{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} أي: وقت سريانه وإرخائه ظلامه على العباد، فيسكنون ويستريحون ويطمئنون، رحمة منه تعالى وحكمة. والفجر وليال عشر (مطوية). { هَلْ فِي ذَلِكَ} المذكور { قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} أي: [لذي] عقل؟ نعم، بعض ذلك يكفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. { 6 - 14} { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} يقول تعالى: { أَلَمْ تَرَ} بقلبك وبصيرتك كيف فعل بهذه الأمم الطاغية، وهي { إِرَمَ} القبيلة المعروفة في اليمن { ذَاتِ الْعِمَادِ} أي: القوة الشديدة، والعتو والتجبر. { الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا} أي: مثل عاد { فِي الْبِلَادِ} أي: في جميع البلدان [في القوة والشدة]، كما قال لهم نبيهم هود عليه السلام: { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5)} [الفجر] { وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ}: أقسم تعالى يأوقات فاضلة فيها صلوات مباركة منها الفجر الذي يشهد على بديع صنعة الله في إدبار الليل وإقبال النهار وصلاته المشهودة, كما أقسم سبحانه بالليالي العشر المباركة من رمضان او من ذي الحجة, وما فيها من طاعات وبركات نازلة من السماء, وأقسم عز وجل بباقي الصلوات شفها ووترها, والليل وما فيه من آيات باهرات وصلوات مباركات وقربات ودعوات.
نحن مدعوون إلى التراحم... إلى أن يرحم بعضنا بعضاً في الوقت الذي نزغ الشيطان فيما بين أبناء أمتنا فمزق مجتمعنا وجعل بعضنا يتنكر لأخيه، ويبارزه بالعداء ويظاهره بالكراهية. وبفعل مؤامرة قذرة فتحنا قلوبنا لدخول مشاعر الحقد فيها مما جعلنا أنكاثا. وجعلنا مختلفين متنازعين فيما بيننا. وَالْفَجْرِ... وَلَيَالٍ عَشْرٍ - المصحف المجود - الشيخ محمد صديق المنشاوي - YouTube. علينا أن نراجع أنفسنا، علينا أن نصحح مسارنا. إن أعظم قربة يمكن أن نتقرب إلى الله عزَّ وجل بها في هذه الأيام إنما هي أن يرحم الغني منا الفقير، والقوي منا الضعيف، والعالم منا الجاهل، وذو الجاه أن يرحم الآخرين، كلنا مدعوون إلى أن نتراحم وأن نتعاطف وأن نتعاون، وأن يبذل كل منا جهده في مساعدة إخوانه، لا أن يستغل بعضنا بعضاً، أجور المنازل أصبحت محلقة، وأسعار السوق تجد أن أحدنا لا يكتفي بالنسبة المقدرة يوماً ما للربح بل يحاول أن يستغل فترة الغلاء فيزيد الغلاء غلاء، ويزيد في الاستغلال استغلالاً. هذه الحالة هي مرض خطير يمنع عنا رحمة الله عزَّ وجل، ألم يقل النبي r: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، أما إذا كنا لا نتراحم فإن رحمة الله عزَّ وجل سوف يحرم منها من حرم من رحمة إخوانه، وسيجد عاقبة استغلاله وظلمه وتحكمه في إخوانه في حياته في الدنيا قبل الآخرة، لا ينبغي أن تكون مشاعرنا متبلدة تجاه بعضنا، بل يجب أن تستيقظ في مشاعرنا معاني الرحمة تجاه إخواننا تجاه جيراننا تجاه أرحامنا، تجاه إخواننا.
