإِذَا أوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ" جاءت تلك الأية فيمن يؤمن بالله وعندما يصيبه أذى المشركين يكون فتنة الناس في الدنيا ويرجع إلى الكفر مرة أخرى. آل عمران الآية ١١١Ali 'Imran:111 | 3:111 - Quran O. شاهد من هنا: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة لماذا حرم الله الأذى بعد عرض آية قرآنية عن أذية الناس، نعرض لماذا حرم الله الأذى؟ فقد حرم الله الأذى. لأنه من عمل الشيطان فالمسلم الحق يحب لأخيه المسلم الخير ولا يحاول إيذائه بأي طريقة لا بالقول ولا بالفعل. ولأن أذى المؤمن يسبب سخط الله وغضبه، وقد حذر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من أذية الناس حتى بأمور قد لا تخطر على بال الإنسان أنها قد تؤذي غيره. كما ورد في الحديث الشريف:" إيّاكم والجلوسَ في الطرقات".
وكلتا الفرقتين -أعني اليهود والنصارى- مكذبة، فذلك فسقهم وخروجهم عن دينهم الذي يدعون أنهم يدينون به، الذي قال جل ثناؤه: " وأكثرهم الفاسقون ". * * * وقال قتادة بما:- 7625- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون "، ذم الله أكثر الناس. ------------------------ الهوامش: (20) في المطبوعة: "ثعلبة بن سعيد" ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبته من المخطوطة و"سعية" بالسين المهملة المفتوحة والياء المنقوطة باثنين. وسيأتي على الصواب في خبر إسلامه وإسلام أخيه ، بعد قليل ، رقم: 7644. (21) انظر تفسيره"الفسق" فيما سلف 1: 409 ، 410 / 2: 118 ، 399 / 4. 135 - 141 / 6: 91. (22) في المخطوطة والمطبوعة: "وفي كل الكتابين... تفسير آية: (لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون). " ، وهو تحريف ، والصواب ما أثبت.
ولم يمض على هذه الوعود الإلهية والبشائر السماوية زمن حتّى تحققت برمّتها في حياة الرسول (ص) وخاصّة بالنسبة إلى اليهود القاطنين في الحجاز (بني قريظة، وبني النضير، وبني قينقاع، ويهود خيبر وبني المصطلق) الذين آل أمرهم إلى الهزيمة في جميع ميادين القتال والإندحار أمام القوى الإسلامية بعد أن إقترفوا سلسلة من التحرشات والمؤامرات ضد الإسلام والمسلمين. اليهود والمصير الخطير: إن الآيات المذكورة وإن لم تصرح باسم اليهود ولكن بقرينة القرائن الموجودة في هذه الآية والآيات السابقة وكذا بقرينة الآية 61 من سوره البقرة ونظائرها ممّا صرّح فيه باسم اليهود يستفاد أن قوله تعالى: (ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلاّ بحبل من الله وحبل من الناس) يرتبط باليهود، ويعنيهم. ففي هذا المقطع من الآية يقول سبحانه: أن أمام اليهود طريقين يستطيعون بهما أن يتخلصوا من لباس الذلة: إما أن يعودوا إلى الله، ويعقدوا حبلهم بحبله، وإما أن يتمسكوا بحبل من الناس، ويعتمدوا على هذا وذاك، ويعيشوا ذيولاً وأتباعاً للآخرين. وتعني لفظة "ثقفوا" المأخوذة من "ثقف" على وزن "سقف". الحذق في إدراك الشيء، والظفر به بمهارة. ويقصد القرآن من ذلك: أن اليهود أينما وجدوا فإنهم يوجدون وقد ختموا بخاتم الذلة على جباههم مهما حاولوا اخفاء ذلك- وكان ذلك هي الصفة البارزة لهم بسبب مواقفهم المشينة من تعاليم السماء، ورسالات الأنبياء العظام، إلاَّ إذا عادوا إلى منهج السماء، أو استعانوا بهذا أو ذاك من الناس لتخليصهم من هذا الذل.
3-سورة آل عمران 111 ﴿111﴾ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ لن يضركم هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب إلا ما يؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك والكفر وغير ذلك، فإن يقاتلوكم يُهْزَموا، ويهربوا مولِّين الأدبار، ثم لا ينصرون عليكم بأي حال.
القرآن الكريم - آل عمران 3: 111 Ali 'Imran 3: 111
هذا ما يريده (الذي تولى كِبْرَها منهم) فتأمّلوها.. لكن الله تعالى ناصر المؤمنين، يأبى إلا أن يكون مع الذين اتقوا، وهم الذين يطلبون النُصرة منه وحده (بصدق اللهجة وبصفاء النوايا) وهو سبحانه دائماً مع الأكثر معرفة وعملاً بهدايات كتابه العزيز: «... وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ». فأبشري يا قطر.. أبشروا يا كلّ من ينتمي ويُخلص لهذه الدار.. واستبشروا خيراً بقيادتكم فإنكم بين أيدٍ متوضئة مؤمنة.. وأبشر أيها القائد المُظفّر لبلادنا العزيزة الأبيّة الرحيمة بالمستضعفين، والمستعصية بقوة الله على المتربصين.. استعاذة من القلب للقيادة: أُعيذكَ أن يُباغِتكَ البعيدُ وأنْ يَعلو على الحُرِّ العبيدُ أعيذُكَ أنْ تُمَسَّ الدارُ شبراً وأن يَنْداحَ في الوطن الحسودُ أُعيذكَ أن تُغيرَ بلا زنادٍ وأن يتأخّرَ المددُ المديدُ ولنا لقاء والسلام