وكل سورة تحكي تفاصيل حدث معين من كرم وشجاعة وقتل وقتال ثم زعموا آن آية التطهير نزلت في نساء النبي ، ليشمل ذلك عائشة وحفصة فيكن من آل البيت. والكثير من هذه المزاعم الغير منطقية. ولكن عندما يقول أئمة آل البيت وعلمائهم ان سورة الفجر نزلت في الحسين عليه السلام ، تثور ثائرة ذلك البعض ويعتبر ذلك غلوا. لماذا تكرهون الحسين؟ المصادر: 1- كتاب: ثواب الأعمال الشيخ الصدوق صفحة: 150. والفجر وليال عشر للاطفال. و وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٦ - الصفحة ١٤٤، حديث رقم: (7569) 12. و يُنظر في ذلك تفسير الشيخ هيثم البحراني تفسير سورة الفجر. الشيخ ميثم البحراني مؤلف وفيلسوف بارز في القرن الثالث عشر في شرق شبه الجزيرة العربية. وقد ورد في الحديث عن الامام الصادق (ع) أنه قال: (اقرأوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فإنها سورة الحسين عليه السلام. من قرأها كان مع الحسين عليه السلام يوم القيامة في درجته من الجنة).
فيا أيها المؤمنون. ادعوا اللهَ واسألوه، واحرصوا على الأخذِ بآدابِ الدعاء، التي تزيدُ في أجرِه، وتغلِّبُ إجابتَه، فإن للدعاءِ آداباً واجبةً ومستحبةً، لها أثرٌ بالغٌ في تحصيلِ المطلوبِ، والأمنِ من المرهوبِ. فمن آدابِ الدعاءِ الواجبةِ: أن يخلِصَ العبدُ في دعائِه لله تعالى، فلا يدعو معه أحداً، بل يدعوه وحده لا شريكَ له، كما أمرَ اللهُ بذلك: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً ﴾( [11]). فدعاءُ غيرِ اللهِ وسؤالُه كدعاءِ الأمواتِ مثلاً أو الأحياءِ شركٌ، تحبَطُ به الأعمالُ، ويجنى به غضبُ اللهِ الواحدِ القهارِ، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، ووحِّدوه بالسؤالِ والدعاءِ والطلبِ: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ ( [12]). إن من آدابِ الدعاءِ: دعاءَ اللهِ بأسمائه الحسنى وصفاتِه العليا، والثناءَ عليه وحمدَه، كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ ( [13]). ثم بعد ذلك الصلاةُ على خاتمِ الرسلِ صلى الله عليه وسلم ، فإن عمرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه قال:"إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِوَالأَرْضِ لاَ يَصْعَدُ مِنْهُ شَىْءٌ حَتَّى تُ صلى عَلَى نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم " ( [14]).
استقبلوا القبلةَ حالَ الدعاء، احمدوا الله تعالى وأثنوا عليه بكلِّ خيرٍ، صَلُّوا في دعائِكم على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وأحسِنوا الظنَّ باللهِ تعالى، وأمِّلوا منه الخيرَ، ثم اعلموا بارك الله فيكم أن دعاءً، توفرت فيه هذه الصفاتُ، لا يكاد يُردُّ أبداً. ( [1]) أخرجه أبو داود ( 1479)، والترمذي(2969)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه ، وصححه الترمذي. ( [2]) سورة غافر (14). ( [3]) سورة غافر (60). ( [4]) أخرجه الترمذي ( 3373) ، والبخاري في "الأدب المفرد " (2 / 114)، وابن ماجه ( 3827) ، وأحمد (2 / 443 ، 477) وقال الترمذي: ( لا نعرفه إلا من هذا الوجه). ( [5]) سورة يونس (107). ( [6]) أخرجه أبو يعلى 4/312. ( [7])" صحيح البخاري" (1145)، ومسلم(758). ( [8]) حلية الأولياء 4/43. ( [9]) أخرجه أحمد (3/18) ، والحاكم (1/670 ، رقم 1816) وقال: صحيح الإسناد". ( [10]) أخرجه الترمذي (2139)،والطبرانى (6/251)، والبزار (6/502)،وقال الترمذي:" حسن غريب". ( [11]) سورة الجن (18). ( [12]) سورة الرعد (14). ( [13]) سورة الأعراف (180). ( [14]) أخرجه الترمذي (486)، قال الحافظ في "نتائج الأفكار":"أخرجه موقوفاً، وفي وسنده أبو قرة الأسدي لا يعرف اسمه ولا حاله، وليس له عند الترمذي ولا أصحاب السنن إلا هذا الموقوف، وهو من رواية النضر بن شميل عنه، وقد رواه معاذ بن الحارث عن أبي قرة مرفوعاً، أخرجه الواحدي، ومن طريقه عبد القادر الرهاوي في الأربعين، وفي سنده أيضاً من لا يعرف".
فاسألوا اللهَ أيها المؤمنون، واطلبوا منه كلَّ حاجاتِكم، دقيقَها وجليلَها، قريبَها وبعيدَها، فإن الأمرَ كله بيدِ اللهِ، لا مانعَ لما أعطى ولا معطيَ لما منعَ، قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِه ِ ﴾ ( [5]) قالت أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها: " سلوا اللهَ كلَّ شيء، حتى الشسعَ – أي: حتى سيرَ النعلِ - فإن اللهَ لو لم ييسرْه لم يتيسرْ " ( [6]). فسلوا اللهَ عبادَ اللهِ كلَّ شيءٍ، فإن اللهَ يحبُّ عبدَه الذي يسألُه ويتملَّقُه، ويُنزِلُ به حوائجَه، ويلحُّ في سؤالِه وطلبِه، فإنه سبحانه جوادٌ كريمٌ، يداه مبسوطتان، ينفقُ كيف يشاءُ، فتباركَ اللهُ رب العالمين، بيده الملكُ وهو على كل شيء قدير. إن من تمامِ جودِ اللهِ تعالى وكرَمِه، ومن كمالِ غناه وقيُّوميَّتِه، أنه سبحانه وتعالى يعرِضُ على عبادِه مسألتَه وطلبَه، ففي "الصحيحين"عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «ينزلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدُّنيا حينَ يبقى ثلُثُُ الليلِ الآخرُ، فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له؟ من يسألني فأعطيَه؟ من يستغفرني فأغفرَ له؟» ( [7]).
فيا عبد الله، أي غبنٍ، وأي خسارةٍ، في تَرْكِ سُؤالِ ربٍّ جوادٍ كريمٍ، بيدِهِ الخيرُ كُلُّه، وإليه يرجعُ الأمرُ كلُّه؟! ربٌّ بلغَ جودُه وغناه أنه يستدعِي عبادَه ليسألوه من كلِّ ما يريدون، قال وهب بن منبه رحمه الله لرجلٍ كان يأتي بعضَ الأغنياءِ ليعطوه: ويحَك، تأتي من يغلقُ عنك بابه، ويظهرُ لك فقرَه، ويواري عنك غناه، وتتركُ من يفتحُ لك بابَه، ويظهر لك غناه، ويدعوك إلى مسألتِه: ادعني أستجب لك؟!! ( [8]) فاجتهدوا عباد الله في سؤالِ مولاكم جلَّ وعلا من كلِّ ما تشاؤون، فإنكم لا تَعدِمُون خيراً ما سألتموه ورجوتموه، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلمٍ يدعو ليس بإثمٍ ولا قطيعةِ رحمٍ، إلا أعطاه اللهُ إحدى ثلاثٍ: إما أن يعجلَ له دعوتَه، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يدفعَ عنه من السوءِ مثلَها) فقال أحدُ الصحابةِ: إذاً نكثِرُ يا رسولَ الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهُ أكثرُ) ( [9]). إن دعاءَ اللهِ تعالى وسؤالَه والتضرُّعَ والشكوى إليه من أنفعِ الأدويةِ، فالدُّعاءُ عدوُّ البلاءِ، يدافعُه ويعالجُه ويمنعُ نزولَه ويرفعُه ويخفِّفُه، فـلا يهمك مع الدعـاءِ والتضرعِ أحدٌ، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يردُّ القضاءَ إلا الدعاءُ» ( [10]).
هيا بينا لنرى ماذا قال القرآن عن الصراحة قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين), التوبة: 119, أي: كونوا مع الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق وأعمالهم وأحوالهم لا تكون إلا صدقاً خالية من الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة.. وقوله تعالى: ( ليجزي الله الصادقين بصدقهم), الأحزاب: 24, أي: بسبب صدقهم في أقوالهم وأحوالهم، ومعاملتهم مع الله، واستواء ظاهرهم وباطنهم. وقال الله تعالى: ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأن